ارشيف من :ترجمات ودراسات

إيران وطريق الحرير.. الكابوس الأميركي

إيران وطريق الحرير.. الكابوس الأميركي

الكاتب :  Robert Bibeau
عن موقع     agoravox
9 نيسان / أبريل 2016

نكتب هذه المقالة بالانطلاق من نص كتبه  Gilles Munier، الخبير الفرنسي في شؤون الشرق الأوسط. وهذا النص يبحث في اندماج إيران في تحالف شنغهاي الامبريالي وابتعادها، بفعل ذلك، عن التحالف الإمبريالي الأطلسي.
يحدد الكاتب الأهمية الأساسية للمشروع الاقتصادي-السياسي الصيني المسمى "طريق الحرير الجديدة". فالصين لا تهتم بالحروب ذات التوجهات المتعددة والتي تشنها الامبريالية الأميركية في كل مكان من العالم، ابتداءً من الشرق الأوسط قبل الانتقال إلى إفريقيا، ثم إلى جنوب-شرق آسيا وأخيراًإلى أميركا اللاتينية حيث بدأت طبول الحب تقرع من جديد.

إيران وطريق الحرير.. الكابوس الأميركي
 
ذلكم أن القوة الامبريالية الجديدة والصاعدة [أي الصين) تترك هؤلاء الأميركين التعساء يتخبطون ويغرقون في الديون ويتورطون في حروب تدميرية يخسرونها الواحدة تلو الأخرى، ويتهيأون للحرب اللاحقة التي ستأتي مخيبة للآمال كسابقاتها (الأمر الذي يطلق عليه اليسار الأبله بشكل بائس اسم "استراتيجية الفوضى ويبدو ان هذه التغيرات  يعجز عن ملاحظتها اليسار الأبله بما هو سجين ترسيماته الدوغمائية الموروثة عن الحرب الباردة))، فيما هي استراتيجية يأس فوضوي لقوة عسكرية آفلة وقادرة على إشعال النيران، لكنها عاجزة عن السيطرة عليها أو عن التحكم بها أو عن إطفائها.
ندعوكم إذن إلى قراءة هذا النص وتعليقاتنا على الشأن الجيوسياسي العالمي.        

*********
"ما هي اللعبة التي كان يلعبها الرئيس الإيراني الأسبق والموصوف بالمعتدل، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، عندما غرد مؤخراً على التويتر قائلاً : "عالم الغد هو عالم الحوار، لا عالم الصواريخ" ؟
لقد تمكنت إيران بالتأكيد من التخلص من العقوبات الدولية المفروضة من قبل الأمم المتحدة. لكن الجميع يعرف، باستثناء رفسنجاني فيما يبدو، أن العالم الحالي وعالم الغد يمكنهما ألا يكونا عالماً للمداعبات الناعمة الشيقة. فكما كان متوقعاً، تتلكأ الولايات المتحدة الآن في تفعيل الاتفاق حول النووي الإيراني الموقع في جنيف. فإيران ما زالت وستظل مستهدفة من قبل الإدارة الأميركية طالما أنها لا تنخرط في الصف، أي لا تنضم إلى دائرة النفوذ الأميركي. يكفي أن نستمع إلى المرشحين للدخول إلى البيت الأبيض -دونالد ترامب وهيلاري كلينتون- لكي ينتابنا القلق ونقتنع بضرورة التسلح.

في الثلاثين من آذار / مارس الماضي، رد آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية، على رفسنجاني دون أن يسميه ولا أن يسمي التيار الذي يمثله، رد بقوله أن العالم "يشبه الغاب" (الدولة الإيرانية لا يقودها أشخاص في منتهى الليونة والنعومة، كما تلاحظون). فبالنسبة للصواريخ، يعرف الشرق الأوسط بأكمله مجمل القصة منذ إطلاق صواريخ توما هوك الأميركية خلال حرب الخليج، ومنذ أن قامت البحرية الروسية باستهداف جهاديي الرقة من بحر قزوين في تشرين الأول / أكتوبر 2015. ويمكننا أن نتخيل أعداد الضحايا ومقدار الدمار الذي يمكن أن تحدثه الأساطيل الأميركية المرابطة  في مياه الخليج وبحر عمان، إذا ما تلقت الأمر بضرب إيران (هنالك احتمال حقيقي للحرب أشد أرجحية بكثير من تهديدات دونالد ترامب الصبيانية بعزل أميركا عن أسواقها العالمية. وجيل مونييه يفهم ذلك، لكن من لا يفهمه هم اليساريون البلهاء الذين يدعون إلى عالم مختلف وغيرهم من اليساريين الذين نبتوا على هوامش الحرب الباردة).

"ليست التجارب الصاروخية الإيرانية هي ما يثير الإدارة الأميركية. ما يثيرها هو الإعلان عن مشاريع كبرى للبنى التحتية يجري إطلاقها بالشراكة مع الصين وروسيا : مشروع القناة التي تربط بحر قزوين بالخليج أو ببحر عمان، والتي تسمح للسفن الروسية بالوصول إلى :البحار الدافئة"؛ وخصوصاً ذلك المشروع الذي يحمل اسم "طريق الحرير الجديدة" (وهي طريق برية وبحرية) مقترحة من قبل الرئيس الصيني جينبينغ.

إن استقبال محطة القطارات في طهران لقطار محمل بالبضائع وقادم من الصين -على بعد 10400 كلم- يقدم صورة عما يمكن أن يكون عليه تحديث طرق السكك الحديدية التي تربط بين البلدين مروراً بكازاخستان وتركمانستان، وكل ذلك بدلاً من أن تقوم هذه البلدان بتبديد قواها المنتجة في حروب عسكرية تدميرية. فالصين وإيران وروسيا تشن حرباً اقتصادية وتجارية في تلك المنطقة من العالم، وهذا لا علاقة له مطلقاً بالخلافات القبلية بين السنة الشيعة والعلويين والسلفيين والوهابيين وداعش، وكلها خلافات تافهة قد طواها الزمن وتتلطخ فيها أيدي الرأسماليين الغربيين بدفع من شركات النفط الكبرى.

إن الشراكة التي تتنامى بين الصين وروسيا وإيران داخل منتدى شنغهاي هي، بالنسبة لواشنطن، كابوس جيوسياسي. وفي الثلاثين من آذار / مارس، أضاف آية الله علي خامنئي، أن أعداء الثورة الإسلامية الإيرانية "يستخدمون الحوار والمبادلات الاقتصادية والعقوبات والتهديدات العسكرية وما إلى ذلك من الوسائل من أجل التقدم نحو تحقيق أهدافهم". إنهم يعززون باستمرار"قدراتهم العسكرية والبالستية، فكيف يمكننا أن نقول في مثل هذا السياق أن زمن الصواريخ قد ولى ؟". إن رياح الوضوح في الرؤية تهب من الشرق الأوسط، أيها السادة الخبراء الغربيون. فإيران التي يقودها -على ما تقولون- أثرياء ذوو بصائر وفاسدون قد تشكل خطراً على السلم الدولي، لكن خطرها يظل أقل بكثير من خطر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين يقودهما مهرجون مكيافليون حمقى ورجعيون.

لنعد إلى ما قاله رفسنجاني. قال أية الله خامنئي بصوت مدو : "إذا كان هذا الكلام قد قيل عن جهل، فتلك مشكلة.أما إذا كان قد قيل عن قصد، فتلك خيانة". هل هنالك من وضوح أكبر من هذا؟

علينا أن نتذكر أن الحروب الاقتصادية والسياسية والديبلوماسية والإيديولوجية تسبق الحرب العسكرية على الدوام. وهذه الكلمات التي تدوي في النفس والصادرة عن رجال سياسيين إيرانيين يقفون على خط المواجهة لضرب بؤر الإرهاب التي أشعلتها الدول الإرهابية الغربية، يمكنها أن تلقي الضوء على الرهانات الحقيقية التي تقع خلف هذه التفجيرات الإرهابية الصغيرة التي تستأثر باهتمام وسائل الإعلام الكبرى وباهتمام اليسار الغربي، بينما القوى الامبريالية جادة في صنع الحرب العالمية الثالثة التي ستكلف أكثر بكثير من بضع مئات من الضحايا هنا وهناك (سقط خمسون مليوناً من القتلى خلال الحرب العالمية الثانية).

فيا عمال العالم : هل تريدون التخلص من الإرهاب ؟ تخلصوا إذن من الإرهابيين الذين يحكمون الدول الإرهابية الغربية !

 

2016-05-05