ارشيف من :آراء وتحليلات
كيف تفهم اسرائيل ’زمن الانتصارات’؟
قد يكون العدو الاسرائيلي، بعد نصر تموز عام 2006، قد فهم ما يعني "زمن الانتصارات" اكثر من بعض العرب الذين ارتضوا الذل والخنوع ووضعوا رؤوسهم في الرمال كي لا يشاهدوا او يلمسوا ان "اسرائيل" قد هُزمت في تلك الحرب التي غيّرت وجه التاريخ بعد ان ضُربت في كرامتها وكبريائها وعنجهيتها.
لقد اقتنعت اسرائيل بانها هُزمت في لبنان بعد ان كابرت في البداية وتهربت من تلك الحقيقة التي رأتها مرة وصعبة، وهي اليوم وبالامس القريب تُظَهِّر هذا الاعتراف بالهزيمة على الشكل التالي :
انها في صدد تغيير عقيدتها القتالية التي بنت اغلب حروبها السابقة ضد العرب عليها، وبدأت تفكر جديا بعدم الاعتماد على مبدأ قوة الصدم والنار في هجومها بواسطة سلاح المدرعات، وتبحث الان عن مبدأ آخر يؤمن لها حماية لطواقم آلياتها الذين تتملك اغلبهم عُقدُ الحجير والخيام وبنت جبيل والميركافا وصواريخ الكورنت .
انها تغّير مخطط البنى التحتية والتجهيزات الهندسية بالكامل في مناطق الجليل المحتل وفي مناطق اكثر عمقا، وقد خصصت موازنات ضخمة لتجهيز تلك المناطق بملاجئ وأنفاق تؤمن الحد الادنى المطلوب من الحماية من صواريخ حزب الله او من وحدات النخبة لديه، ولم يخطر ببالها انه سوف يأتي يوم وتنظم فيه مناورات مكثفة وعاجلة لاخلاء مستوطنيها على وجه السرعة.
زمن الهزائم قد ولى
انها تحضر مخططا لنقل وإبعاد الحاويات النووية من حيفا ومناطق اخرى الى امكنة اكثر امانا وبعدا عن تلك الصواريخ التي اصبحت المقاومة بواسطتها تمسك وتتحكم بميدان واسع من اراضيها.
بعد ان ظنت انها وضعت منصاتها العائمة في البحر في نقاط ثابتة الى ما شاء الله، هي تفكر الان كيف ستحميها او تنقلها الى حيث لا تطالها صواريخ حزب الله الـ: ارض- بحر او الـ : بحر- بحر.
حتى الامس القريب لم تكن اسرائيل تفكر ان منظومة القبة الحديدية والتي ادخلتها في تنظيمها وفي تجهيزها العسكري ورصدت لها موازنة ضخمة لن تستطيع ان تغطي اجواءها، وهي الان تحتار بفعاليتها وبقدرتها غير الواضحة في مواجهة صواريخ وطائرات بدون طيار يمتلكها حزب الله، غامضة في امكانياتها التقنية على التسلل والافلات من تلك المنظومة او في قدراتها التسليحية.
نعم ... انه زمن الانتصارات، انه الزمن الذي لم تعد اسرائيل تفكر او تختار متى تنفذ اعتداء على لبنان، وهل ستنفذه بطيران قاذف يختار اهدافه كما يشاء واين يشاء، او بطيران مروحي يتفنن في اصطياد اهدافه دون حسيب او رقيب، او هل ستنفذ اعتداءها بوحدة مؤللة او مدرعة تندفع في اي محور تختاره وتصل الى الحد الذي تحدده هي دون ان يعترض طريقها احد؟
نعم.. انه زمن الانتصارات، انه الزمن الذي اصبحت اسرائيل فيه تنتظر دائما متى ستتعرض احدى دورياتها داخل الاراضي المحتلة لعملية نوعية يُخطف لها فيها جنود او يُقتلون وتُدَمر آلياتهم، انه الزمن الذي اصبحت فيه اسرائيل تعيش على اعصابها وهي تنتظر سقوط صاروخ باليستي متطور على هدف استراتيجي حيوي في عمق اراضيها ومهما بَعُدت مسافته عن الحدود مع لبنان.
نعم.. انه زمن الانتصارات، انه الزمن الذي غير تاريخ العرب حيث انهم لو فتحوا اعينهم قليلا ونظروا في محيطهم لأبعد من انوفهم قليلا سيجدون ان مجموعة من الابطال المقاومين في لبنان اعادت لهم كرامتهم رغما عن بعضهم، ووضعتهم في المقلب المعاكس لمقلب الذل والخنوع الذي رضوا به واستسلموا اليه .
نعم وبكل صدق وكرامة وشرف ... انه زمن الانتصارات .