ارشيف من :آراء وتحليلات
أزمة بين الحزبين الكبيرين في تونس
تشهد العلاقة بين الحزبين الكبيرين في تونس والمتحالفين في ائتلاف حاكم يضم أحزابا خمسة أخرى، تصدعا في العلاقة التي نشأت بينهما بعد توافق كبيريهما رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي والشيخ راشد الغنوشي. ويخشى أن تؤثر هذه الأزمة على حالة الوفاق التي تسود الساحة السياسية التونسية وساهمت في تجنيب البلاد حربا أهلية كانت قاب قوسين أو أدنى.
ويعود سبب خلاف حركتي نداء تونس والنهضة إلى صدور حكم قضائي ابتدائي يبرئ ساحة متهمين في قضية قتل لمسؤول جهوي سابق لحركة نداء تونس. والمتهمون بالضلوع في قتل القيادي الندائي هم عناصر مما يعرف في تونس بـ"رابطات حماية الثورة" التي تضم مقربين من حركة النهضة ومن حزب الرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي.
صراع وشيطنة
وتعود أصول القضية إلى الفترة التي سبقت انتخابات 2014، أي قبل المصالحة والتحالف، حين كان الحزبان في صراع كبير ويتبادلان التهم جزافا ويشيطن كل منهما الآخر. وفي هذا الإطار هاجمت عناصر من رابطات حماية الثورة بولاية تطاوين بأقصى جنوب البلاد المسؤول الجهوي لنداء تونس لطفي نقض وحصل اعتداء وسحل للمسؤول الندائي الذي توفي لاحقا بعد أن تم نقله إلى المستشفى.
ازمة بين الحزبين الكبيرين ...
ورغم حديث أحد التقارير الصادرة عن الطب الشرعي عن أن الوفاة كانت ناجمة عن العنف الذي تعرض له لطفي نقض إلا أن القضاء برأ المتهمين من تهمة القتل وهو ما أثار حالة من الغضب في صفوف الندائيين. فقد استقالت مكاتب جهوية ندائية احتجاجا على استمرار تحالف الباجي قائد السبسي مع حركة النهضة التي يتهمونها بتسييس القضاء منذ زمن الترويكا ووزير العدل نور الدين البحيري.
طلب توضيحات
لقد أصدرت حركة نداء تونس بيانا شديد اللهجة تطالب فيه حليفتها حركة النهضة بتوضيح موقفها من رابطات حماية الثورة التي ما زالت تنشط رغم صدور قرار قضائي يقضي بحلها. وينتظر كثير من المراقبين الرد السياسي لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي يلتزم الصمت إلى حد الآن ولم يعبر على أي موقف.
ويرى البعض أن الهدف من صدور هذا الحكم المسيس هو تحجيم رئيس الجمهورية فيما يرى آخرون أن الهدف هو إحراجه أمام أنصاره خاصة وأن حزبه نداء تونس في حالة من الوهن بعد انقسامه وتعدد الشقوق داخله. وهناك شبه إجماع على أن جزءا من القضاء التونسي مسيس ولم يحقق بعد استقلاليته عن السلطة التنفيذية وبالتالي فإن أحكامه تحظى بالتشكيك وانعدام الثقة.
فهل يقدم الباجي قائد السبسي على فك ارتباطه بحركة النهضة، أم يقوم بحل البرلمان وهو ما يدخل في إطار صلاحياته الدستورية ويعيد خلط الأوراق، أو أنه سيقبل بالأمر الواقع في غياب حزب قوي يسنده؟