ارشيف من :آراء وتحليلات
تونس: سحب الثقة من حكومة و استعداد لتشكيل أخرى
بعد جلسة طويلة و شاقة شهدها مجلس نواب الشعب التونسي تم فيها الإستماع إلى رئيس الحكومة الحبيب الصيد وإلى مداخلات عدد من النواب، تم سحب الثقة من الحكومة ووجد رئيسها نفسه بلا سند. ووفقا لمنشور صادر عن قصر قرطاج فقد اعتبرت رئاسة الجمهورية ان حكومة الصيد باتت رسميا حكومة تصريف أعمال في انتظار تكليف شخصية جديدة من قبل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي تتولى عملية تشكيل حكومة جديدة تعرض على المجلس الذي يتولى منحها ثقته.
ووفقا للدستور التونسي الجديد، الذي أسس لنظام برلماني يقوم على تحالفات حزبية هشة و حكومات غير مستقرة، فإن الحزب الأغلبي هو الذي يرشح شخصية يعرضها على رئيس الجمهورية لتتولى تشكيل الحكومة. ورغم أن حركة نداء تونس التي فازت بأغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات 2014 لم تعد الحزب الأغلبي بعد انقسام كتلتها، إلا أن شركاء الحكم اتفقوا على ما يبدو على اعتبار النداء هو الحزب الأغلبي بالنظر إلى نتائج الإنتخابات المعبرة عن إرادة التونسيين بقطع النظرعن التطورات الحاصلة لاحقا.
ائتلاف موسع
لكن اعتبار حركة نداء تونس الحزب الأغلبي، لا ينفي أن باقي شركاء الحكم و خصوصا حركة النهضة ستؤخذ آراؤهم بعين الإعتبار عند تسمية رئيس الحكومة الجديد وكذا في عملية اختيار الوزراء. فحركة النهضة كانت قد عبرت في وقت سابق عن رغبتها في أن تمثل في الحكومة الجديدة وفقا لحجمها الإنتخابي خاصة وأنها كانت ممثلة في الحكومة المستقيلة بوزير وحيد و آخر قريب منها أو محسوب عليها دون أن ينتمي إليها.
من يتولى الحكومة بعد الحبيب الصيد؟
يشار إلى أن الحكومة الجديدة قد تضم تسعة أحزاب بالتمام و الكمال بعد أن كان الإئتلاف الداعم للحكومة المستقيلة يضم أربعة أحزاب فقط. والأحزاب التي من المفروض أن تمثل في الحكومة الجديدة هي تلك التي وقعت على وثيقة قرطاج منذ أسابيع وهي حزب المبادرة الوطنية الدستورية، حزب المسار الإجتماعي ، الحزب الجمهوري، حركة الشعب و حركة مشروع تونس هذا إضافة إلى الرباعي الحاكم السابق حركتا نداء تونس و النهضة و حزبا آفاق و الإتحاد الوطني الحر.
الجبهة الشعبية
و يشكك عديد الخبراء والمحللين في قدرة الحكومة القادمة على النجاح و معرفة مصير مختلف عن مصير الحكومة المستقيلة و ذلك بالنظر إلى عدة أسباب من بينها عدم انخراط الجبهة الشعبية في المشاورات التي أفضت إلى وثيقة قرطاج. فللجبهة، التي تضم أحزابا يسارية و قومية عروبية، امتدادات في قواعد الإتحاد العام التونسي للشغل و في اتحاداته الجهوية وهذه القواعد قادرة على تعطيل العمل الحكومي بكثرة الإضرابات و ذلك بالرغم من أن قيادة الإتحاد (المركزية النقابية) انخرطت في مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي بادر بالدعوة إليها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.
كما لا يبدو أن هناك رغبة حقيقية في محاربة الفساد الذي استشرى في البلاد بعد ما تسمى "الثورة" و لا في محاربة المافيات التي أطبقت على مفاصل الدولة و بات لها نفوذها داخل الأحزاب الحاكمة. ويخشى مع الحكومة القادمة أن تفقد تونس المنجز الوحيد الذي تحقق مع الحكومة المستقيلة وهو الأمن خاصة و أن مدير الأمن عبد الرحمن الحاج علي مستهدف من قبل أطراف سياسية وهو الذي لم تعرف البلاد منذ عودته إلى المؤسسة الأمنية بعد حادثة تفجير حافلة الأمن الرئاسي أية أعمال إرهابية و تم تفكيك عديد الخلايا التكفيرية وإحباط مخططاتها.