ارشيف من :آراء وتحليلات

قلق في تل ابيب: الاشتباك روسي اميركي.. والحصاد للاسد وحزب الله


 قلق في تل ابيب: الاشتباك روسي اميركي.. والحصاد للاسد وحزب الله

تكفل المعلقون الاسرائيليون في التعبير عن مخاوف القيادتين السياسية والامنية في تل ابيب من مستجدات الساحة السورية، وتحديدا لجهة التراشق بين موسكو وواشنطن، على خلفية المعارك الدائرة في مدينة حلب.
مع أن أحدا من المسؤولين الرسميين، الى حينه، لم يدل بأية مواقف استثنائية تتصل بالنظرة الاسرائيلية الى استحضار روسيا منظومات صواريخ دفاع جوي متطورة، منظومة اس 300 في 4، تمكنها من مواجهة الطائرات الاميركية وصواريخ كروز. لكن المعلقين بادروا الى مقاربة هذا المستجد العسكري السياسي، من زاوية تأثيره على المعادلة مع اسرائيل، وتعزيز مكانة الرئيس الاسد وحلفائه في الساحة السورية..

في كل الاحوال، يمكن مقاربة هذا المستجد من زاوية ما ينطوي عليه من تهديدات بالنسبة لاسرائيل. وعلى هذه الخلفية يمكن استكشاف مدى مصداقية الصدى الاعلامي الاسرائيلي الذي تركه نصب منظومات صاروخية روسية متطورة، في تل ابيب، وما إذا كان ذلك يعكس فعليا اجواء أروقة صناعة القرار السياسي والامني..

فيما يتعلق بنصب الصواريخ. عادة ما تتم مقاربة الاعداء الفعليين أو المحتملين، أو حتى الاصدقاء من جهة نواياهم أو قدراتهم. ففي حال كان هذا الطرف يحمل نوايا عدوانية يصنف في هذه الحالة ضمن مصادر التهديد، فإذا ما اقترنت هذه النوايا بالقدرة على ترجمة هذه النوايا الى افعال ترتفع درجة التهديد بنظر اعدائها الفعليين أو خصومها المحتملين.
فيما يتعلق بالعلاقة بين موسكو وتل ابيب، من الواضح أن أيًّا من الطرفين لا ينظر نظرة عداء للاخر. بل يحرص كل منهما على اظهار اهتمامه بالمحافظة على العلاقات الخاصة بينهما.


 قلق في تل ابيب: الاشتباك روسي اميركي.. والحصاد للاسد وحزب الله

الاشتباك الروسي الاميركي

مع ذلك، فإن نصب المنظومة الصاروخية يمنح روسيا القدرة على استهداف الطائرات الحربية الاسرائيلية، التي ستبقى مكشوفة للرادارات الروسية. لكن هذه القدرة غير مقرونة بنوايا "عدوانية" الامر الذي يفترض أن يخفف من وتيرة التهديد. لكن الاسرائيلي لا ينظر بعين الرضا الى هذا التموضع العسكري ويعود ذلك الى خلفياته ونواياه وبفعل تداخل العلاقات والمصالح على الساحة السورية.

ومن أبرز المخاوف التي عبرت عنها جهات في المؤسسة الامنية الاسرائيلية، (وفق صيغة الحد الادنى)، اعرابها عن خشيتها من نقل معلومات عن سلاح الجو الاسرائيلي الى جهات معادية، من بينها الجيش السوري وحزب الله وايران، كما نقل موقع واللا العبري.
لعل الرسائل الاشد وقعا على صانع القرار في تل ابيب، تلك التي تتصل بمفاعيل التحدي الروسي في مقابل رسائل التهديد الاميركي التي تحاول كبح الاندفاعة السورية في حلب. اذ كشفت الاجراءات العملانية الروسية، والمواقف السياسية للقيادة الروسية، عن أن التلويح الاميركي لم ينفع في دفع الروسي الى الابتعاد خطوة عن الرئيس السوري وحلفائه. بل بادر الى مواقف وخطوات جعلته أكثر التصاقا بهم على قاعدة التعاضد المتبادل في مواجهة التهديد المشترك. ونتيجة ذلك، يخشى الاسرائيلي أن يكون لهذا المسار مفاعيله ذات الصلة على معادلات الصراع التي تحكم العلاقة معه.

أولى الرسائل التي تنطوي عليها هذه المستجدات، من منظور اسرائيلي، هو تثبيت النظام السوري، وعلى رأسه الرئيس الاسد. ما يفرض على اسرائيل ، أن تكيف نفسها مع امكانية تبدد جزء من رهاناتها على الوضع السوري..
اضافة الى امكانية أن يعزز تحسن الوضع الميداني، لصالح الجيش السوري، وتموضع الروسي في مواجهة التحدي الاميركي، الى دفع حزب الله والنظام السوري، الى تحدي المعادلة الاسرائيلية ازاء الساحة السورية. والتي يتم في ضوئها دعم المسلحين لتشكيل حزام امني للجولان المحتل.. وايضا تعزيز المكانة الاستراتيجية للنظام السوري بما يؤثر على مجمل المشهد الاقليمي..
في المقابل، يدرك الاسرائيلي أن التصاق الطرف الروسي بالرئيس الاسد، يضيق من خيارات اسرائيل العملانية في سياق أي مواجهة واسعة لاحقة مع حزب الله أو على الاراضي السورية..

هكذا يمكن القول، أن الجيش الروسي وعلى الرغم من انه لا يشكل تهديدا مباشرا للعدو الاسرائيلي، الا ان نتائج وتداعيات ادائه وتموضعه، تعزز من المكانة الدفاعية للنظام السوري، الامر الذي يمنح محور المقاومة هامشاً أوسع في أي مواجهة لاحقة... واستنادا الى هذه النتيجة، يصبح الروسي بمعنى من المعاني، تهديدا غير مباشر.. من خلال تعزيز من يشكلون تهديدا مباشرا للأمن القومي الاسرائيلي.
رغم كل ما تقدم، يبقى الخيار الاسرائيلي المرجح، هو استمرار وتعزيز الحوار مع موسكو، وتكثيف عمليات التنسيق مع الجيش الروسي، بانتظار ما سيؤول اليه الاشتباك الاميركي الاسرائيلي.

 

2016-10-07