ارشيف من :آراء وتحليلات

حتى الاكراد غير مقتنعين بانهم سيسيطرون على الرقة

حتى الاكراد غير مقتنعين بانهم سيسيطرون على الرقة

عندما تشاهد هذه الفورة الاميركية لتحرير الرقة من داعش ديبلوماسيا واعلاميا وبهذا الزخم وبهذه الجدية، تعتبر انه من المفترض ان يكونوا قد حشدوا لهذه المعركة جيشا جرارا لا يقل عن 50 الف مقاتل، مجهزين بعتاد كامل وكاف للهجوم على عاصمة الخلافة في سوريا حيث سيقاتل داعش باللحم الحي عن آخر مدينة تحوي ما تبقى له من بنية تنظيمية وادارية وعسكرية، وبالتالي عن آخر امل له بالمحافظة على نواة دولته، ليتبين ان العدد الاقصى الذي تم حشده لا يتجاوز العشرة الاف مقاتل اغلبهم من الاكراد الذين، حتما سيستفزون ابناء الرقة وعشائرها من العرب لقتالهم وذلك بمعزل عن تأييدهم او معارضتهم لداعش .

بداية، يمكن استنتاج طبيعة المعركة حتى الان من سير الاشتباكات المتعثرة في ارياف الرقة الشمالية في عين عيسى ومحيطها او في الارياف الشمالية الشرقية في الشدادي، حيث كانت تلك المناطق دائما وما زالت مسرحا لعمليات الكر والفر بين الطرفين ( داعش والاكراد ) مع ارجحية للتنظيم الارهابي الذي نفذ العشرات من عمليات التفجير الناجحة التي كانت تستهدف حواجز ونقاط تمركز الاكراد ويسقط لهم من جرائها اصابات كثيرة .

حتى الاكراد غير مقتنعين بانهم سيسيطرون على الرقة

هل ينجح الاكراد في الرقة؟

طبعا الاميركيون غير مقتنعين بارتفاع فرص نجاح العملية التي دفعوا اليها الاكراد ، مستغلين حماسة هؤلاء لامتلاك اكبر مساحة ممكنة من الاراضي والتفاوض عليها عند وضع فدراليتهم الموعودة على بساط البحث الدولي والاقليمي، ولكن ما جعلهم (الاميركيين ) يقررون السير بهذه العملية في هذا الوقت بالذات بالرغم من الغموض الذي ما زال يلف معركة تحرير الموصل ومعارك حلب واريافها على مختلف تشعباتها هي الاسباب التالية :

- ليس سهلا ما يتم تداوله وما تم فضحه في وثائق ويكيليكس وغيرها من الوثائق الاخرى الصادرة عن دول مختلفة في الشرق او في اوروبا، ديبلوماسية او اعلامية او من الميادين الملتهبة في كل من العراق او سوريا او غيرها عن تورط الادارة الاميركية في خلق ورعاية وتوجيه واستغلال داعش، ولذلك هم بحاجة الان وعلى الصعيد الدولي والاميركي الداخلي لتبييض صفحة ادارتهم في موضوع محاربة داعش، وذلك عشية الانتخابات التي يشتد فيها ضغط الجمهوريين ومرشحهم ترامب على الحزب الحاكم المسؤول وعلى مرشحته المتورطة الاساسية في فضائح داعش وغيرها، فخلقوا كذبة تحرير الرقة ( عاصمة الخلافة في سوريا ) من داعش لصرف الانظار عن هذا التورط وللايحاء بجديتهم في محاربة التنظيم الارهابي الاكثر دموية والذي يستحوذ على الجدلية الاكبر بسبب غرابة قدراته وثباته حتى الان بمواجهة تحالف دولي بقيادة الدولة الاقوى عسكريا في العالم .

- لقد اكتشفوا ومن خلال متابعة معارك تحرير الموصل وكامل نينوى ان داعش بدأ يخسر فعاليته المعهودة في القتال، وسينطبق هذا التراجع حكما على كامل وحداته في سوريا وخاصة في الرقة ودير الزور بعد ان فقد المرونة وامكانية دعم وحداته في امكنة بعيدة، وهذا ما اعتبره الاميركيون ثغرة مهمة فيما لو قرر الجيش العربي السوري وحلفاؤه وبدعم روسي، تنفيذ مهاجمة صاعقة وسريعة من تدمر شرقا باتجاه دير الزور او من ريف حماه الشرقي باتجاه مطار الطبقة فالرقة والسيطرة على مناطق تواجد داعش في الشرق السوري، فرأوا في فتح المعركة باتجاه الرقة بواسطة الاكراد سبقا وإبعادا للجيش العربي السوري الذي حتما حينها، سيتجنب الاحتكاك مع وحدات مدعومة من التحالف الدولي بقيادتهم ( اي الاميركيين ) .

لقد اكتشف الاميركيون ايضا تنامي حركات معارضة قوية لداعش في تلك المناطق من شرق سوريا وذلك من قبل عشائر وقبائل عربية متعددة ، مما سيقوي المناورة المرتقبة للجيش العربي السوري والتي فيما لو نفذها سيكون لديه فرص مرتفعة لان ينتصر فيها.

- ايضا، سيكون الاميركيون مسرورين عندما يشاهدون هذا الاشتباك والتداخل بين الوحدات المختلفة في الشمال والشرق السوري ، وحدات داعش وقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردي ووحدات درع الفرات المدعومين من تركيا، وايضا وحدات عسكرية تركية بالاضافة لوحدات من الجيش العربي السوري وحلفائه، وكل ذلك في الميدان السوري حيث لم تستطع حتى الان ان تثبت اي من مخططاتها حول التقسيم او التفتيت او ابعاد الجيش والنظام السوري، وبالتالي فان تعقيد الامور في هذا الميدان سوف يكون مطلوبا ومرحبا به اميركيا.

كل هذه الاسباب، بالاضافة لاسباب اخرى مجهولة وغير واضحة تبعا لسياسة الولايات المتحدة الاميركية غير المفهومة والخبيثة كالعادة، جعلت الاخيرة تستعجل الوحدات الكردية للتحرك باتجاه الرقة وترمي هذه الوحدات في اتون معركة حساسة، من الواضح انها لن تكون سهلة عليها ان لم تكن مستنقعا لها او سببا لانهيارها، والذي اصبح مطلوبا دوليا واقليميا .

 

2016-11-08