ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس: إثارة لقضايا هامشية تغطية على الفساد
يقوم رئيس حركة النهضة الإخوانية التونسية راشد الغنوشي بمساع من أجل مصالحة وطنية شاملة في تونس. والتقى في هذا الإطار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في قصر قرطاج، وعرض عليه التسريع بقانون العفو عن المتورطين في قضايا فساد خلال العهد السابق مقابل إرجاع هؤلاء لما تم نهبه من أموال وتعويضهم على المتضررين، وهو مشروع تقدم به رئيس الجمهورية في وقت سابق ولقي معارضة واسعة.
كما طلب رئيس حركة النهضة من سيد قرطاج التعويض لمن قيل أنهم ضحايا العهد السابق من أبناء حركة النهضة، ما أثار جدلا واسعا، خاصة وأن أبناء الحركة نالوا الكثير من التعويضات المالية والترقيات في الوظيفة العمومية وانتدبوا للعمل في الإدارة خلال فترة حكم الترويكا بزعامة حركة النهضة ومشاركة حزبي المرزوقي ومصطفى بن جعفر. كما أن من تضرر من العهد السابق ليسوا فقط إسلاميين بل هناك قوميون ويساريون وليبراليون لم يطالبوا يوما بتعويض.
وثائق بانما
ويفسر البعض هذه الرغبة في التسريع بالمصالحة من قبل راشد الغنوشي بالسعي لتحصين الجبهة الداخلية خشية المؤامرات الخارجية بعد أن تم الحديث عن ورود اسم رئيس حركة النهضة وقياديين آخرين منها في وثائق بانما التي تم تسريبها من أصدقاء الغنوشي الأمريكان. فالرئيس المطاح به زين العابدين بن علي وقبل إجباره على المغادرة وانقلاب قيادة الجيش عليه ورد اسمه وأسماء أصهاره في وثائق ويكيليكس تمهيدا لإزاحته.
رئيس حركة النهضة الإخوانية التونسية راشد الغنوشي
لذلك يخشى رئيس حركة النهضة أن يلقى المصير نفسه، وليس هناك من حل أمامه إلا في الاحتماء بالجبهة الداخلية وبالطرف الآخرـ أي بالدستوريين (أنصار حزب بورقيبة وبن علي) الذين طالما قام بشيطنتهم خلال فترة مجد حركة النهضة في الحكم. وفي هذا الإطار التقى الغنوشي أيضا بمحمد الغرياني آخر أمين عام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي (حزب بن علي) وكان اللقاء وديًّا - على ما يبدو - تمهيدا لمصالحة شاملة بين أعداء الأمس بدأها التقارب الذي حصل بين الغنوشي وقائد السبسي قبل اعتلاء الأخير لسدة الحكم في قصر قرطاج.
قضايا جانبية
وقد علق أحدهم على ما يحصل ساخرا بأنه لا يستغرب أن يعود بن علي إلى تونس بعد سنة ويكون في استقباله بالأحضان في مطار قرطاج الدولي راشد الغنوشي. فلا شيء بات مستغربا في تونس الجديدة. فالتحالفات السياسية تبنى وتنهار بسرعة عجيبة ليعاد بناء تحالفات جديدة بين من كان يعتقد أنهم لن يلتقوا يوما.
وتثار أيضا في تونس هذه الأيام قضايا هامشية تثير جدلا واسعا وذلك للتغطية على وثائق بانما وعلى تمرير قانون المصالحة والتعويض لأنصار حركة النهضة. ومن بين هذه القضايا تدخل وزير الشؤون الدينية في البرامج التعليمية والتي من المفروض أنها من اختصاص وزير التربية، والمثلية الجنسية وغيرها من الملفات المثيرة للجدل والتي انخرط فيها بعض المثقفين عن جهل وعدم دراية بالغاية من إثارتها في هذا التوقيت.