ارشيف من :آراء وتحليلات
معركة سرت الليبية والحسابات الميليشياوية
اقتربت معركة سرت التي تدور رحاها بين ميليشيات مصراطة التابعة لقوات فجر ليبيا التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس من جهة، وبين تنظيم "داعش" الإرهابي من جهة أخرى، من نهايتها. وبحسب الأنباء القادمة من أرض العركة فإن ميليشيات مصراطة ستتمكن قريبا من طرد الدواعش من المدينة والسيطرة عليها.
والحقيقة أن ميليشيا مصراطة وقوات فجر ليبيا عموما متهمة في وقت سابق بتسليم المدينة، التي تحارب اليوم من أجل استردادها، إلى تنظيم داعش الإرهابي. فما الذي يجعل أصدقاء الأمس يتحولون إلى أعداء يتقاتلون ويحاول كل طرف منهم إلغاء الآخر؟
ولاءات غربية
وجبت الإشارة إلى أن قوات فجر ليبيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس تضم تنظيمات إخوانية وأخرى تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب ويتم الترويج لأنها تطورت على مستوى الفكر وباتت أكثر انفتاحا وقبولا بالآخر. لكن هذه الدعاية الغربية الإخوانية لا يبدو أنها وجدت طريقها إلى التصديق من قبل من يعرفون فكر القاعدة وقناعات المنتمين إليها والمبايعين لها.
ماذا بعد معركة سرت ؟
ويدرك القاصي والداني أن ولاء قوات فجر ليبيا هو لأطراف خليجية ولتركيا وللولايات المتحدة الأمريكية ولبعض البلدان الأوروبية من رعاة ما يسمى الربيع العربي. وبالتالي فإن هذا التنظيم المسمى فجر ليبيا لا يتحرك إلا بإملاءات خارجية. ومن البديهي والحالة تلك إن تسليم مدينة سرت إلى داعش كان بإرادة خارجية، وتحريرها من داعش كان أيضا بإرادة خارجية ارتأت أنه حان الوقت لإنهاء مهام هذا التنظيم في سرت وإحالته الى التقاعد.
التصويت على الحكومة
ولعل الغاية من هذا التحرير هي أساسا كسب المزيد من مناطق النفوذ للضغط على جماعة الشرق (أي البرلمان الشرعي المنتخب المقيم في طبرق والممنوع من دخول العاصمة والجيش بقيادة اللواء خليفة حفتر) للتصويت لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة فائز السراج. فالأخير وباستقراره في طرابلس بات فبإرادة أممية غربية تحت حماية قوات فجر ليبيا ورهن إشارتها.
على جبهتين
في حين تحارب فجر ليبيا تنظيم "داعش" الإرهابي في سرت، تقدم له الدعم في بنغازي باعتباره يقاتل حفتر في العاصمة الشرقية لليبيا. وتدرك جماعة فجر ليبيا كما الغرب أن حفتر هو الخصم الرئيس الذي وجبت إزاحته من خلال إنهاكه بحرب استنزاف مع التكفيريين ثم الإجهاز عليه في وقت لاحق.
ويبدو أن الدواعش الفارين من سرت سيتوجهون إلى بنغازي لقتال حفتر. كما أن فجر ليبيا وبعد سيطرتها على سرت باتت أقرب من حفتر في الشرق الليبي وباتت لديها ورقة ضغط يمكن أن تقايض بها هذا الأخير.