ارشيف من :آراء وتحليلات
الفيلبين: الرئيس دوتيرتي على خطى شافيز..
كلنا سمع بالرئيس الفيلبيني (رودريغو دوتيرتي) عندما شتم الرئيس الامريكي باراك اوباما على الملأ خلال مؤتمر صحفي عقده قبل قمة الاسيان التي عقدت في لاوس خلال الاسبوع الاول من شهر تشرين الحالي.
الرئيس الفلبيني اختار الصين في اول زيارة خارجية له بعد توليه السلطة في بلاده، في سابقة سياسية ودبلوماسية لها ما بعدها في العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر الحليف التاريخي للفلبين، حيث تتواجد قواعد عسكرية اميريكية وحيث تمتلك واشنطن لوبي ضغط سياسي وعسكري واقتصادي مكنها من التحكم بقرار مانيلا منذ الحرب العالمية الثانية.
في زيارة الدولة التي بدأها يوم الثلاثاء 18 تشرين الحالي الى الصين وتستمر اربعة ايام ، اصطحب (رودريغو دوتيرتي) معه فريق من كبار رجال الاعمال يضم 200 شخصية في اشارة الى رغبة مانيلا القوية لتشكيل تحالف تجاري جديد مع الصين ، اضافة الى بحث امكانية توقيع اتفاق على استخراج مشترك للنفط من بحر الصين في المنطقة التابعة للفيلبين والتي لا تقع ضمن مناطق الخلاف بين البلدين.
الفيليبين تتحدى واشنطن!
صحيفة نيويورك تايمز قالت في مقال لها الاسبوع الماضي :"نحن نشهد على الاغلب احد الانعطافات الاكثر قوة في السياسة الدولية وفي منطقة المحيط الهادئ الاسيوية، منذ نهاية حرب فيتنام ، الفيلبين احدى اكثر حلفاء الولايات المتحدة قدما في اسيا حيث يمكن لدوتيرتي بكبسة اصبع ان يلغي اتفاقا يعطي الولايات المتحدة الحق في استخدام خمسة قواعد عسكرية اميريكة في الفيلبين ، استراتيجية توازن لا يمكن للولايات المتحدة ان تقبلها طيلة حكم دوتيرتي التي بدأت في 30 حزيران الماضي".
الولايات المتحدة التي ترى هذا التحرك من قبل دوتيرتي عدائيا لها ولمصالحها تجد نفسها في الاوضاع الحالية على اعتاب نهاية الولاية الثانية للرئيس الامريكي باراك اوباما الذي لم يبق له الا شهرين في البيت الابيض مقيدة اليدين لا يمكن لها ان تقوم بعمل من خلف الستار عبر اللوبي المدني والعسكري التابع لها في مانيلا خصوصا ان دوتيرتي فاز بانتخابات ديمقراطية وبنسبة عالية من الاصوات ، وهذا الوضع يترك الحرية للرئيس الفيلبيني على اقل تقدير حتى بداية العهد القادم في الولايات المتحدة الامريكية، دون ان يشعر بالقلق من لعبة امريكية تطاله وتطال حكمه.
دوتيرتي الذي يعبر عن ارائه بطريقة يقال عنها هنا في الغرب انها بذيئة ، وصلت نسبة التأييد له في استطلاعات الرأي في بلاده الى تسعين بالمائة من آراء الناس، وهذا ما يعطيه قوة اكثر في وجه الضغوط الامريكية، ويشبهه بعض الساسة والاعلاميين في الغرب بالرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز ، في توجهاته اليسارية وعدائه الكبير ضد امريكا والذي بدأه بشتم الرئيس الامريكي علنا .
في هذه الزيارة يسعى الرئيس الفيلبيني لنزع فتيل التوتر مع الصين بعد رفض الاخيرة لقرار محكمة لاهاي حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في بحر الصين ، وهو يأمل الحصول على الدعم الاقتصادي من الصين، التي ترحب بهذا التقارب على ما يبدو من كلام مدير الاكاديمية الصينية للعلوم الذي قال ان الصين كدولة كبيرة، وما لديها من تاريخ قديم هي الان اكثر تصميما على النظر الى جيرانها في المجمل ، ومع الفيلبين على الصين ان تتعامل برؤية طويلة الامد، يجب رؤية الفلبين عقدة استراتيجية مهمة للصين في القرن الواحد والعشرين، يمكن القول ان الفلبين تعادل للصين طريق الحرير البحري ، الذي سوف يمكن بكين من بناء نظام بحري جديد، يربط بحار شرق وجنوب الصين .
ايضا استطلاعات الرأي الاخيرة في الفيلبين اظهرت ان الفيلبينيين ما زالوا يثقون بامريكا اكثر من الصين ، فعل يتمكن دوتيرتي من تغيير هذه المعادلة واخراج بلاده من الحلف الامريكي ، ام ان لواشنطن كلمة اخرى سوف تظهر مع وصول الرئيس الجديد الى البيت الابيض؟