ارشيف من :آراء وتحليلات

الانتخابات الأمريكية والمرشحان الأكثر جدلاً في التاريخ الأمريكي

 الانتخابات الأمريكية والمرشحان الأكثر جدلاً في التاريخ الأمريكي

تخوض ھيلاري كلينتون الانتخابات الأكثر إثارة في تاريخ الولايات المتحدة في مواجھة مرشح الحزب الجمھوري دونالد ترامب، المرشح الأكثر إثارة للجدل في مواقفه وسلوكياته غريبة الأطوار، وفي طريقته "الفظة" التي مكنته من خطف ترشيح الحزب الجمھوري وفرض نفسه على "مؤسسة الحزب".
 وفي حال فوز كلينتون ستكون أول امرأة تصل الى البيت الأبيض رئيسة للولايات المتحدة، وستكون أول مرشحة ديمقراطية تفوز بالرئاسة بعد رئيس ديمقراطي تولى الرئاسة لولايتين، وهذا يعني حرمان الجمھوريين من الوصول الى البيت الأبيض على مدار ثلاثة انتخابات متتالية للمرة الأولى منذ عام 1948.
كلينتون ظلت حتى أسابيع خلت متقدمة على ترامب بفارق مريح تجاوز الـ 8 نقاط، والى حد بات البعض يتحدث عن بداية ظھور نتائج الانتخابات وعن انھيار وانشقاقات داخل الحزب الجمھوري وازدياد الانتقادات والحملات من قبل قيادات مھمة في الحزب ومن مجموعات مؤيدة تقليديا له. وھذه الانتقادات شملت ممارسات ترامب المشبوھة في الأعمال وجھله في العلاقات الدولية وعنصريته ضد السود والمسلمين وكراھيته للنساء.

ولكن الفارق بين كلينتون وترامب تبخر، فبالإضافة الى الانتقادات والحملات الثابتة ضدھا من قبل الجمھوريين باعتبارھا غير مؤھلة للرئاسة نظرا الى موقفھا أثناء الھجوم الذي حصل ضد السفارة الأميركية في بنغازي، أو مسألة تبادلھا الرسائل الإلكترونية الخاصة بالعمل عبر عنوان البريد الإلكتروني الشخصي لھا، جرى استغلال أمرين حصلا في الآونة الأخيرة:
الأول: وصفھا لمناصري ترامب وھم بالملايين بأنھم مجموعة "بائسين"، وھذا يعكس غرورا سياسيا كان ترامب يحتكره.
والثاني: حالتھا الصحية المترجرجة، إذ تتعرض لنكسات ووعكات متتالية.

 الانتخابات الأمريكية والمرشحان الأكثر جدلاً في التاريخ الأمريكي

الانتخابات الاميركية ...لن تكون خالية من المفاجآت

وبعد شھر حَفِل بالتحديات والمشاكل لحملات المرشحين ھيلاري كلينتون ودونالد ترامب، جاءت آخر استطلاعات الرأي لتزيد المشھد الانتخابي تعقيداً، ولتضع كلينتون في مواجھة بعض الحقائق المرة. حيث وجد المراقبون صعوبة في تفسير عجز كلينتون حتى الآن عن تقويض أسوأ حملة أو "أغرب" مرشح عن حزب رئيسي في التاريخ الأميركي المعاصر. فكلينتون كانت سيدة أولى، وانتخبت مرتين لعضوية مجلس الشيوخ، وخدمت أربع سنوات وزيرة للخارجية، بينما لم ينتخب ترامب لأي منصب في سنواته السبعين.

وبينما كان ترامب يعيد بناء حملته المتواضعة مقارنة بحملة كلينتون الأكبر والأغنى، ويخفف حدة لھجته واستفزازاته، عادت أخطاء كلينتون وتجاوزاتھا كوزيرة للخارجية لتلقي بظلالھا الداكنة على حملتھا. وآخر تقرير لمكتب التحقيقات الفيديرالي الـ"أف بي آي" كان محرجاً للغاية، إذ كشف أن كلينتون حاولت التھرب من الإجابة عن أسئلة المحققين، وقالت 39 مرة على الأقل لا تتذكر أنها اطلعت على طريقة تصنيف الرسائل الإلكترونية، وكيف أن مكتبھا حطم ھواتف نقالة أو أضاع أجھزة كومبيوتر كانت تستعملھا في اتصالاتھا. كل ذلك عمّق الشكوك القائمة أصلا لدى الكثير من الناخبين في صدقيتھا.

وبالنظر إلى نقاط الضعف المتعددة لدى كلينتون، يرى ترامب نفسه ملتزماً بالفوز، وأنه مازال يملك فرصة كبيرة ليصبح رئيساً، وھي وظيفة يرى نفسه فيها. وهذا ما دفع بالكثيرين إلى عقد مراهنات وتكهنات على المبارزة التلفزيونية التي جرت مؤخراً، والتي انتظرها الملايين بين ترامب وكلينتون، حيث توقع الكثيرون أجواء الإثارة والسخونة التي ستسودھا،  من حيث أھميتھا في السباق الرئاسي بين متسابقين متقاربين جدا في النقاط، وفي كونها عاملا مھما في التأثير على اتجاھات الرأي العام، وبالتالي نسبة المشاهدة  للمناظرة ستكون أعلى من المتوقع، لأنها المرة الأولى تكون ھناك امرأة مرشحة لدخول البيت الأبيض،  والمرة الأولى أيضاً التي يكون فيھا الطرف الثاني مرشحاً غير كلاسيكي مثيراً للجدل إزاء مواقفه التي تبدو صادمة ومتھورة أحياناً.


وأوحت استطلاعات ما قبل المناظرة بدخول السباق الرئاسي منعطفاً مھماً، نتيجة تحقيق ترامب قفزة بتعادله مع كلينتون بعدما كان متراجعاً بعشر نقاط في آب الماضي. وأشار استطلاع لمؤسسة "بلومبرغ" إلى تعادل المرشحين بنسبة 46 في المئة، ما فسره المراقبون بنجاح ترامب في رص الجمھوريين خلفه وخصوصاً بعد تأييد السناتور تيد كروز له. وقبل 41 يوماً على موعد الاستحقاق في 8 تشرين الثاني المقبل، ودلت استطلاعات الرأي أيضاً على وجود نسبة 20 في المئة من الناخبين لم تحسم قرارھا بعد، ما يعكس ضعف شعبية المرشحين.
ورأى خبراء أن التحدي أعلى بالنسبة لكلينتون التي تحظى بخبرة واسعة، لكن لا تثير حماسة، بالمقارنة مع ترامب الشعبوي المعتاد على الإدلاء بأقوال تثير الصدمة، ولا يتوقع منه أحد أن يكون مطلعا بشكل جيد على ملفاته.


باختصار، يبدو أن المزاج الوطني في أميركا معكّر للغاية، و الـ 90 دقيقة بين المرشحين لن تكون حاسمة في معركة الرئاسة الأميركية، فبين المتنافسين خط طويل يمتد حتى حدود آخر المستعمرات في الضفة الغربية المحتلة. فھناك من يحشد لترامب أكثر حماسة بكثير من المواطنين الأميركيين المقيمين في الولايات المتحدة. خط ترامب، الذي أعلن أنه سيؤيد القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل اذا ما انتخب، بدأ جدياً يلعب على وتر الأقليات الدينية والعرقية في أميركا، محاولاً استمالة السود والنساء من جديد، بعد حالة من  التوتر العرقي على خلفية مقتل مواطن أسود على يد الشرطة "البيضاء". أما كلينتون،  فتركز كثيراً على جاليات عرفت قيمتھا منذ أن ھبط سعر "البيزو" المكسيكي بمجرد أن وطأت قدما منافسھا أرض المكسيك.
في النهاية، نجد أن الانتخابات الأمريكية هي نتاج حشد اللوبيات في معركة الرئاسة الأميركية، بين متنافسين يعتبران الأقل شعبية على مستوى التاريخ الأميركي. وفي اللعبة الأكثر انتظاراً على المستوى المحلي الشعبي الأميركي، وبالتالي لن تكون خالية من المفاجآت.

 

2016-10-04