ارشيف من :آراء وتحليلات
اردوغان في بطرسبورغ...مفتاح حلب في جيبي
تتجه انظار المراقبين نحو بطرسبورغ في روسيا لرصد نتائج الاجتماع المنتظر بين الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب اردوغان
صحيح ان الاجتماع المرتقب حدث بالغ الاهمية خصوصاً اذا ما اخذنا بالاعتبار انه الاجتماع الاول لرجب اردوغان مع رئيس دولة مؤثرة يعقد خارج الحدود التركية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا وهذا الامر له دلالات واضحة بان اردوغان يستهل حكمه الجديد بعد عملية التطهير في تركيا بدءاً من روسيا في رسالة واضحة تشير الى تغيير مرتقب في مناخ العلاقات التركية الروسية في طريقه للتنفيذ بعدما شاب التوتر بين البلدين عقب اسقاط تركيا للسوخوي الروسية.
اردوغان بات يدرك تماما ان الجهات التي تأخرت عن اعلان موقف واضح من الانقلاب الفاشل منتظرة نتائجه لتبني على الشيئ مقتضاه هي نفسها االمتورطة في عملية الانقلاب يعني المخابرات الامريكية مدعومة من بعض دول الخليج .
اما روسيا وايران ومنذ الساعة الاولى لوقوع الانقلاب وقبل تبيان النتائج اعلنتا عن شجبهما ورفضهما لمبدأ الانقلاب.
اذا زيارة اردوغان لروسيا هي رسالة واضحة لامريكا وشركائها مفادها ان تركيا بعد الانقلاب الفاشل ليست كما قبلها لكن في المقابل هذا لا يعني بالضرورة ان تركيا ستتخلى عن حلف الناتو او عن تعاونها مع الولايات المتحده بل ان تركيا بات لديها اوراق لاشهارها بوجه امريكا واوروبا ومن اهم تلك الاوراق هي ورقة تسليم عبدالله غولن .
اما بالنسبة لاوروبا فان اوروبا لم تزل تشكل عائقاً يمنع انضمام تركيا المسلمة الى نادي الدول الاوروبية .
بوتين واردوغان وسوريا ثالثتهما
اردوغان يمارس لعبته المفضلة بابتزاز اوروبا من خلال التلويح باعادة العمل بقانون عقوبة الاعدام في تركيا وورقه فتح ابواب تركيا للاجئين مجدداً نحو اوروبا عبر بحر ايجه
اذا اردوغان يحاول ابتزاز اوروبا وامريكا وزيادة الضغط عليهما من خلال الزيارة الى روسيا بهدف تحقيق مكاسب سياسية تحصّن وضعه في الداخل التركي لضمان بقاء حكمه في تركيا الجديدة.
الملاحظ ان اردوغان وقبيل توجهه الى بطرسبورغ للقاء الرئيس الروسي بوتين كان قد طلب من مناصريه ومن كل القوى السياسية التركية الى حشد مليوني لسببين :
الاول هو لارسال رسالة قوية للغرب والقول انني ذاهب الى صديقي بوتين وكلمة صديقي لها معان عميقة في علم السياسية خصوصاً في الاوقات الحرجة اي بمعنى انه الصديق الذي ساندني ووقف الى جانبي في ظروف صعبة وله دين عندي
الرسالة الثانية هي ابلاغ الشعب التركي المليوني بأمر الاجتماع مع الصديق والعزيز والمحترم بوتين ولابلاغ من يعنيه الامر بانه حصل على تفويض عام من الشعب التركي وبكل المحافظات التركية بالتقرب صوب روسيا .
معظم المراقبين يتوقعون اجراء تحول ايجابي بموقف اردوغان في الملف السوري، لكن هل توجد النية الاردوغانيه لاجراء داك التحول؟
نقول ان تركيا اصابها زلزال ضرب اسس الدولة التركية وان اردوغان بدأ بتحول تدريجي في الملف السوري منذ الاطاحة بأحمد داوود اوغلو رئيس الوزراء التركي وتنحيته عن رئاسة حزب العدالة والتنمية .
لكن باعتقادنا ان اردوغان لن يسحب اوراقه من سورية كاملة بل انه بات الان اضعف واقل تأثيراً من السابق في الميدان السوري لان اردوغان منكب على ترميم الوضع الداخلي في المؤسسة العسكرية التركية جراء الزلزال الذي ضربها..
صحيح ان اردوغان المثقل بتداعيات الانقلاب الفاشل وارهاصات الازمة مع اوروبا والخلاف الواضح مع الادارة الامريكية بالاضافة الى خلافه مع مصر السيسي والنظر بعين الريبة الى دور بعض الدول الخليجية في الانقلاب الفاشل والتفاته صوب ترتيب بيته الداخلي الا ان اردوغان ذاهب الى بطرسبورغ للقاء بوتين مذخراً بملف مدينة حلب البالغ الحساسية الذي سيحدد مستقبل العلاقات بين تركيا وروسيا من جهه وبين تركيا وايران من جهه اخرى فاردوغان اراد من خلال دعم موجات من المهاجمين لفك الحصار عن حلب القول لروسيا وايران تحديداً ان مفتاح حلب في جيبي.
يخطئ من يعتقد ان اردوغان سيبحث العلاقات الثنائية بين البلدين لأن الملف السوري سيكون الطبق الرئيسي على طاولة البحث بين الرجلين ومخطئ من يعتقد ان اردوغان سيسلم اوراقه كاملة الى بوتين لان العقلية والممارسة في التجربة الاردوغانية تفيد ان لا شيئ بالمجان او لمجرد الصداقة بل مقابل ثمن لذلك فان اي التفاتة او تحول في سورية سيتم بحث ثمنها في روسيا مع العلم ان اردوغان بات اقرب الى وجهة النظر الروسية في ما خص الملف السوري..
الاجتماع الثلاثي الذي ضم روسيا وايران واذربيجان في باكو سيستكمل مع اردوغان لجهة نية روسية واضحة في تعزيز الامن والاقتصاد مع الدول المجاورة . وتركيا هي احدى تلك الدول التي ستشهد وربما تشارك في عملية مد خط لانابيب الغاز الروسي عبر الاراضي التركية واذا تمت الموافقة على هذا المشروع تصبح تركيا الموزع المعتمد للغاز الروسي نحو اوروبا وهذا امر مهم ويغري اردوغان في الاسراع في اجراء تفاهمات مع روسيا وايران واذربيجان من حيث تشبيك المصالح المشتركة ما يفرض على اردوغان الاذعان للتغيير المرتقب في سياسته المتبعة نحو سورية نزولاً عند الرغبة الروسية الصديقة.
لكن من الان وحتى اتمام ذلك في اعتقادنا ان اردوغان سيظل محافظاً على مبدأ المناورة لكسب المزيد حسب تفكير اردوغان الذي يريد ان يكون الولد المدلل عند امريكا وحلفائها او انه سيتجه الى مركز الدلال الروسي ليكون الولد التركي المدلل روسياً وهكذا يكون اردوغان مارس عملية الابتزاز على الطرفين .
برأينا ما سيتمخض عنه الاجتماع المرتقب في بطرسبورغ سيرسم خارطة تفاهم جديدة في العلاقات بين الجانبين نأمل ان تكون تلك التفاهمات لصالح المنطقة خصوصاً العراق وسورية..
علمتنا سنوات الازمة السورية وقساوتها ان لا نفرط بالتفاؤل وانتظار النتائج التي ستترجم في الميدان العسكري لا سيما في حلب للبناء عليها...........