ارشيف من :آراء وتحليلات
امكانية تغيير حكومي في تونس
فاجأ الرئيس التونسي محمد الباجي قائد السبسي شعبه قبيل أيام من حلول شهر رمضان المبارك بالإعلان عن رغبته في أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية عوضا عن الحكومة الحالية. كما أعلن عن أن هذه الحكومة يمكن أن يرأسها الحبيب الصيد (رئيس الحكومة الحالي) أو غيره ويجب أن يشارك فيها بالضرورة الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال).
ونتيجة لهذه التصريحات، التي ترى أطراف كثيرة أنها غير مبررة، قامت وكالات سفر روسية بإلغاء حجوزاتها في تونس وتراجعت أسهم البورصة التونسية. فقد تم إعطاء الانطباع بأن البلد غير مستقر سياسيا ما سينعكس سلبا على الأمن.
إقرار بالفشل
والحقيقة أن أداء حكومة الحبيب الصيد لم يكن مثاليا بالنظر إلى تطلعات الناخبين، لكنه ايضا لم يكن سيئا بإجماع اغلب الخبراء والمحللين. وبالتالي فإن الإقرار الضمني بفشل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية لم يكن له مبرر خاصة في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد.
تغيير حكومي في تونس
فلا يمكن إنكار ان الأداء الأمني في محاربة الإرهاب كان جيدا في عهد هذه الحكومة بخلاف سابقاتها التي تداولت على إدارة شؤون الدولة منذ ثورة 14 يناير 2011. كما أن هناك مشاريع للبنية التحتية تم التخطيط لها زمن "بن علي" هي الآن بصدد الإنجاز وساهمت هذه الحكومة في التعجيل بها.
ضعوط داخلية
ويرى البعض أن رئيس الجمهورية تحت ضغط أطراف داخلية يزعجها تواجد الحبيب الصيد على رأس الحكومة. حيث عرف عنه نزاهته ونظافة يده وحبه للعمل لساعات طوال أرهقت صحته إلى حد كبير وجعلته طريح الفراش بالمستشفى العسكري بالعاصمة.
والصيد هو ابن الإدارة التونسية فيها نشأ وترعرع في زمني بورقيبة وبن علي ومر بعدد وافر من الإدارات في مرحلة ما قبل "الثورة" وما بعدها. وبالتالي لا يمكن لمن تربى في رحم الدولة أن يفكر يوما في تدميرها خدمة لأجندات خارجية.
رفض الاتحاد
وقد رفض الإتحاد العام التونسي للشغل المشاركة في هذه الحكومة ويبدو أن اتحاد الصناعة والتجارة سيسير على خطاه. أما الأحزاب السياسية فقد انقسمت بين رافض ومؤيد لهذا القرار كل بحسب مصالحه غير عابئين بالمصلحة الوطنية التونسية.
وتأتي في طليعة القوى الرافضة لمقترح رئيس الجمهورية حزبا الإئتلاف الحاكم حليفي نداء تونس وحركة النهضة وهما الإتحاد الوطني الحر وحزب آفاق تونس. فيما عبرت أحزاب عديدة من خارج الإئتلاف عن مساندتها لتشكيل هذه الحكومة على غرار حزب المبادرة الوطنية الدستورية الذي يرأسه وزير الخارجية الأسبق كمال مرجان.
والحقيقة أن النظام البرلماني التوافقي الذي اختارته تونس في دستورها الجديد يجعل الحياة السياسية غير مستقرة والحكومات لا تعمر طويلا على غرار النظام الإيطالي. لذلك برزت دعوات تدفع باتجاه تعديل الدستور وترسيخ نظام رئاسي يحقق الإستقرار الذي يحتاجه الإقتصاد.