ارشيف من :آراء وتحليلات
انطلاق جلسات الاستماع لضحايا الإستبداد وسط جدل واسع
تشهد جلسات الاستماع العلنية، إلى ضحايا العهد السابق، التي تبثها مباشرة القنوات التلفزيونية التونسية، ضمن مسار العدالة الانتقالية في تونس، الكثير من الجدل. فهي تلقى الكثير من الترحيب من أطياف سياسية كانت تعارض نظام ابن علي، بينما تتعرض لكثير من النقد من قبل معارضين آخرين و موالين لنظام ابن علي.
وترعى هذه الجلسات هيئة الحقيقة والكرامة التي عهد لها بملف العدالة الإنتقالية في تونس و منحت لها صلاحيات واسعة. و ترأس هذه الهيئة الناشطة سهام بن سدرين التي عرفت بعداوتها لنظام ابن علي و بقربها من حركة النهضة رغم انتمائها إلى العائلة اليسارية.
غياب الحياد
وبين ما يعاب على هيئة الحقيقة و الكرامة هو عدم توفر الحياد في رئيستها باعتبارها معارضة سابقة لنظام ابن علي. كما يرى البعض أنه كان يفترض أن يترأس هذه الجلسات قاض خبر استنطاق المتهمين و الشهود على حد سواء خاصة بعد الضعف في الأداء الذي لاح على سهام بن سدرين خلال الجلسات.
هل تسير تونس على طريق المسامحة والعفو؟
كما تثير مسألة عدم نظر الهيئة في شكاوى رفعت ضد تيارات هي اليوم في الحكم، الكثير من الانتقاد لهذا المسار للعدالة الانتقالية التي وصفها البعض بأنها انتقائية. فهناك انتهاكات حصلت خلال العهد السابق لأفراد من أبناء المنظومة الحاكمة قيل أن العدالة الإنتقالية ستشملها لكن شيئا من ذلك لم يحصل.
خطوة هامة
بالمقابل، يرى آخرون أن هذه الجلسات للاستماع هي دليل قاطع على أن تونس تسير في الاتجاه الصحيح. فالعدالة الانتقالية خطوة هامة على درب البناء الديمقراطي بعد أن تم تركيز مؤسسات الدولة بموجب انتخابات 2014 التشريعية و الرئاسية. فالضحايا بحاجة إلى التعبير أمام الرأي العام عما طالهم لعل ذلك يخفف من المعاناة و يمهد إلى المصالحة و لبناء تونس جديدة تصان فيها كرامة الفرد و لا يعتدى فيها على الحريات.
ويشار إلى أن العدالة الانتقالية هي منظومة قضائية متكاملة لمعالجة مخلفات مرحلة سياسية للانطلاق نحو أخرى، وعادة ما يتم اعتمادها بعد حصول ثورة أو نهاية حرب أهلية أو حصول دولة على استقلالها. و تتضمن العدالة الانتقالية جملة من الآليات تتضمن كشف الحقائق من خلال فتح الأرشيفات والاستماع إلى الضحايا بصورة علنية، وهو ما يحصل الآن في تونس، ثم اعتذار الجلادين وتعهدهم بعدم تكرار هذه الأفعال وأخيرا تطهير أجهزة الدولة وإصلاح المؤسسات والتشريعات لضمان عدم العودة إلى الاستبداد وهو ما قطعت فيه تونس أشواطا كبيرة.