ارشيف من :آراء وتحليلات

وثيقة قرطاج.. استمرار للتوافق في تونس

وثيقة قرطاج.. استمرار للتوافق في تونس

اتفق جل الخبراء و المحللين على أن التوقيع على ما سمي بـ"وثيقة قرطاج" بين عدد من الأحزاب السياسية التونسية و الإتحاد العام التونسي للشغل و اتحاد الصناعة و التجارة (منظمة رجال الأعمال)، هو نجاح لصاحب مبادرة حكومة الوحدة الوطنية رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. و وثيقة قرطاج هي اتفاق على برنامج عمل حكومي أبرمته أحزاب سياسية تونسية و منظمات وطنية بقصر قرطاج تحت إشراف الرئيس ووقعت عليه كل من حركة نداء تونس و حركة النهضة و حزب المبادرة الوطنية الدستورية و الإتحاد الوطني الحر و آفاق تونس و حزب المسار و الحزب الجمهوري و حركة الشعب إضافة إلى المنشقين عن حركة نداء تونس و المنضوون تحت حزب جديد أطلقت عليه تسمية مشروع تونس.

و يتوقع أن تبدأ الأحزاب و المنظمات الموقعة مشاوراتها خلال الفترة القادمة للإتفاق على رئيس حكومة جديد قادر على تنفيذ البرنامج المتفق عليه. لكن المعضلة أن رئيس الحكومة الحالي الحبيب الصيد رفض تقديم استقالته و اختار الذهاب إلى البرلمان لسحب الثقة منه إذا أراد النواب ذلك، ويبدو أنه سيتوجه من قصر باردو (مقر البرلمان) بخطاب هام يتحدث فيه عن إنجازات حكومة ومنها التحسن في الأوضاع الأمنية الذي لمسه التونسيون في الآونة الأخيرة.

هدنة إجتماعية
و لعل الغاية الأساسية من وراء مبادرة قائد السبسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والتي تعتبر وثيقة قرطاج و تفاهماتها خطوة للوصول إليها، هي استقطاب الإتحاد العام التونسي للشغل إلى دوائر الحكم ليكون شريكا أساسيا في التخطيط لمستقبل البلاد. وسيضمن انضمام اتحاد الشغل دخول البلاد في هدنة إجتماعية تتوقف بموجبها الإضرابات لتتمكن الحكومة القادمة من العمل براحة بال.

وثيقة قرطاج.. استمرار للتوافق في تونس

مساعي لتشكيل حكومة جديدة في تونس


إذ لا يخفى على عاقل أن كثرة الإضرابات في السنوات الأخيرة قد أضرت كثيرا بالإقتصاد التونسي حيث تسببت في إيقاف إنتاج الفوسفات الذي يدر على البلاد العملة الصعبة. كما تعطلت الصناعات الكيميائية المرتبطة بالفوسفات و صناعات أخرى و تضرر القطاع الخاص و اضطر مستثمرون تونسيون وأجانب إلى مغادرة البلاد باتجاه المغرب الذي استفاد كثيرا من الفوضى التي تعيشها المنطقة.

توافقات السنوات الأخيرة
و رغم الإنتقادات العديدة التي طالت "وثيقة قرطاج" ومنها ضبابيتها و تضمنها لأمور بديهية على غرار محاربة الفساد ومحاربة الإرهاب و غيرها، إلا أن البعض يصنفها في خانة التوافقات التي تحصل بين التونسيين في السنوات الأخيرة والتي ساهمت في إنقاذ البلاد من مستنقع الإقتتال الأهلي و التخفيف من حدة الأزمة للخروج بأخف الأضرار.
ويشار إلى أن الباجي قائد السبسي، وزير خارجية بورقيبة الأسبق وابن التيار الدستوري الذي قاد معركة تحرير تونس من الإستعمار و بناء الدولة، كان قد ضمن في وقت سابق ولاء الإسلاميين ممثلين بحركة النهضة حين قام بتشريكهم في الحكم و ضمن من خلالهم أغلبية مريحة داخل البرلمان. و بالتالي يتوقع أغلب الخبراء و المحللين أن تساهم وثيقة قرطاج في ترسيخ الإستقرار و السلم الأهلي في تونس إلى أن تمر موجة الاحداث التي يشهدها العالم العربي  بسلام.

2016-07-19