ارشيف من :أخبار لبنانية

عندما تكون حرب تموز علامة فارقة في تاريخ الحروب

عندما تكون حرب تموز علامة فارقة في تاريخ الحروب

قد تكون حرب تموز عام 2006 قصيرة حيث لم تتجاوز ال 33 يوما بين بدايتها على خلفية قيام مجموعة من عناصر المقاومة  بمهاجمة واختطاف عناصر دورية عدوة من ضمن مناورة واسعة هدفت لاطلاق سراح اسرى مقاومين من سجونه ، وحتى نهايتها بعد هزيمته ووقف اطلاق النار وصدور القرار 1701 ، ولكن يمكن القول انها وبالرغم من هذه المدة القصيرة فقد طبعت المواجهة المفتوحة بين العدو الاسرائيلي والمقاومة بطابع خاص ، حيث ارست معادلات لافتة سوف تبقى علامة فارقة في تاريخ المعارك والحروب العسكرية ، وكانت المعادلة الاولى التي ارستها حرب تموز هي انها كسرت عقدة الخوف من مواجهة جيوش قوية ومجهزة ومتطورة ، فخاضت المقاومة هذه الحرب على قاعدة  الند للند وانتصرت فيها بالرغم من التفوق الواضح لدى العدو في اغلب اسلحته وقدراته  وامكانياته العسكرية .

في مواجهة طيران العدو حيث السيطرة كاملة له ، خاضت المقاومة معركة حساسة لناحية تنفيذ مناورة متقنة اعتمدت على توزيع منصات اطلاق الصواريخ المتحركة والثابتة بشكل متوازي وملائم لحركة الطائرات القاذفة والطوافات القتالية القناصة ، وايضا لناحية الاستفادة القصوى من اوقات الفراغ الخاطفة بين كل غارة واخرى وتنفيذ رماية صاروخية على هدف محضر داخل اراضي العدو ، واستمر اطلاق الصواريخ على الاهداف العدوة المحددة خلال فترة الحرب كاملة على هذا المنوال بشكل متواصل وبذات الوتيرة ،  وبقي سلاح الطيران والذي كان يلاحق منصات الاطلاق تلك باحدث الصواريخ الموجهة والقنابل الذكية عاجزا  وبالكامل عن ايقاف الاطلاق  او حتى عن تخفيف وتيرته التي نقلت الرعب والدمار الى داخل اراضي العدو و حققت اصابات اكيدة في اماكن تجمع وحدات العدو والياته وفي نقاط استراتيجية وحيوية مهمة .

عندما تكون حرب تموز علامة فارقة في تاريخ الحروب

مصيدة الميركافا في تموز

في مواجهة مدرعاته ، والتي تعتبر من الاحدث عالميا لناحية امكانياتها التكتية والتقنية في التدريع وفي سهولة وسرعة الحركة داخل ارض المعركة وفي تحديد الاهداف وتدميرها على مسافات مرتفعة ، خاضت المقاومة معركة تاريخية كانت صادمة لقادة العدو ولاغلب المراقبين والخبراء العسكريين الدوليين ، حيث بدى سلاحه المدرع ،  والذي لطالما تغنى به وبقدراته عاجزا عن تجاوز بضعة مقاومين ابطال تشبثوا بالارض في مراكز رمي مموهة على المحاور الرئيسية  لتقدم مدرعاته بين  سهل الخيام والعديسة والطيبة وامتدادا الى وادي الحجير وسفوحه الجنوبية ، وامطروها بوابل من صواريخ الكورنت المضادة للدبابات فكانت مجازر الميركافا الشهيرة والتي لن ينساها بعض طواقمها الذين خرجوا احياء من لهيب تلك المعركة المشهورة .

في مواجهة وحدات النخبة لدى العدو ، والتي نفذت اكبرانزال للوحدات الخاصة في تاريخ عملياتها العسكرية ، على هضاب مشرفة على الليطاني وفي وادي الحجير بهدف السيطرة على قاعدة ارتكاز واسعة لتأمين دخول مدرعاته وآلياته المؤللة والتوغل غربا بين الليطاني وطريق صور- بنت جبيل ومحاولة فصل عناصر المقاومة ومحاصرتهم ، وبعد ان مهّد لهذا الانزال بآلاف الغارات الجوية المدمرة وبرمايات صاروخية دقيقة وعنيفة بواسطة اكثر من سرب من طوافاته القتالية ، تكفّل بضعة ابطال آخرين من المقاومين الاشداء والذين تنقلوا بين منازل بلدات فرون والغندورية  ، بافشال انزاله الواسع هذا وتكبيد وحداته الخاصة خسائر مؤكدة جعلتهم يلغون خطتهم من اساسها بالكامل وينسحبون مسرعين تحت غطاء جوي ومدفعي ألهب محيط بقعة الانزال بآلاف القنابل والصواريخ المدخنة والمحرقة والمدمرة .

ايضا وفي مواجهة وحدات عناصر لواء غولاني ، والتي تُكلّف عادة بتنفيذ عمليات خاصة لتحضير بقعة المعركة لدخول وحدات المشاة المؤللة ، يمكن لتلك القصص التي يتداولها بعض من ضباط وجنود تلك الوحدة ان تعطي فكرة عن هول ما اصابهم في واحدة من اشرس معارك القتال وجها لوجه داخل احياء مدينة بنت جبيل. يردد هؤلاء كيف كان المقاومون يخرجون من تحت الارض ومن بين ركام المنازل التي دمرها طيرانهم ويهاجمونهم  بالقنابل اليدوية وبالمسدسات وحتى بالسلاح الابيض .

 من هنا يمكن القول ان هذه المعارك الحساسة التي خاضتها المقاومة ونجحت  من خلالها في مواجهة اسلحة العدو الرئيسية والتي هي سلاح الطيران وسلاح المدرعات ، او في مواجهة وحداته الخاصة وقوات النخبة لديه ، ارست جملة من المعادلات العسكرية والتكتية صالحة لان تشكل نموذجا ثابتا واسلوبا خاصا يمكن اعتماده في تكوين وتنظيم اية عقيدة عسكرية  لدى جيش متواضع التجهيز و الامكانيات العسكرية ، يُفرض عليه ولاعتبارات متعددة ، مواجهة  ومقاومة جيش حديث متفوق ومجهز بامكانيات وبقدرات كبيرة .

 واخيرا ... تبقى المعادلة اللافتة التي ارستها المقاومة  و التي فرضتها في حرب تموز بفضل مقاوميها وابطالها الشهداء وبفضل هذا الالتزام والايمان القوي والثابت ،  هي هذه الهستيريا التي اصابت العدو في تلك الحرب وهذا القلق المتواصل  من ما يمكن ان تمتلكه المقاومة من اسلحة ومن قدرات . هذا القلق الذي يعبر عنه دائما من خلال ما يقوم به من خطط وتدريبات و مناورات لاخلاء المستوطنات و لمواجهة صواريخ المقاومة في البر وفي البحر وايضا في الجو ، او لمواجهة عناصر النخبة في المقاومة في اية معركة برية داخل الاراضي اللبنانية او داخل فلسطين المحتلة .

2016-07-13