ارشيف من :أخبار لبنانية
مارون الراس.. هنا كُسِرت شوكة ’اسرائيل’
مارون الراس، أرض النصر التي وطأتها أقدام المجاهدين بعزم لا يلين. بعد 8 أيام على بدء العدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006، قرر العدو الصهيوني الدفع بجنوده إلى آتون النار. معركة مارون الممتدة من 20 الى 24 تموز كانت ملحمة كشفت ضعف الجنود الصهاينة، وأثبتت مقولة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بأن ""اسرائيل" أوهن من بيت العنكبوت".
مواجهات بطولية ثبت فيها أبناء الأرض بمواجهة الغزاة، وكانوا مدرسة في الصمود أساسها الايمان والثقة بنصر الله. قوة معادية خرجت في 20 تموز من مستوطنة "أفيفيم" في الجليل الفلسطيني المحتل، حاولت عبثاً التقدم عند محور مارون الراس بالقرب من مستعمرة أفيفيم، فخرج لها المقاومون ببسالة وتصدّوا لقواتها، مدمّرين دبابتي ميركافا. قتلى العدو مكثوا طويلاً على أرض مارون، فمع محاولة قوة ثانية التدخل لسحب الإصابات والدبابات، تجددت المواجهات وأسقط المقاومون مروحية للعدو الذي سحب جنوده وانسحب من المكان.
"عبثاً يحاول جنود العدو الصهيوني التقدم باتجاه الأراضي اللبنانية لتحقيق أي نصر عسكري، ومجدداً يتصدى له رجال الله ويثبتوا له أنه جيش بلا عسكر"، هذا ما أعنته المقاومة الإسلامية في بيانها ذلك اليوم. وتابعت "آخر محاولاته كانت باتجاه بلدة مارون الراس عند الساعة السادسة وخمسين دقيقة (6.50) من صباح اليوم الخميس 20/7/2006م، حيث تصدى له المجاهدون ودمّروا دبايتي ميركافا".
غنائم من مخلفات العدو
وفي اليوم التالي، كان للجنود الاسرائيليين موعد جديد مع الخيبة. أعادت قوات العدو محاولاتها التوغل باتجاه بلدة مارون الراس الحدودية بهدف إسكات صواريخ حزب الله القريبة المدى التي تتساقط على المستوطنات، فاصطدمت بمواجهة عنيفة من قبل المقاومين الذين كبدوا المحتل سبعة قتلى و20 جريحاً، إضافة الى تدمير ثلاث دبابات ميركافا.
الاشتباكات استمرت بين المقاومين وقوات الاحتلال حتى الرابع والعشرين من تموز. أيام واجهت فيها "اسرائيل" أعنف المعارك، وكانت وجهاً لوجه أمام ضعف قواتها وجبن جنودها، وعجزها مع كل امكاناتها من السيطرة على البلدة. خسائر الصهاينة كانت ترتفع مع مرور الساعات، حتى اعترف العدو في 24 تموز بسقوط أربعة قتلى في يوم واحد.
إعلام العدو الذي كان يحاول البحث عن انجاز ما في مارون الراس يرفع فيه معنويات جبهته، خاب أمله مع اقراره بأن "قناصة حزب الله يشلون حركة الجيش الاسرائيلي على الحدود".
* تفاصيل ملحمة مارون الراس بلسان أحد المجاهدين
يروي أحد المقاومين المشاركين في عمليات التصدي لصحيفة "السفير" عام 2007، تفاصيل الكمين الذي وقع فيه الصهاينة في مارون. يشير الى أن الصهاينة كانوا قد مهدوا بالنار لغزوهم: قصفوا جبل الباط (شكيد بحسب التسمية الإسرائيلية) المواجه لبلدة مارون ومشطوا جل الدير وغابة مارون، وكان المقاومون ينتظرونهم في تحصيناتهم. عرف المقاومون بوصول الغزاة إلى الكمين المنصوب، أعطيت الأوامر لمقاوم واحد بالتصرف، أطل المقاوم المفوض بفتح المواجهة ليجد الإسرائيليين على بعد خمسة أمتار منه.
العدو يلملم قتلاه
من تلك الأمتار القليلة صوب المقاوم سلاحه الفردي "رشاش كلاشينكوف" وقتل الجندي الأول وانكفأ. إطلاق نار كثيف غطى المكان، فبدأ الإسرائيليون يطلقون نيران أسلحتهم المتنوعة في كل اتجاه، دون أن يعرفوا مصدر إطلاق النار. مرت دقائق قليلة قبل أن تعطى الأوامر للمقاوم نفسه باستطلاع الوضع.
خرج المقاوم إلى المكان الذي أردى فيه الجندي ليجد ثلاثة من رفاقه يحاولون سحبه، فعالجهم بالنار وأرداهم وعاد إلى مكانه. حتى هذه اللحظة ومجموعة جل الدير لم تنزل ساحة الوغى. كان المقاوم الأول هو نفسه الذي قلب الجبهة الشمالية رأساً على عقب وأردى أربعة من الإسرائيليين ما بين قتيل وجريح وعاد إلى مكانه.
"هاج" الإسرائيليون و"ماجوا" مستعملين مختلف أنواع الأسلحة التي بحوزتهم، إلى أن عاد المقاوم نفسه لاستكشاف موقعته: لم يسمع أي صوت، كان هناك هدوءًا تامًا". يقول المقاوم الذي يتابع روايته.
أسفرت مواجهات جل الدير وغابة مارون التي تلت موقعة المقاوم عن استشهاد مقاوم واحد من المجموعة، هو رضوان صالح من يارون.
بعد أن أصاب جنوده في جل الدير، عمد الإسرائيلي إلى محاولة احتلال مارون الراس من مدخل آخر. فتح الغزاة الشريط الحدودي في مقابل بركة الحافور ودخلوا بدباباتهم الى الطريق الرئيس التي تصل مارون الراس ببلدة يارون. في أعلى الطريق وعند مدخل مارون كانت مجموعة أخرى من المقاومين بانتظارهم تحت إمرة مقاوم مندفع ومدرب لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره.
ما إن أطل الرتل العسكري وأمامه جرافة "د 9"، حتى قصف قائد المجموعة أول دبابة ميركافا ـ 4 كانت تسير خلف الجرافة العسكرية. احترقت الدبابة ومعها سُمع صوت المقاوم في كل الجبهة المحيطة بمارون وبنت جبيل وعيترون ويارون، يقول "احترقت أول دبابة، الميركافا عم تحترق قدامي". ومع الميركافا قتل المقاوم طاقمها المؤلف عادة من أربعة جنود.
بعد إصابة الدبابة الأولى بلحظات "دوى" صوت قائد مجموعة مارون الراس عبر اللاسلكي العسكري "مبشرا": "قصفنا الدبابة الثانية وها هي تحترق". ومع الدبابة الثانية احترق الطاقم الثاني.
حتى هذه اللحظة، كانت خسائر الإسرائيليين في مارون الراس قد وصلت إلى 12 جندياً ما بين قتيل وجريح، وكان المقاومون قد غنموا الحقائب العسكرية وفيها منظار نهاري وآخر ليلي وعتاد وخرائط. في المقابل استشهد مقاوم واحد.
وفيما كان المقاومون ينهالون على القوة الغازية عند مدخل مارون بأسلحتهم، وصلتهم أنباء عن تغلغل كتيبة إسرائيلية جديدة في البلدة وبين منازلها. حددت إحداثيات عسكرية لقائد المجموعة المقاومة موقع المنزل الذي دخله الإسرائيليون، فهجم عليه مع مقاوم آخر.
ومن وراء المنزل الذي يقع في وسط مارون سمع صوت قائد المجموعة "قتلت جنديين إسرائيليين هنا وراء المنزل"، قبل أن يكمل هجومه والمقاوم الآخر بطريقة ما يعرف عسكرياً بـ"حركة ونار"، أي مهاجم ومساند يغطيه. ألقى المقاوم قنبلتين على المنزل والتف من أمامه وهجم عليه.
في مرحاض المنزل المواجه لمصطبة الدار، كان يختبئ جنديان إسرائيليان، ومن خلف الباب الذي تخفيا وراءه أطلقا الرصاص من سلاح "ماغ"» المتفجر على المقاوم وهو على يهم بدخول المنزل. وعلى سفرة الدرج استشهد قائد مجموعة مارون الراس "جواد"، وهو شاب لم يكمل عامه الخامس والعشرين وكان ينتظر مولوده الأول.
إثر المواجهات والإرباك الذي حل بالإسرائيليين بعد فقدانهم أحد جنودهم ويدعى يهونتان فلاسيوك، وهو رقيب أول في وحدة إيغوز من لواء المشاة غولاني من كيبوتس لاهف وعمره 21 سنة، (عادوا وعثروا عليه تحت جدار إحدى الطرقات بعد مقتله) انكفأ الإسرائيليون عن المواجهات المباشرة. في غضون ذلك وفيما كان أحد المقاومين في طريقه إلى خارج مارون تواجه مع جندي إسرائيلي عند مدخل أحد منازل البلدة فقتله وأكمل طريقه.