ارشيف من :آراء وتحليلات
هل يتكرر السيناريو التونسي في المغرب؟
تتواصل الاحتجاجات في المغرب على الحادثة الأليمة التي راح ضحيتها بائع السمك محسن فكري الذي طحنته شاحنة النفايات بأمر من رجل أمن. ولعل ما يؤجج هذه الاحتجاجات هو انتماء الضحية إلى منطقة جبال الريف الأقل تنمية في المغرب والتي يقطنها الأمازيغ الذي ساهموا مساهمة فاعلة في استقلال المغرب ومن أشهر مناضليهم عبد الكريم الخطابي.
ويشعر أهل بلاد الريف بالاحتقار أو "الحقرة" بحسب اللفظ في البلاد المغاربية، فهم في العادة، وعلى غرار سكان بلاد القبائل في الجزائر والمناطق الداخلية في تونس، يعتبرون الخاصرة الرخوة لبلدهم والتي يمكن أن تتأجج فيها الأوضاع في كل وقت. كما أن الأطراف الخارجية التي قد تفكر بالتآمر على هذه البلدان ستوجه اهتمامها إلى هذه المناطق دون سواها لزعزعة الاستقرار.
سيناريو البوعزيزي
ويشبّه كثير من الخبراء والمحللين هذه الحادثة المغربية الأليمة التي شهدتها مدينة الحسيمة بحادثة البوعزيزي التي حصلت في 2011 في مدينة سيدي بوزيد التونسية. ويتوقع هؤلاء أن يعرف النظام المغربي ذات مصير نظام بن علي خاصة وأن نسب الفقر والبطالة في المغرب كانت تتفوق على نظيرتها في تونس في سنة 2010، أي قبيل الإطاحة بنظام بن علي.
هل يتكرر سيناريو تونس؟
فمحمد فكري شأنه شأن البوعزيزي ينتمي إلى عائلة فقيرة وإلى منطقة مهمشة لا توجد بها تنمية وتعاني من الإهمال الحكومي. كما أن كلاهما عاطل عن العمل ويتدبر أمره من خلال تعاطي نشاط عرضي والعمل كبائع متجول وإن اختلفت البضاعة المعروضة.
غياب الإرادة الدولية
بالمقابل فإن البعض الآخر يرى أنه لا سبيل لأن يتكرر السيناريو التونسي في المغرب، وفي هذا الإطار يعتبر الكاتب والسياسي التونسي ماجد البرهومي رئيس المركز المغاربي للبحوث والدراسات والتوثيق في حديثه للعهد الإخباري أن هناك أسبابا عديدة تحول دون تكرار السيناريو التونسي، لعل أهمها غياب الإرادة الدولية في تغيير الأنظمة الملكية في المنطقة في الوقت الحاضر. فمشروع ما يسمى "الربيع العربي" اقتصر مرحليا، بحسب محدثنا، على الأنظمة غير الملكية عربيا مع استثناء بعض الجمهوريات التي نالت حظها من "الفوضى" في وقت ما على غرار لبنان والعراق والجزائر.
ويضيف محدثنا قائلا: "لقد كان رأس النظام التونسي مطلوبا سنة 2010 لتكون تونس نقطة عبور للاستحواذ على النفط الليبي وذلك بالنظر إلى العلاقات المتينة التي كانت تربط نظامي القذافي وبن علي والتي تجعل الأخير لا يقبل بأن تستعمل تونس من قبل الناتو لاستهداف ليبيا. ولكن هذا لا ينفي أن الاحتجاجات الاجتماعية في تونس كانت عادلة ومطالبها شرعية لكن الطرف الخارجي المتآمر كان يتحين الفرصة لتحرك شعبي اعتيادي لتأجيجه من خلال قناصة أجانب تورطوا في اغتيال متظاهرين وإعلام يضخم الحدث على غرار ما قامت به قناة الجزيرة ومدونون تم تدريبهم في صربيا وغيرها وبعض المتواطئين من الداخل من المعارضة والموالاة. ويبدو جليا أن السيناريو لن يتكرر في المغرب وأن الإعلام لا يولي الحدث اهتماما كبيرا وكذا المواقف الرسمية للدول الأجنبية، لذلك ستمر الأزمة بعد فترة وكأن شيئا لم يكن".