ارشيف من :آراء وتحليلات

تمثال بورقيبة محور للتجاذبات السياسية في تونس

 تمثال بورقيبة محور للتجاذبات السياسية في تونس

بات كل شيء في تونس يثير الجدل بين مكونات المشهد السياسي والمجتمع المدني والإعلام والمثقفين وحتى لدى رجل الشارع العادي. فهناك انفلات غير مسبوق في حرية التعبير جعل إمكانية التوافق على أتفه الأسباب أمرا لا سبيل إليه.
ومن بين الأشياء التي تثير الجدل في الآونة الأخيرة مسألة إعادة تمثال الزعيم الحبيب بورقيبة إلى الشارع الرئيس المسمى باسمه بقلب العاصمة التونسية. فقد تم هذا الأمر في اليوم الأول من شهر حزيران بإذن من رئيس الجمهورية محمد الباجي قائد السبسي (وزير خارجية بورقيبة الأسبق) الذي دشن النصب وسط ترحاب من قبل عدد من الأطراف ورفض من أطراف أخرى.

عيد النصر

وكان هذا التمثال قد نقله من مكانه في الشارع الرئيس للعاصمة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي بعد أن انقلب على بورقيبة في 07 نوفمبر 1987 . وتم وضع التمثال قرب ميناء حلق الوادي (مرفأ العاصمة الرئيس) باعتباره المكان الذي عاد منه بورقيبة من منفاه مظفرا بالاستقلال الداخلي في الأول من حزيران من سنة 1955 واعتبر ذلك اليوم عيدا للنصر.

 تمثال بورقيبة محور للتجاذبات السياسية في تونس

جدل في تونس


وكانت في استقبال بورقيبة بالميناء جموع غفيرة من التونسيين خرجت احتفالا بالاستقلال الداخلي وبعودة بورقيبة سالما من سجنه ثم منفاه القسري خارج الديار. وامتطى الحبيب بورقيبة صهوة جواده وسط هتافات الجماهير، ما جعل النحات يجسد هذه الواقعة التاريخية في وقت لاحق، بنحت تمثال لبورقيبة يمتطي حصانا ويرفع يده تحية للحشود الكبيرة.

رمزية التاريخ

ويرى المؤيدون لإعادة تمثال بورقيبة من ميناء حلق الوادي إلى شارع الحبيب بورقيبة بأن الأمر ضروري لإعادة الاعتبار للزعيم الراحل بعد أن حاول ابن علي طمس آثاره. كما يرون أن الأحداث التاريخية التي مرت بها تونس ومنها ذكرى النصر المجيدة يجب أن توثق في ذاكرة التونسيين وليس هناك أفضل من إعادة التمثال إلى قلب العاصمة في الشارع الذي يحمل اسم الزعيم الراحل صانع ملحمتي الاستقلال وبناء الدولة.
ويرى المعارضون، وأغلبهم من أنصار حركة النهضة التي لا تتفق مع فكر بورقيبة، أن الأمر يتعلق بعبادة أصنام حتى بعد رحيلها. كما اعتبر هؤلاء أن هناك جهات داخلية فقيرة كانت أولى بتلك الأموال التي تم إنفاقها على التمثال كما أن هناك أولويات وجب الالتفات إليها بصورة جدية في الوقت الراهن.

تكلفة بسيطة

في مقابل ذلك، يرد أنصار إعادة التمثال على هؤلاء بأن تكلفة الإعادة كانت زهيدة باعتبار أنه لم يتم نحت تمثال جديد بل نقل المجسم من مكان إلى مكان واقتصر الإنفاق على تشييد القاعدة التي سينتصب عليها بورقيبة وحصانه.
وبالتالي فإن الأموال التي رصدت لن تحل مشاكل التنمية بالجهات الداخلية وكل ما في الأمر هو أن هناك تهويلا للأمور لأن ما حصل يتعلق برجل ملأ الدنيا وشغل الناس في زمانه.

2016-06-03