ارشيف من :آراء وتحليلات
لماذا يُعتبر حزب الله المنتصر الاكبر في انتخابات رئاسىة الجمهورية ؟
ليس حدثا عاديا ما جرى بالامس في مجلس النواب والذي افضى الى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية بعد فراغ زاد عن السنتين ونصف السنة ، في الوقت الذي كان قد اعرب فيه الكثيرون - داخليا وخارجيا - عن فقدانهم الامل بتنفيذ الاستحقاق الدستوري الاساس في تركيبة السلطة والشراكة في لبنان .
قد لا يكون مهما ما جرى حول التفاصيل الشكلية التي رافقت عملية الانتخاب ، حيث بقيت ضمن الاطر القانونية والدستورية التي تقفل اي مجال للانتقاد او للطعن حول النتيجة ، وحيث يبقى لما سبق الانتخاب من تحول في الاصطفافات السياسية ومن تبديل في تأييد المرشحين للرئاسة دور فاعل في تظهير النتيجة لمصلحة الرئيس عون . وبناء عليه فقد تسابقت اطراف عدة على اعتبار نفسها منتصرة ، الا ان حزب الله يبقى المنتصر الاكبر في هذا الاستحقاق وذلك للاسباب التالية :
- لقد انتصر مرشحه الاول والاخير رغم ما تعرض له من ضغوطات على خلفية اتهامه بتعطيل الانتخابات كونه اتخذ الخيارالصعب والمستحيل وغير الواقعي ، وحيث ان مرشحه لم يكن بداية يحظى بتأييد العدد الكافي من الكتل والنواب لوصوله.
- رئيس الجمهورية المنتخب هو شريك وحليف اساسي لحزب الله ، تجمعهما وثيقة تفاهم جريئة لما تتضمنه من نقاط وعناوين تعالج اكثر المواضيع حساسية داخليا وخارجيا ، وقد تعرضت لاكثر من معمودية او من استحقاق وبقيت راسخة وثابتة.
وفاء وصدق بين عون وحزب الله
- رئيس الجمهورية المنتخب هو داعم بعنف وبقوة لخيارات ولقرارات حزب الله الاكثر جدلية ، والتي تنال القسم الاكبر من التصويب والانتقاد الداخلي و الخارجي حول وقوفه الواسع والقوي والواضح مع الدولة السورية ومع الرئيس الاسد في الحرب الكونية التي تشن على سوريا وعلى جيشها وشعبها وحكومتها ، وذلك على خلفية رؤية استراتيجية ظهرت بالامس في بعض زوايا خطاب القسم ومنها نظرته للحرب الاستباقية في مواجهة الارهاب .
- من ناحية اخرى ، لا شك ان حزب الله كان بحاجة لدعم وتأييد شخصية سياسية ووطنية مهمة كالعماد عون قبل انتخابه ، وذلك لكون الاخير زعيما لتيار واسع ورئيسا لاكبر تكتل نيابي يحمل صبغة مسيحية الى حد ما ، فان في وصول هذه الشخصية ، وبدعم واضح منه الى الموقع الرسمي الاول هو انتصار سياسي واستراتيجي للحزب ،فالرئيس يستطيع من خلال هذا الموقع تقديم غطاء ودعم وطني كبير يحتاجه الحزب في معركته المفتوحة بمواجهة جهات داخلية واقليمية ودولية .
طبعا ، جميع ما ذُكر اعلاه هو مهم واساسي ويمكن وضعه في خانة الاسباب الموجبة والواضحة لكي يعتبر حزب الله نفسه منتصرا في وصول حليفه العماد عون الى رئاسة الجمهورية اللبنانية ، حيث الدعم السياسي الرسمي مهم ، وتفهّم السلطة وعلى رأسها العماد عون كرئيس للجمهورية لهواجس واهداف حزب الله في الصراع الوجودي الذي يخوضه ايضا هو ضروري واساسي ويشكل ضمانة تحمي ظهر المقاومة خاصة في المحافل والمناسبات الدولية في ظل هذه المعركة الكونية التي تشن عليها اقليميا ودوليا ، ولكن ...
تبقى نقطة اساسية وحساسة طالما كانت من اكثر النقاط الاستراتيجية التي سعى اليها الحزب سابقا ويسعى لها دائما وهي ما استطاع العماد عون زرعه وترسيخه ، او ما كان له الدور الاكبر في زرعه وتقويته في وجدان فئة كبيرة من اللبنانيين – خاصة المسيحيين الذين يمثلهم الرئيس عون خير تمثيل في مبادئهم وفي رؤيتهم وفي نظرتهم للدولة وللشركاء في الوطن - وهي القناعة الراسخة بمفهوم المقاومة والالتزام الكامل بخياراتها الجريئة والحساسة و بقرارات قادتها وعلى رأسهم سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، والذي قد لا نكون مبالغين انه ربما ينافس الرئيس عون في تأييد هذه الشريحة الوطنية الواسعة له في الاوساط المسيحية .
لا شك ان العماد عون وهو صاحب الرؤية الاستراتيجية الثاقبة قد لعب دورا اساسا في تثبيت هذه القناعة خيارا وجوديا مشرقيا راسخا في مبادئهم وفي ثقافتهم .
يمكننا القول ان حزب الله هو المنتصر الاكبر في انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية .