ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس تدخل عصر المصالحة
استبشر كثير من التونسيين بما حصل الخميس من اتفاق بين المكلف العام بنزاعات الدولة، وبين سليم شيبوب صهر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي. وينص الاتفاق على التزام شيبوب بالكشف عن أمواله ومصادرها وإرجاع ما يثبت أنها من مصادر غير مشروعة مقابل المصالحة والعفو على الرجل الذي غادر السجن لتوه.
وتم الاتفاق برعاية هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بملف العدالة الانتقالية في تونس والتي ترأسها المعارضة الشرسة السابقة لنظام بن علي الحقوقية سهام بن سدرين. كما تم الأمر بمبادرة من صهر بن علي الذي أظهر شجاعة غير مألوفة بعودته من الإمارات التي كان مقيما بها منذ الإطاحة بنظام صهره، وقضى عقوبة سجنية ثم أفرج عنه ليبادر بالتوجه إلى الهيئة التونسية المكلفة بملف العدالة الانتقالية.
نجاح رياضي
ويشار إلى أن سليم شيبوب هو الرئيس السابق لأعرق النوادي الرياضية التونسية أي الترجي الرياضي التونسي، ويتمتع بشعبية كبيرة في صفوف جماهير هذا النادي الكبير. فقد فاز شيبوب مع الترجيين بكؤوس وبطولات محلية وإفريقية عديدة وأصبح الفريق في عهده يلقب بغول إفريقيا وأصبح ترشح المنتخب التونسي إلى كأس العالم من البديهيات.
وسليم شيبوب هو زوج الابنة الكبرى لزين العابدين بن علي من زوجته الأولى نعيمة الكافي وهو منبوذ من ليلى الطرابلسي الزوجة الثانية لابن علي وكثيرا ما عانى من مضايقات من قبل الأخيرة وأفراد عائلتها. وكان خلال الفترة التي سبقت الإطاحة بنظام بن علي بعيدا عن دوائر القرار بعد أن أصبح عضوا في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ممثلا القارة الإفريقية ثم رئيسا للجنة الوطنية الأولمبية التونسية.
تونس على طريقة المصالحة
الاشتراك بين القديم والجديد
ويتجه التونسيون في الآونة الأخيرة نحو المصالحة الشاملة، فالبلاد لم تعد تحتمل المزيد من الاحتقان والتنافر السياسي الذي أضر كثيرا بجميع القطاعات. ويرى كثيرون بأن عملية بناء تونس الجديدة على أسس متينة لن تتم إلا بالاشتراك بين المنظومتين القديمة والجديدة وبنظام سياسي ديمقراطي لا يقصي أي طرف خاصة وأن هناك هيئة مكلفة بملف العدالة الانتقالية ستتكفل بتعويض الضحايا وتتقبل اعتذار المذنبين وتشرف على الصلح بين الطرفين.
ولا يرغب التونسيون بأن تتكرر التجربة العراقية وما حصل فيها من اجتثاث، في بلادهم، وهم أبعد ما يكون عن نصب المشانق والمقاصل خاصة وأن القضاء قد تكفل بالمفسدين من العهد السابق وقضى أغلبهم عقوبته السجنية. كما أن هناك توجها نحو العفو عن رجال أعمال تونسيين رحلوا إلى المغرب ويستفيد منهم الاقتصاد المغربي وتبدو البلاد بحاجة إليهم بعد أن اعرب كثير منهم عن رغبته في العودة وطي صفحة الماضي والتكفل بإنجاز مشاريع تنموية للدولة تكفيرا عن الذنب.
وقد لخص نائب رئيسة هيئة العدالة الإنتقالية في تونس ما حصل من مصالحة بين صهر بن علي والدولة بأن ما حصل هو حدث تاريخي بكل ما للكلمة من معنى وأن تونس بعد 05 مايو آيار 2016 (تاريخ التوقيع بين الطرفين) ليست تونس قبل هذا التاريخ، فالبلاد برأيه دخلت عصرا جديدا استبشر به أغلب الطيف السياسي.