ارشيف من :ترجمات ودراسات

المعضلة النووية الاستراتيجية لـ’اسرائيل’

المعضلة النووية الاستراتيجية لـ’اسرائيل’

أكد المعلق الأمني في صحيفة "معاريف" يوسي ميلمان أن "ساعة الحقيقة في السياسة النووية لـ"اسرائيل" تقترب، مستشهداً بما ذكره حاييم لفنسون في صحيفة "هآرتس"، أمس عن العلل التي ظهرت في المفاعل النووي في ديمونا.

ويقول ميلمان أن "الحديث لا يدور عن علل يمكنها أن تتطور لتصبح صدوعاً كبيرة، تتسبب بانفلات اشعاع نووي من المفاعل وتعرض السكان والبيئة للخطر، بل يدور الحديث عن علل كانت متوقعة بسبب عمر المفاعل"، موضحاً أنه "منذ العام 2004، خلُصَ يوم دراسي في جامعة بن غوريون في بئر السبع نظمته لجنة الطاقة الذرية، المسؤولة عن المفاعل في ديمونا، بحسب اعتراف كبار مسؤوليها، الى وجود صعوبة في رفع مستوى أمان المفاعل".

ويشير ميلمان الى أن "المفاعل الذي اشترته "اسرائيل" من فرنسا بدأ العمل في 1963، وبحسب مواصفات المنتج، فان مدى عمر المفاعلات من نوعه هو نحو 40 سنة. وفي الندوة المذكورة قبل 13 عاماً، روى مدير عام لجنة الطاقة الذرية غدعون فرانك بانهم في الولايات المتحدة طوروا أساليب تسمح باطالة عمر المفاعلات بنحو 20 سنة أخرى. ولكن في نهاية الامر فان باب المفاعل المصنوع من المعدن والمغلف بالاسمنت السميك والمسلح، والذي يخلق القبة التي تبدو من مسافات بعيدة، لا يمكن استبداله، مثلما لا يمكن اصلاح ثقب في حمام شمسي يسرب الماء.

ويضيف ميلمان إن "مفاعل ديمونا بات عمره 53 عاماً، وقد تلقى ويتلقى علاجا "مضادا للشيخوخة" هو الاكثر تقدما في العالم، لكن السؤال هو "الى متى؟"، واذا ما استندنا الى اقوال فرانك في تلك الندوة، فقد تبقى للمفاعل سبع سنين أخرى من عمره، وبالتالي فلن يكون هناك مفر من تعطيله".

المعضلة النووية الاستراتيجية لـ’اسرائيل’

مفاعل "ديمونا" النووي

وبحسب يوسي ميلمان، فان الحديث يدور عن "اضطرار تكنولوجي ينطوي على معضلة استراتيجية هي "الاعلى مستوى"، فالمفاعل الذي اشترته "اسرائيل" من فرنسا، حسب منشورات أجنبية، كان بقوة 24 ميغا وات ويستهدف ظاهرا اغراض البحث، ولكن حسب تلك المنشورات، فقد زادت "اسرائيل" انتاجه الى 50 ميغا وات، وربما اكثر".

ووفقا لمعلومات أجنبية، "تنتج "اسرائيل" في المفاعل اليورانيوم والبلوتونيوم، والتي هي المادة المشعة لتركيب السلاح النوو،. وكان هذا، بحسب تلك المعلومات، الهدف الاصلي للمبادرين، أي أصحاب الخيار النووي في قمة الحكم في "اسرائيل"، رئيس الوزراء دافيد بن غوريون ومساعداه شمعون بيرس وموشيه دايان. وعلى هذه الخلفية نشبت خلافات في القيادة السياسية والعسكرية وكان هناك من عارضوا الخطوة مثل يغئال الون وفلاسفة مثل يشعياهو ليفوفيتش وعلماء النووي، بعضهم استقال من لجنة الطاقة الذرية".

ميلمان يوضح أن خيار "مؤيدي النووي تغلب"، مشيراً الى أنه بحسب "تلك المنشورات فقد اعتقدوا بان السلاح النووي سيشكل اساس الردع الاسرائيلي ويضمن وجود "اسرائيل" على مدى الاجيال. وبالتوازي، بلوروا ايضا سياسة الغموض النووي، التي لا تؤكد اذا كان لـ"اسرائيل" سلاح نووي، ولكنها ايضا لا تنفي".

ويضيف "كانت سياسة الغموض من الابداعات الجريئة للاستراتيجية والسياسة الاسرائيلية وقد أثبتت وتثبت نفسها، والدليل هو أن أيا من القوى العظمى لا تطالب "اسرائيل" بنزع السلاح النووي المنسوب اليها ولا تلاحقها كما لاحقت ايران مثلا، التي سعت فقط لان تصل الى حافة السلاح النووي دون أن تركب قنبلة".

ويقول "لكن سياسة الغموض تمنع "اسرائيل" ايضا من التوقيع على ميثاق منع نشر السلاح النووي، الذي يمنع ايضا تركيب مثل هذا السلاح. هذا هو الشرك الذي توجد فيه "اسرائيل" الان. ليس لـ"اسرائيل" القدرة والعتاد لبناء مفاعل نووي جديد. وهي بحاجة الى مساعدة من الخارج. واذا ما وقعت على الميثاق، ستتمكن من الحصول على مفاعلات نووية لاغراض البحث وانتاج الكهرباء، ولكنها ستكون مطالبة ايضا بان تعلن وتكشف عما لديها في الموضوع النووي والاحتكار المنسوب اليها في ذلك في الشرق الاوسط".

ويتابع ميلمان انه "وفقاً للمعلومات الاجنبية فقد ركبت "اسرائيل" في سنوات نشاط المفاعل نحو مئتي قنبلة نووية من كل الانواع والاحجام ووسائل اطلاقها. وحسب منشورات معهد السلام في السويد لديها اليوم 80 قنبلة فقط. اذا كان هذا صحيحا، فالحديث يدور عن ترسانة يمكنها أن تضمن الردع الاسرائيلي، حتى لو اغلق المفاعل ولم يعد ينتج مزيدا من المواد المشعة. غير أن المفاعل، بقبته البارزة، هو ايضا رمز "اسرائيل" كـ"قوة عظمى" نووية، وعليه فستحاول "اسرائيل" تمديد حياة المفاعل قدر امكانها. ولكن سيأتي اليوم – وهو ليس بعيدا – لا تكون فيها حتى أدوية "مضادات الشيخوخة" ناجعة"، حسب تعبيره.

 

2016-04-27