ارشيف من :ترجمات ودراسات

مساعدات عسكرية أميركية إلى تنظيمي القاعدة وداعش

مساعدات عسكرية أميركية إلى تنظيمي القاعدة وداعش

الكاتب :   Prof Michel Chossudovsky
عن موقع  Mondialisation.ca   الالكتروني
 تشرين الأول / أكتوبر 2016

اكدت وثائق نشرها موقع  " Jane’s Defence Weekly " الالكتروني يستشهد بوثائق نشرها مكتب الـ  "Federal Business Opportunities (FBO)  "- الذي يعمل في منح الفرص لبعض الأعمال التجارية، في إطار الحملة ضد الإرهاب-  أن الولايات المتحدة قد زودت المتمردين في سوريا [وتحديداً مقاتلي تنظيم القاعدة المعتدلين] بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.
لقد لجأت الولايات المتحدة وحلفاؤها (ومنهم تركيا والسعودية) إلى الاتجار غير الشرعي بالأسلحة الخفيفة المصنوعة في أوروبا الشرقية والبلقان والصين، وذلك بهدف تسليمها إلى المتمردين في الداخل السوري، وتحديداً إلى داعش وجبهة النصرة. من جهته، وبالانطلاق من الجولان المحتل، يقوم الجيش الإسرائيلي بتزويد متمردي القاعدة الناشطين في الجنوب السوري بالأسلحة والذخائر، كما يقدم لهم دعماً لوجستياً.

لقد أوكلت حكومة الولايات المتحدة إلى حلفائها في الشرق الأوسط أمر عقد صفقات مشبوهة في سوق الاتجار بالأسلحة الخفيفة. ولم تكتف بذلك، بل اضطلعت مباشرة بقسم هام من هذه التجارة.
عمليات الاتجار هذه بالأسلحة الخفيفة لا تتم بالانسجام مع الاعتبارت المتفق بشأنها على المستوى الدولي. وبالرغم من كونها ناتجة عن اتفاقيات مع البنتاغون (أو مع الحكومة الأميركية)، فإن هذه الصفقات غير مسجلة بوصفها مساعات عسكرية "رسمية". ذلك أنها تتم بفضل خدمات يقدمها تجار من القطاع الخاص وشركات نقل بحري ناشطة في قطاع الاتجار غير الشرعي بالأسلحة الخفيفة.
وبالاستناد إلى صفقة واحدة أبرمت بطلب  من البنتاغون واشتملت على 990 طناً من الأسلحة، يمكننا منطقياً أن نصل إلى نتيجة مفادها أن كمية الأسلحة الخفيفة الموجودة بين أيدي المتمردين في سوريا هي كمية كبيرة جداً.

مساعدات عسكرية أميركية إلى تنظيمي القاعدة وداعش

واشنطن تسلح داعش ...

وبالرغم من كون الأسلحة والذخائر التي يتم تقديمها إلى المتمردين في سوريا (بمن فيهم الجيش السوري الحر والتنظيمات المرتبطة بالقاعدة وداعش)، إنما يتم نقلها عبر تركيا والسعودية، فإن الولايات المتحدة تقوم بشكل منتظم، وعبر بلدان أخرى، بتزويد المتمردين في سوريا بأسلحة خفيفة بينها قاذفات صواريخ مضادة للدبابات.
إن البنتاغون (أو إحدى وكالات الحكومة الأميركية) هو من يشتري الأسلحة التي يتم تسليمها -عن طريق العديد من الوسطاء- من قبل الولايات المتحدة إلى المتمردين في سوريا. أما هؤلاء الوسطاء فهم تجار أسلحة يعملون في القطاع الخاص أو شركات نقل بحري تعمل انطلاقاً من مراكز لها في ميناء كونستانتا الروماني على البحر الأسود. ولجهة الأسلحة التي يتم تسليمها في إطار هذا البرنامج شبه الرسمي الذي يحمل اسم "المساعدات العسكرية الأميركية"، فإن أياً منها لا يتم تصنيعه في الولايات المتحدة. كما أن هذه الأسلحة الخفيفة التي تشترى في السوق السوداء في أوروبا الشرقية والبلقان إنما تشترى بأسعار متدنية نسبياً.

إن قرار واشنطن بعدم تسليم المتمردين أسلحة مصنوعة في الولايات المتحدة هو نوع من التمويه والتغطية. فواشنطن تريد أن تضمن عدم ظهور أسلحة مصنوعة في الولايات المتحدة أو في بلدان أوروبية بحوزة الإرهابيين.
وهنا علينا أن نتذكر أن الولايات المتحدة أخذت على عاتقها عندما بدأت الحرب في سوريا عام 2011 مهمة تسليم "مساعدات إنسانية" إلى المتمردين، إضافة إلى "معدات عسكرية ... [غير مشتملة عل أسلحة]"، وذلك وفق ما أعلنت عنه هيئة الإذاعة البريطانية في 10  تشرين الأول / أكتوبر 2015.

إن الولايات المتحدة تقدم مساعدات عسكرية إلى المتمردين في سوريا بشكل طبيعي ودائم. وهذه المساعدات يتم تمريرها بشكل شبه علني عبر السوق السوداء. ففي شهر كانون الأول / ديسمبر 2015، قامت الولايات المتحدة بتسليم صفقة ضخمة من الأسلحة بلغ وزنها 995 طناً، وذلك في خرق مشهود لوقف إطلاق النار. ويقول موقع " Jane’s Defence Weekly " بأن الولايات المتحدة تزود الجماعات المتمردة في سوريا بالأسلحة في إطار برنامج يستمر تطبيقه رغم وقف إطلاق النار المتفق عليه في شهر كانون الأول / ديسمبر 2015.

ويضيف الموقع المذكور أن صفقات الأسلحة هذه إنما يتم تمريرها من خلال تجار أسلحة من القطاع الخاص وشركات نقل بحري.      
كما يضيف الموقع في شهر نيسان / أبريل 2016 : " لقد أدار مكتب الـ  Federal Business Opportunities (FBO)  عمليتي  استدراج عروض خلال الأشهر الأخيرة على شركات نقل بحري بغية نقل مواد متفجرة من أوروبا الشرقية إلى ميناء العقبة في الأردن، وذلك لحساب قيادة النقل البحري العسكري في سلاح البحرية الأميركية.

إن صفقات الأسلحة التي تشتريها أو تمولها الولايات المتحدة تتم إدارتها بالكثير من التنسيق والدقة بحيث يتم نقلها إلى المتمردين في شمال سوريا وجنوبها. ويتم إرسال هذه الأسلحة من ميناء كونستانتا في رومانيا على البحر الأسود.
ويتم تسليم قسم من هذه الأسلحة في القاعدة العسكرية التركية آغالارليماني شرقي البحر المتوسط بالقرب من تاسوكو، وذلك لدعم المتمردين في شمال سوريا. ويتم إدخال هذه الأسلحة إلى سوريا عن طريق التهريب بدعم من السلطات التركية (نصف كمية الأسلحة يتم تسليمها في القاعدة العسكرية المذكورة).
أما بقية الصفقة فتذهب إلى ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر (وهي تخص المتمردين في جنوب سوريا)، عبر قناة السويس. ثم يتم إدخالها عبر الحدود الأردنية-السورية عن طريق التهريب.
ويؤكد الموقع المذكور أعلاه أن شحنات الأسلحة الخفيفة الوارد ذكرها أعلاه تتضمن بنادق هجومية (AK47) وبنادق رشاشة متنوعة الاستخدامات (PKM) ورشاشات ثقيلة (DShK) وقاذفات صواريخ خفيفة (RPG-7 ) وأنظمة صواريخ موجهة ضد الدبابات (9K111M Faktoria). ومن الجدير بالذكر أن قسماً كبيراً من قاذفات الصواريخ الخفيفة (RPG) إنما يرسل إلى الشمال السوري.
ومن المهم أن نشير أيضاً إلى  أن الطريق من البحر الأسود إلى سوريا هو نفسه الطريق الذي كان يتم عبره تسليم الأسلحة الأوكرانية إلى تنظيمي القاعدة وداعش.   
    

2016-10-19