ارشيف من :نقاط على الحروف
مارسيل غانم يسمّي الأشخاص بطائفتها!
بمقدّمةٍ "خبيثةٍ" افتتح الإعلاميُّ مارسيل غانم حواره مع رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب! مقدمّةٌ كتبها من وصفه غانم بالـ"زميل الخبيث" ينتقد فيها بشكل لاذع " الدوار الجنبلاطي" الذي أصاب وهاب مؤخّرا في علاقاته مع رجال السياسة. " حفاظا على المصداقية" نقلها غانم حرفيا! إنها غاية في نفس غانم، تتجه في مسارين إثنين. المسار الأول قصير المدى يتمثل في الإيحاء للجمهور اللبناني " العاطفي" أن بانتظارهم حوار ناريّ.
أما الثاني، فيعود الى إثارة غضب الضيف لـ"استدراجه" في ملفات يخلق منها غانم سبقا صحفيّا.
بثقة عاليه، يقدّم غانم نفسه على أنه الصحافي الملتزم بأخلاقيات المهنة، ورافعا لواء الموضوعية. قاطع وهاب مرات عديدة عند تشهيره بأشخاص متواطئين بملفات الفساد وذلك "حفاظا على كرامتهم". حفظ غانم شيئا من أخلاقيات العمل الصحافي، ولكن غابت عنه إحدى أهم المبادئ المنصوص عليها في غالبية المواثيق الاعلامية، ونقصد بذلك: الحياد، فالموضوعية ثم الحرص على عدم إثارة التفرقة والنعرات الطائفية.
تُعرّف منظمة “ arab citizen media” الحياد على أنّه " الترفّع نحو التحيّز والإنتماءات من أي نوع كانت"، وتميّزه عن مصطلح الموضوعية، كون الثاني يعني الحرص على تقديم كل وجهات النظر بشكل متوازن. لم يكن غانم إعلاميا محايدا يحاور ضيفا في السياسة. كان "مثقفا مُسيّسًا" مؤيّدا لفريق 14 آذار يتكلم باسمهم، يغضب وينفعل!
مارسيل يسمي الاشياء بطائفتها
أغضبته المبادرة التي تقدّم بها " الشيعي" السيد حسن نصر الله في ربط رئاسة الجمهورية "المسيحية" برئاسة الحكومة "السنية" . نيابة عن السنّة، يسأل غانم ضيفه " الدرزي" في أن يضع نفسه مكان السنّة، كيف كان ليتقبّل تلك المبادرة؟!؟ هكذا بلغةٍ تشبه لغة الساسة الطائفيين، وصّف غانم آخر المستجدّات في الملف الرئاسي. إلى ذلك، مزج لغة الطائفية بلغة أخرى تجمع بين الإستهزاء والسخرية، ملخّصا الخلاف الحاصل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والعماد ميشال عون بجملة غير إعلامية " بري بدو يزحّط عون". عبارات الإستهزاء قابلها عبارات المجاملة والتنميق للفريق الآخر، خاصة للنائب سامي الجميّل، إذ وصفه غانم بـ " أمل الناس المعترين".
وإن غاب على أهل السياسة الإلتفات الى طائفة وتوجهات أصحاب النفوذ، إلا أنه يبقى ذلك هاجسا عند مارسيل. ففي معرض الحديث عن وكيل شركة لتمويل معمل للكهرباء قاسم حمّود، يسأل غانم وهاب مستفهما عمّا إذا كان حمود سنيّا أم شيعيّا، وهاب أجاب " ما بعرف!!! هكذا يسمّي غانم الأشخاص، ....بطائفتها!
الواضح كالشمس في رابعة النهار، أنّ الحوار السياسي غاب عن الحلقة، وحلّت مكانه لغة الطائفية بكل أثقالها، بدفع من مدير الحوار نفسه!!! فانقلبت الحلقة الى "بروباغندا مارسيلية" بإسم فريق الرابع عشر من آذار بكامل مكوّناته السياسية.
على مدى أكثر من ساعة، بثّت قناة "LBC I" خطابا طائفيا تحريضيّا. ولكن في الدقائق الأخيرة، انقلب المشهد! زال التجهّم عن وجه مارسيل غانم وارتسمت الابتسامة على محيّاه باقتباس تغريدة للوزير وئام وهاب من حسابه على التويتر. تغريدة بعيدة عن السياسة، قريبة من الرومانسية، ينقلها غانم عن وهاب مغرّدا " لو كانت المدن نساء لكانت روما عشيقتي!" ختام الحلقة مسك أرادها غانم لعله يخفف من حدّة ما اقترفه بالمقدّمة من إساءة بحق ضيفه تحت شعار المصداقية!
تبقى حلقة مارسيل غانم مع الوزير السابق وئام وهاب عيّنة ممّا يقدمه الاعلام اللبناني، معيدة النقاش مجددا حول إشكالية الخطاب الاعلامي اللبناني القائم على الطائفية. هي نتيجة للأسف بديهية، كون غالبية المؤسسات الإعلامية تأسست بعد إتفاق الطائف في عملية قائمة على المحاصصة الطائفية. وباتت هذه المؤسسات إتصالية أكثر مما هي إعلامية، بمعنى أنها تحرص على تأمين الإتصال السياسي بين الرجل السياسي " المموّل الأساسي للمحطة" والجمهور المؤيّد له. فتصبح عندها المؤسسة أداة إتصالية بيد جهة سياسية، تديرها وفق توجهاتها وأجندتها.