ارشيف من :أخبار لبنانية
بين اجتياح الـ82، وحرب العام 2006: أهداف متشابهة، وتباين في الاستراتيجية
لم يكن اختيار محطة اجتياح العام 1982، لمقارنتها مع حرب العام 2006، أمرا عشوائيا. بل على خلفية كونها المحطة المفصلية الأكثر تأثيرا في تاريخ لبنان ولكون العدوانان يتصلان بالساحة نفسها، لبنان. ومن قبل العدو نفسه، إسرائيل. ولكونهما ايضا الحدثين الابرزين اللذين يكشفان عما اختزنته وتختزنه إسرائيل من مخططات إزاء لبنان.
على خط موازٍ، تكشف هاتان المحطتان مستوى التطور الذي بلغته المقاومة في امتلاك القدرة، بكافة أنواعها وأشكالها، على مواجهة اطماع ومخاطر إسرائيل.
مع التأكيد على الاختلاف الكبير في البيئة الاستراتيجية، الاقليمية والدولية، بين هاتين المرحلتين. يلاحظ أنه يوجد قدر من التشابه والتباين بينهما، في الوقت نفسه، لجهة ما سعت إسرائيل إلى تحقيقه من أهداف. في المحطة الاولى، 1982، بات واضحا ما هي الاهداف التي سعت اليها إسرائيل.. وبالتالي لم يعد هناك حاجة إلى الاستعانة بوثائق رسمية للاستدلال على ما كانت تطمح اليه.
في المقابل، رغم أن أهداف العدو في حربه عام 2006، لا تقل وضوحا لكن الحسابات السياسية الداخلية اللبنانية الضيقة، وبهدف محاولة تطويق انجاز المقاومة التاريخي والاستراتيجي، أدى إلى محاولة تشويش على خلفيات الحرب وأهدافها.
في أكثر من مناسبة، أجمل العديد من القادة الإسرائيليين في التعبير عن الاهداف الإسرائيلية من الحرب على حزب الله. وكانت مجريات الحرب والشروط التي حاولت فرضها في المراحل الاولى من الحرب، كافية لاكتشاف الكثير من معالم وأهداف تلك الحرب، وخلفياتها. مع ذلك، فقد كشف رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي في شعبة التخطيط في هيئة اركان الجيش الإسرائيلي، خلال حرب العام 2006، العميد اودي ديكل، (وبات الان نائب رئيس معهد ابحاث الامن القومي في تل ابيب)، في دراسة له عن الحرب تحت عنوان "قيود الفكر الاستراتيجي"، أن المجلس الوزاري المصغر صادق على مجموعة أهداف الحرب، بناء على توصية الجيش. وتضمنت التالي "ضرب قدرة حزب الله الصاروخية (المتوسطة والبعيدة المدى)، المس بمكانة حزب الله في لبنان وبصورته في العالم العربي؛ ترميم الردع الإسرائيلي في مواجهة حزب الله واللاعبين الاقليميين؛ تحسين شروط تطبيق القرار 1559 في كل ما يتعلق بانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان؛ وبدء عملية نزع سلاح حزب الله؛ ممارسة الحكومة اللبنانية مسؤوليتها السياسية؛ وزيادة التدخل الدولي في لبنان من أجل تطبيق قرارات مجلس الامن؛ وتوفير الشروط لاعادة الجنود المخطوفين ومع عمليات خطف في المستقبل، وإبعاد حزب الله عن الحدود الإسرائيلية اللبنانية".
تموز ...اسرائيل سقطت
في المقابل، كان واضحا، أن من ضمن أهداف الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، تدمير البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية، و"انتاج" نظام سياسي في لبنان موال لإسرائيل.. وحماية امن الجليل، واحتلال الجنوب اللبناني..
بنظرة خاطفة، يلاحظ أنه في كلا الحربين، سعت إسرائيل إلى تدمير المقاومة الفلسطينية واللبنانية (حزب الله). وايضا، في العام 1982، كان من الاهداف السياسية قيام نظام سياسي موال لإسرائيل في لبنان، وفي العام 2006، تعزيز حكومة السنيورة، كما كشف وأكد على ذلك، نائب مستشار الامن القومي الاميركي اليوت إبرامز، وكما تشي الاهداف المصادق عليها من قبل المجلس الوزاري المصغر.. وايضا، في كلا الحربين، كان الهدف إزالة التهديد عن مستوطنات الجليل..
لكن من أهم الفوارق بين المرحلتين، أن إسرائيل في الحرب الاولى هدفت إلى احتلال اراضي لبنانية، الجنوب والبقاع الغربي، كجزء من مخططها التوسعي، اما في الثانية، فكانت إسرائيل قد انكوت من المقاومة التي طردتها من الارض.. الامر الذي ادى الى وعي صانع القرار في تل ابيب، ومعه الجمهور الإسرائيلي، عن التفكير والتخطيط لاعادة احتلال لبنان..