ارشيف من :آراء وتحليلات
ايها اللبنانيون جميعا ... لا تنسوا شهداء حزب الله
قد يكون من اهم الاسباب التي تجعل هذا الالتزام ثابتا وراسخا من جهة، ودافعا او حافزا للقتال حتى الاستشهاد من جهة اخرى في اشرس المعارك واكثرها حساسية ميدانيا وعسكريا لدى مقاتلي حزب الله، هو هذا التقدير الصادق والوفاء الراسخ لدى قيادة المقاومة للشهداء وللجرحى ولعائلاتهم ولبيئتهم ولمجتمعهم. ويظهر هذا التقدير من خلال متابعة ما تقوم به قيادة حزب الله لناحية ذكرى الشهداء معنويا ووجدانيا وانسانيا، ويظهر ايضا واضحا وجليا في ما تقوم به من النواحي المادية واللوجستية والاجتماعية والمعيشية لعائلات هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بدمائهم وبشبابهم وبحياتهم، لتكبر وتسمو في نظر تلك العائلات قيمة هذا الوفاء والتقدير والاحترام والاعتراف بقدسية شهادة هؤلاء الابطال في نظر قيادتهم.
يعود هذا الالتزام ايضا لدى المقاتلين ولدى بيئتهم، الى قناعة اصبحت راسخة بقدسية وبضرورة هذه المعارك التي انخرطوا وينخرطون فيها، ان كان في مواجهة العدو الاسرائيلي او في مواجهة العدو التكفيري، فبالنسبة لعدو غاشم كالعدو الصهيوني، لا حل مع اطماعه وغطرسته وهذا ما اثبتته جميع الميادين التي نفذ فيها اعتداءاته وحروبه على كامل المحيط القريب، الا بقتاله وبمقاومته، وذلك على الرغم من الفارق الكبير في الامكانيات والتقنيات والتجهيزات العسكرية والمالية، لتأتي المقاومة بالتزامها وبصدقها وبوفاء شهدائها، وتكسر هذا الفارق وتنتصرعلى هذا العدو وترغمه على الانسحاب مهزوما من اراضينا التي احتلها لفترات طويلة، بالرغم من قرارات اممية متعددة كانت قد صدرت ضد هذا الاحتلال وفشلت في انهائه. والمقاومة اليوم وايضا بفضل دماء شهدائها تخلق توازن رعب في مواجهته.
لا تنسوا فضل شهداء حزب الله...
اما الارهاب التكفيري، فهو لا يقل اجراما وغطرسة وخطورة عن الصهيوني، و لا إمكانية للتهرب من مواجهته وقتاله اينما وجد، لانه لا يعترف بحدود ولا يحترم اية قيود مهما تنوعت، انسانية كانت او طائفية مذهبية او عربية اسلامية، وهذا ما تنبهت اليه المقاومة، قيادة وكوادر ومقاتلين. وقد شنت المقاومة معركة استباقية فهمت ابعادها وضرورتها واحقيتها. وبالفعل تمت مواجهة الارهاب التكفيري وحصل الانتصار، واستطاع مجاهدو المقاومة ابعاد خطره وتأثيره عن حدودنا. كل هذا بفضل كوكبة كبيرة من الشهداء الذين سالت دماؤهم على الحدود وخارجها. انقذ هؤلاء الشهداء مجتمعنا ووطننا من هذا الخطر التكفيري، ونحن اليوم وبعد انتخاب الرئيس العماد ميشال عون نتجه لتحصين دولتنا من خلال التفاهمات والانفتاحات ما يؤسس لاستكمال وحدة وطنية اصبح ينشدها اغلب اللبنانيين. هنا ايضا لعب ويلعب وسيلعب حزب الله وقيادته وشهداؤه دورا كبيرا في تثبيتها وفي تمتينها.
ولكن... يبقى السؤال دائما هو: اين اللبنانيون جميعا من هذه التضحيات التي قدمها شهداء حزب الله ؟ الم يقتنعوا حتى الان ان الدور الاساس في تحرير اراضينا المحتلة من العدو الاسرائيلي هو لشهداء حزب الله الذين لم يدخلوا مرة في زواريب السياسة الداخلية وفي متاهاتها، وعاشوا حياتهم في رحاب المقاومة على حدود المناطق المحتلة وداخل ميادينها، بعيدا عن المناطق الاخرى وعن الاحزاب والتكتلات السياسية والمذهبية والطائفية، وهم باكثرهم بالكاد يعرفون غير مناطق قتالهم واستشهادهم جنوبا او في البقاع الغربي؟
الم يقتنع اللبنانيون جميعا حتى الان باهمية الدور الاستراتيجي الذي لعبته المقاومة في معركتها الاستباقية ضد العدو الارهابي التكفيري؟ الم يقتنعوا باحقية وبقدسية هذه المعركة التي يضعها قسم منهم محدود الرؤية، باطار ضيق يتعلق بقتال ثوار ضد نظام او ضد جيش؟ الا يعني لهؤلاء المحدودي الرؤية الحاقدين شيئا من التواجد الدولي الغربي، الاوروبي والاميركي والروسي في محيطنا القريب لمواجهة الارهاب الذي تفلت من سيطرتهم بعد ان خلقوه ودعموه ورعوه لتنفيذ مآرب سياسية ومخططات جهنمية مجرمة؟
إن اللبنانيين جميعا مدعوون اليوم وبمناسبة " يوم الشهيد " الذي نظمه حزب الله، للوقوف وقفة وفاء واعتراف بالجميل لمن أهدر دمه دفاعا عن الارض وعن الكرامة وعن السيادة دون مقابل. ليس الموضوع توجها معينا مع حزب الله او ضده، وليس الموضوع ابدا موقفا سياسيا وطائفيا ومذهبيا مع المقاومة او مع فريق ضد آخر. ليبقَ كلٌّ على توجهاته السياسية والاجتماعية والحزبية، في الداخل ومع المحيط القريب او البعيد، ولكن لا يمكن لاحد ان يغض نظره عن الوقائع على الارض وفي الميدان، ولا يمكن لاحد ان يغمض عينيه عن حقيقة ساطعة كالشمس في موضوع قتال ومواجهة العدو الاسرائيلي او في موضوع قتال ومواجهة العدو التكفيري. ان هذه الحقيقة هي الشهادة، انها الدماء الزكية الطاهرة، انهم ابطال حزب الله الذين خلقوا معادلة القوة والانتصار والثبات، انها المقاومة وشهداؤها.