ارشيف من :ترجمات ودراسات
جبهة النصرة في موقع الاستهداف: ترامب يدفع باتجاه أول تغيير سياسي كبير بخصوص سوريا
الكاتب : Moon of Alabama
الموقع : free.niooz.fr/
13 تشرين الثاني / نوفمبر 2016
الأوفياء تجاه الحكومة السورية يشعرون بالفرح لأن دونالد ترامب قد فاز في الانتخابات الأميركية.
في نقطة مراقبة جوازات السفر، أشرق وجه الضابط السوري عندما رأى مسافراً أميركياً، وقال بأعلى صوته وهو يرفع سبابته بحماس : "تهانينا لكم برئيسكم الجديد !". ثم أضاف : "من شأن السيد ترامب أن يكون جيداً لسوريا".
الإدارة الأميركية الجديدة تقوم بخطوة أولى ذات دلالة حتى قبل أن يبدأ ترامب بالقيام بأعباء منصبه. فأوباما، المنشغل بشكل أناني بإرثه التاريخي، يغير موقفه فجأة بنسبة 180 درجة، ويبدأ بتنفيذ سياسة ترامب.
لننظر في الموقف كما كان في البداية :
في مناظرة أجراها مع كلينتون حول حلب في تشرين الأول / أكتوبر، قال ترامب بأن ما يجري هو كارثة إنسانية، ولكن المدينة سقطت "تقريباً". وأضاف بأن كلينتون تدعم المتمردين دون أن تعرف من هم.
فالمتمردون الذين يقاتلون ضد الأسد في غرب سوريا بينهم سوريون يقاتلون تحت راية الجيش السوري الحر. وبعض هؤلاء تم تدريبهم وفق برنامج تدعمه وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وجهاديون ينتمون إلى جماعة كانت تعرف باسم "القاعدة".
عن طريق جون برينان، رجل السعوديين في ال سي آي أي، قامت إدارة أوباما بتسليح وتدريب "المتمردين المعتدلين" وبتزويدهم بمليارات الدولارات. ولم يلبث هؤلاء المتمردون أن انقلبوا ومكنوا تنظيم القاعدة في سوريا (المعروف باسم جبهة النصرة) من الاستفادة من هدايا الـ سي آي أي، في حال عدم انضمامهم صراحة إلى صفوف هذا التنظيم.
ولم يكن كل ذلك سراً لأحد. وقد اشتكت روسيا، كما سوريا، من ذلك لمرات عديدة. وبهذا الشأن، أجرى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، محادثات مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وحصل منه على وعد بالفصل بين "المتمردين المعتدلين" و"تنظيم القاعدة". لكن كيري لم يف بوعده على الإطلاق. بل قام، على العكس من ذلك، بتوجيه الاتهام كذباً إلى روسيا بأنها ترتكب فظاعات لم تحصل أبداً. فالحقيقة أن الـ سي آي أي هي صاحبة القرار داخل إدارة أوباما حيث تواصل القيام بتنفيذ خططها الخبيثة.
ولكن أوباما غير موقفه في اليوم الذي وطئت فيه قدما الرئيس المنتخب ترامب أرض البيت الأبيض. ففي حين كان أوباما يلتقي بترامب في المكتب البيضاوي، لوحظ أن سياسة جديدة قد تم اعتمادها.
وكانت هذه السياسة الجديدة قد أعدت مسبقاً، لكن تطبيقها تم تأخيره حتى انتهاء الانتخابات. والأرجح أن هذا التوجه الجديد ما كان سيتم الكشف عنه ولا وضعه موضع التنفيذ، فيما لو كان الفوز من نصيب هيلاري.
الولايات المتحدة تعلن أنها، من الآن فصاعداً، ستحارب تنظيم القاعدة في سوريا :
صرح العديد من المسؤولين الأميركيين بأن الرئيس أوباما وجه أوامره إلى البنتاغون بالعثور على قادة تنظيم مرتبط بالقاعدة في سوريا وقتلهم، بعد أن كانت الإدارة الأميركية قد تغافلت إلى حينه عن هذا التنظيم الذي كان يشكل طليعة الصراع ضد الحكومة السورية.
هذا التحول قابل لأن يتسارع عندما يبدأ الرئيس المنتخب، ترامب، بالقيام بأعباء وظيفته. ومن الممكن أن يتم ذلك بالتعاون مع موسكو.
وقد عارض مسؤولون أميركيون قرار مهاجمة القيادة الموسعة لجبهة النصرة بحجة أن الولايات المتحدة تستجيب لما تتمناه حكومة الأسد من خلال إضعاف جماعة تقف في خط المواجهة الأول ضد الأسد.
ومن جهته، وقف وزير الدفاع، آشتون كارتر، في البداية، مع قياديين آخرين في البنتاغون، ضد فكرة إرسال طائرات مراقبة وطائرات بدون طيار مسلحة للقيام بهجمات ضد جبهة النصرة.
القاعدة حزنت لهزيمة كلينتون
آشتون كارتر هو، مع جون برينان، القوة الرئيسية المعادية لروسيا في إدارة أوباما. فهو يدعم صناعة التسلح الأميركية والحملة على روسيا. وهو يشجع بيع الأسلحة الأميركية للحلفاء الأوروبيين في الناتو. وهو يعتبر تنظيم القاعدة في سوريا قوة جيدة تحارب بالوكالة ضد روسيا.
لكن أوباما قرر الآن وقف العمل بهذه السياسة. ولسنا متأكدين تماماً من أن ذلك أصبح نهائياً ولكن مؤشرات عديدة منها مقالة لصحيفة نيويورك تايمز تؤكد ذلك.
تغيير اميركي تجاه سوريا !
مكتب مراقبة الأموال في الخارج التابعة لوزارة الخزانة الأميركية اتخذ اليوم إجراءات تهدف إلى منع العمليات العسكرية التي تشنها جبهة النصرة، إضافة إلى منع تمويلها ووقف عمليات التجنيد التي تقوم بها. وبموجب المذكرة رقم 13224 الهادفة إلى ملاحقة الإرهابيين وكل من يقدم الدعم للإرهابيين وللأعمال الإرهابية، أعطى المكتب أسماء أربعة من قادة النصرة الأساسيين المستهدفين وهم عبد الله محمد بن سليمان المحيسني، وجمال حسين زينية، وعبد الرحمن الجشري (؟)، وأشرف أحمد العلاق.
وقد تم استهداف هؤلاء القادة بالتنسيق مع وزارة الخارجية الأميركية التي أكدت أن جبهة "فتح الشام" هو اسم آخر لجبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا.
أما عبد الله بن سليمان المحيسني فهو متهم بالعمل لحساب جبهة النصرة، أو باسمها، وبتقديم خدمات لها.
وهذا يشكل تغيراً كبيراً في سياسة الولايات المتحدة. وعليه، فإن جبهة النصرة لم تعد هدفاً للهجمات الروسية والسورية وحسب، بل أصبحت أيضاً هدفاً للقوات العسكرية والاستخبارية الأميركية.
إن المحيسني، وهو رجل دين سعودي مستهدف هو المنظر الإيديولوجي الرئيسي لجبهة النصرة في سوريا. وينظر إليه البعض على أنه أسامة بن لادن الجديد. وهناك صور يظهر فيها متكاتفاً مع قائد تنظيم القاعدة في سوريا الصحافي والإعلامي الدعوي هادي عبد الله.
هذا، وقد حصل هادي عبد الله مؤخراً، وهو صديق إرهابي القاعدة المستهدف والمدعو "المحيسني"، حصل على جائزة حرية الصحافة للعام 2016، والتي تمنح من قبل "مراسلون بلا حدود". وهادي عبد الله هو أيضاً ناشط في عمليات "تغيير النظام" الممولة من قبل الـ سي آي أي وجورج سوروس. هل يعني هذا أن هادي عبد الله هو نفسه عميل للـ ٍسي آي أي ؟ الحقيقة أنه ليس أول "صحافي" عميل لوكالات الاستخبارات الأميركية في سوريا.
إذن، ونحن هنا أمام نتيجة أكيدة لانتخاب ترامب، وجه أوباما أوامره للبنتاغون بشن الحرب، شأنه شأن روسيا، على تنظيم القاعدة في سوريا. ويأتي ذلك بعد خمس سنوات من دعم يكاد يكون غير محدود من قبل الولايات المتحدة للقاعدة ولفروعها السورية "المعتدلة". ولا نعرف حتى الآن ما هي التوجيهات الجديدة التي أعطاها أوباما إلى الـ سي آي أي. فهل تقوم هذه الأخيرة بوضع هذه السياسة موضع التنفيذ، أم أنها ستحاول (مرة أخرى) معاكسة سياسة البنتاغون في سوريا ؟ فإنه من غير المعتاد أن تكتب الصحف حول هذا التوجه الجديد دون أن نلحظ ولو تعليق واحد من قبل الـ سي آي أي.
إن كلاً من روسيا وسوريا ستتبادلان التهاني بخصوص سياسة أوباما الجديدة إذا ما تجسدت فعلاً على الأرض. فقد كانت هيلاري كلينتون قد توعدت بتوسيع نطاق الصراع في سوريا وضد كل من روسيا وإيران. والأكيد أن أوباما لم يكن ليفعل شيئاً ضد سياسة كلينتون فيما لو كان الفوز حليفها في الانتخابات. ولكن، وبما أن ترامب هو من كان الفوز من نصيبه، وبما ن سياسة جديدة ترتسم تبعاً لذلك، فقد قام أوباما بتغيير وجهة سيره بهدف تأمين "استمرارية" عندما يسلم الحكم لترامب.