ارشيف من :آراء وتحليلات
الجزائر وسوريا: المرور إلى السرعة القصوى
اعتبرت زيارة وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية الجزائري عبد القادر مساهل إلى سوريا حدثا على غاية من الأهمية في المنطقة المغاربية. فهذه الزيارة ستفتح الباب على مصراعيه لفك الحصار الذي تفرضه بعض الدول العربية على سوريا وستشجع كثيرا من الأطراف على النسج على منوال الجزائر.
كما أكدت هذه الزيارة تمسك الجزائر بمبادئ دبلوماسيتها الرافضة لجميع أشكال التدخل الأجنبي ومساندة الدول وحركات التحرر المقاومة للاستعمار ومشاريع الهيمنة. كما أثبتت هذه الزيارة مجددا استقلال القرار السياسي الجزائري وعدم رضوخ بلد المليون شهيد للضغوط الخارجية سواء أكانت عربية أم غربية.
تضامن جزائري
وتتضامن الجزائر مع سوريا في مصابها منذ البداية وتعتبر ما يحصل على أرضها تصديًا لمشروع استعماري غربي جديد أدواته هي التنظيمات الإرهابية. فالجزائر عاشت الاستعمار والإرهاب معا وقاومتهما ودفعت الثمن باهظًا من دماء شعبها، لذلك تجد من الضروري أن تنخرط مع كل من يرفض هاتين الآفتين المدمرتين للدول.
وتعتبر الجزائر الرسمية أن الحل لتجاوز الأزمة السورية هو وحدة الجبهة الداخلية من خلال الحوار بين مختلف الفرقاء من غير الإرهابيين. كما لا بد من المصالحة بين مختلف مكونات الشعب السوري ليتم تجاوز الأزمة والتفرغ لعملية إعادة البناء وتضميد الجراح.
تعاون إقتصادي
وسيترأس مساهل الدورة الثانية للجنة المتابعة بين البلدين التي ستمهد لانعقاد اللجنة الكبرى المشتركة. ويبدو البلدان بحاجة إلى تعاون اقتصادي يعود بالنفع على كليهما خاصة مع الوضعية الإقتصادية الحرجة التي يمران بها والتي تسببت فيها الحرب بالنسبة للجانب السوري، وتراجع أسعار النفط فيما يتعلق بالجزائر.
وستعقد اللجنة الكبرى المشتركة التي ستضم وفدي البلدين بالعاصمة الجزائرية للنظر في آفاق التعاون خلال المرحلة القادمة . كما سيقع النظر فيما تم الاتفاق عليه في وقت سابق وفي سبل تفعيله من أجل تطوير العلاقات التي تبدو بحاجة إلى عملية دفع حتى تعود إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة السورية.
ردٌّ جزائري
ويرى كثير من المحللين بأن السخاء السعودي مع المغرب، والذي برز في الآونة الأخيرة من خلال دعم دول مجلس التعاون الخليجي لموقف المغرب من قضية الصحراء ومن خلال الوعود السعودية بالاستثمار في الأراضي التي مازالت محل نزاع، سببه هذا التقارب بين الجزائر وسوريا. فالجزائر هي من أشد الداعمين للصحراويين في إقامة دولتهم على كامل الساقية الحمراء ووادي الذهب وهي من الدول التي تعترف رسميا بـ"الجمهورية العربية الصحراوية".
ولعل زيارة دمشق من قبل الوزير مساهل هي رد على مجلس التعاون الخليجي الداعم للمغرب بغاية الضغط على الجزائر التي استقبلت وزير الخارجية السوري وليد المعلم على أرضها في وقت سابق. وكأن هذه الزيارة هي رسالة مفادها أن الجزائر ستذهب قدما في علاقاتها مع سوريا وأن دعم المغرب في قضية الصحراء من قبل الخليجيين لن يؤثر على موقف الجزائر من الأزمة السورية ولن يثنيها عن التراجع.