ارشيف من :خاص
أوساط فلسطينية لـ’العهد’: المقاومة بقيادة حزب الله وضعت حداً لزمن الهزائم العربية
يحظى الخامس والعشرون من مايو/أيار باهتمام كبير لدى أحرار العرب والمسلمين؛ وخاصة في فلسطين المحتلة؛ كيف لا وفيه سجّل التاريخ محطة جديدة غير تلك التي اعتادت "إسرائيل" أن تكون فيها صاحبة الكلمة العليا؛ حيث اضطرت صاغرة على الاندحار من جنوب لبنان عام 2000، وكان الانتصار الذي سطرته تضحيات مجاهدين آمنوا بأن "حزب الله هم الغالبون"، وعملوا بمقتضاها حتى أزهرت دماؤهم مجداً وعزاً.
ويؤكد عضو "هيئة العمل الأهلي والوطني" في القدس المحتلة راسم عبيدات أن ما جرى في ذلك اليوم هو مدعاة فخر للأمة جمعاء؛ سيما وأنه وضع حداً لمسلسل الهزائم والانكسارات التي جلبتها المنظومة الرسمية المتخاذلة، والمتآمرة على مسيرة المقاومة منذ زمن بعيد.
وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، قال عبيدات: "لقد عملت إسرائيل لوقت طويل على تقديم نفسها في صورة الجيش الذي لا يُقهر مستغلة هوان المتنفذين من العرب؛ لكن المقاومة الإسلامية في لبنان أثبتت بالدليل القاطع أن هذا الكيان هو أوهن من بيت العنكبوت كما يقول دائماً سماحة السيد حسن نصر الله".
وأضاف، "لقد كان الـ25 من أيار بداية تحول في تاريخ العرب المعاصر، ومفصلاً هاماً ترك آثاره على ملامح الصراع في المنطقة، وأسس لتحولات كبيرة مغيِّرًا موازين القوى في المنطقة، ومفاهيم الأمن للدول، ووضع الكيان العنصري الصهيوني في مكان حرج يتهدد مستقبله بعد أن كان من المستحيل مجرد التفكير بمناقشة قوته الأسطورية، وبأن جيشه لا يقهر (..) هذا الانتصار أحدث هزة في التفكير السياسي والاستراتيجي، ما جعل الكثير من المعاهد الاستراتيجية تعيد دراسة مفاهيم الأمن والقوة في العالم، فكيف لحركة مقاومة لا تمتلك قوة عسكرية متكافئة، أن تلحق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي المدجج بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا العالمية؟!".
ولفت عبيدات - وهو أسير محرر - إلى أن انتصار المقاومة في لبنان أثبت عملياً أن إرادة الإنسان المؤمن بحقه أقوى من كل آلة الحرب المدمرة، قائلاً :" إن هذا اليوم هو بداية الانتصار العربي الحقيقي، وبداية هزيمة المشروع الاستعماري الجديد، فلم يعد الكيان الصهيوني هو من يحدد ساعة الصفر في كل حروبه، كما أنه لم يعد يحدد بداية ونهاية تلك الحروب؛ فبعد العام 2000 أصبح يحسب ألف حساب لأي عدوان يريد أن يشنه".
زمن الهزائم قد ولى ...
أما عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الشعبية" كايد الغول؛ فوصف الاندحار الصهيوني من جنوب لبنان بالإنجاز الهام.
وفي سياق حديثه، قال الغول: "إن هذه الذكرى تكتسب بُعداً إضافياً كونها تتزامن مع تسارع التحركات العربية والغربية لفرض تسوية مجحفة تتنكر للحق الفلسطيني التاريخي والثابت تحت عناوين مختلفة، وفي الوقت نفسه الذي يصور فيه بعض المتنفذين على المستوى الإقليمي قوى التحرر والمقاومة على أنها الخطر الذي يتهدد المنطقة وليس إسرائيل التي يجري الكثيرون لتطبيع العلاقات معها؛ حتى وإن كان الثمن هو التخلي عما تبقى من فلسطين وتصفية هذه القضية".
ومن جهته، رأى الخبير الاستراتيجي اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي أن من أهم الأشياء التي حققتها المقاومة في جنوب لبنان هو تأكيد صوابية نهج المواجهة في استرداد الحقوق المسلوبة؛ وأنه لا طائل من وراء السعي لخطب ود "إسرائيل" عبر طرح المبادرة تلو الأخرى للتنازل عن فلسطين وثوابتها.
وقال الشرقاوي "لقد أثبت المقاومون الأبطال أن لا مجال أبداً لكسر إرادة الشعوب الحرة التي ترزح تحت الاحتلال مهما كانت الإمكانات التي يملكها (..) المقاومة وحدها من تجبر العدو على الانسحاب صاغراً من الأرض التي يغتصبها".
وأردف قائلاً، "لقد رسخ أبطال حزب الله ثقافة المقاومة في المنطقة بكاملها، ونجحوا من خلال تحريرهم الجنوب اللبناني في تعزيز قوة المعسكر المناهض للمشروع الصهيو-غربي الذي عرف باسم الشرق الأوسط الجديد من خلال صمود المقاومة وانتصارها فيما بعد خلال حرب تموز 2006، وهو ما انعكس صداه حيث شهدنا انتصار المقاومة الفلسطينية على أرض قطاع غزة في الأعوام 2008، و2012 ، و2014 ، وهذا تحديداً مع يفسر اليوم اشتداد الهجمة على القوى الحية التي أخذت على عاتقها منع انهيار المنطقة أمام أمريكا وإسرائيل ومن يحالفهما".
وتبعث هذه القراءات والمواقف بجملة من الرسائل؛ أبرزها أن مسلسل التآمر الغربي والرسمي العربي على القضية المركزية للأمة لن يبلغ مراده؛ فالمقاومة بكل قواها يجمعها ذات المصير؛ لذا فإنها لن تفرط في هدفها المشترك، وهو التصدي للمشروع الاستعماري الذي لا يتهدد فلسطين وحدها؛ وإنما المنطقة بأكملها.