ارشيف من :آراء وتحليلات
العربان والحرب على سوريا: لا شيء غير الفجيعة!
لا شيء، فيما يبدو، يوازي فجيعة عرب واشنطن بواشنطن. نظرة سريعة الى وسائل إعلامهم تكشف عن اعتقادهم الراسخ بأن ما يسمونه بالثورة السورية كان مفترضا بها قبل خمس سنوات أن تحقق أهدافها في مدة قد لا تزيد على خمسة أيام، لا لشيء إلا لأن هيلاري كلينتون أوعزت لمن يسمونهم بالثوار السوريين بأن يواصلوا القتال حتى تنحية الأسد. مع ما يعنيه موقفها هذا من وعد صريح بتقديم الدعم اللازم لهؤلاء الثوار.
لكن صمود سوريا، أمام هجمة شاركت فيها مئات التنظيمات الإرهابية التي تضم مئات الألوف من المقاتلين القادمين من أكثر من ثمانين بلداً، مع كل التسهيلات، مروراً وعبوراً وتمويلاً وتدريباً وتسليحاً وشحناً إيديولوجياً وتزويداً بالكبتاغون وغيره من العقاقير التوحيشية (أي التي تحول البشر إلى وحوش) خلق عند العربان إحساساً بالحنق الناجم عن عدم إقدام واشنطن على حشد جيوشها وأعتدتها لحسم معركة سوريا بشكل مشابه لما تروجه الأساطير الحديثة عن تحرير النورماندي وسائر أوروبا الغربية من الغزو النازي إبان الحرب العالمية الثانية.
أو عن تدمير الخطر الياباني بالقنابل الذرية خلال الفترة المذكورة نفسها.
أو عن غزو أفغانستان والعراق بهدف تحريرهما من الشمولية والديكتاتورية ونقلهما إلى جنة الديموقراطية والازدهار والرفاه.
ذلك الحنق ترجم نفسه - طيلة السنوات المنصرمة من عمر الحرب على سوريا- من خلال توجيه التهم إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بالتقصير والتخاذل، دون أن يتردد البعض عن الحديث عن أصل شيعي لأوباما هو ما يفسر مواقفه المنظور إليها على أنها غير صارمة تجاه سوريا وإيران وحزب الله...
وبالتوازي مع فقدان الأمل بانتصار في سوريا تقدمه الولايات المتحدة وبلدان الغرب إلى العربان على طبق من فضة، تحول الخطاب العرباني عن التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة إلى خطاب مماثل، ولكن مع الكيان الصهيوني هذه المرة.
وقد برز التعويل على هذا التحالف الجديد في ظل الكلام، بعد الانتصارات التي حققتها سوريا في داريا وتدمر ودير الزور وحلب وغيرها من المناطق السورية، عن احتمال تحريك الجبهة الجنوبية وقيام الكيان الصهيوني بدور أكثر فاعلية في دعم الجماعات الإرهابية في الجولان، وهو الدعم الذي ظل مقتصراً خلال الأعوام المنصرمة على التسليح والتدريب والاستشفاء والتدخلات العسكرية غير المباشرة.
والأكيد أن آل سعود وأضرابهم ممن أحبطوا نتيجة رهانهم الفاشل على قوة أميركا يرون الآن في المناورات الدائمة التي يجريها "الجيش الإسرائيلي" منذ هزيمته أمام المقاومة في لبنان عام 2006، كما في بعض العنتريات المضحكة التي ما تزال تصدر عن بعض العسكريين والساسة "الإسرائيليين"، يرون فيها عناصر تطمين تمنحهم الأمل بأن يتمكن الكيان الصهيوني من إرجاع عجلة التاريخ إلى الوراء للعودة به إلى زمن الانتصارات النزهات التي كان يحققها على الجيوش العربية خلال الفترة بين 1948 و2006.