ارشيف من :آراء وتحليلات
مؤتمر تونس 2020: نجاح في جلب الإستثمار الأجنبي
أجمع جل الخبراء و المحللين أن المؤتمر الإستثماري التي احتضنته تونس نهاية شهر نوفمبر تشرين ثاني، و الذي أطلقت عليه تسمية "تونس 2020"، كان ناجحا بكل المقاييس. فقد تمكن التونسيون من خلال هذا المؤتمر من إثبات قدرتهم على تنظيم التظاهرات الكبرى و قطعوا مع الصورة النمطية التي طغت في السنوات الأخيرة والتي تظهر البلد مضطربا يعاني من عدم الإستقرار في شتى الميادين.
كما تمكن التونسيون من جلب استثمارات ضخمة بمبالغ طائلة لم تكن متوقعة في أغلبها و فاجأت الرأي العام المحلي. وأكد جل خبراء الإقتصاد على أن تونس قادرة على تجاوز أزمتها الإقتصادية الخانقة إذا تمكنت من تحويل هذه الوعود و الأموال المرصودة إلى مشاريع حقيقية تنعكس إيجابيا على حياة المواطن.
جمع كبير
و قد حضر هذا المؤتمر جمع كبير من المشاركين توزعوا بين قادة و رؤساء حكومات ووزراء و مسؤولين عن مؤسسات مالية عالمية كبرى وإعلاميين تقاطروا من مختلف القارات مع وفود بلدانهم الرسمية. وأجمع جل الحاضرين على أن تونس استوفت جميع مراحل انتقالها الديمقراطي بنجاح و حققت الإستقرار الأمني بفضل عودة قوى أمنها و جيشها إلى جهوزيتهما التي كانت سائدة قبل "الثورة"، وحان الوقت لدعمها إقتصاديا.
تونس تعود الى خارطة الاستثمارات الهامة
و حرصت فرنسا أن يكون حضورها بارزا في هذا المؤتمر سواء من خلال إعلانها تحويل بعض ديون تونس إلى استثمارات أو من خلال الوعد بتقديم مبلغ ضخم من أجل إنجاز مشاريع في تونس. و يرجع محللون سبب هذا السخاء الفرنسي غير المعهود مع تونس، إلى خشية الفرنسيين من فقدان نفوذهم في شمال القارة السمراء لفائدة الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا و قد أعلن وزير التربية التونسي منذ فترة بأن تونس سائرة نحو جعل الأنكليزية اللغة الثانية في التعليم التونسي بعد العربية و عوضا عن الفرنسية.
عودة الفرع
و كان البنك الإفريقي للتنمية الذي يعتبر أهم ممولي الإقتصاد التونسي منذ وقت بعيد قد أعلن ممثله في هذا المؤتمر عن قرار تم اتخاذه يجعل تونس عاصمة لفرع البنك الإقليمي المتعلق بشمال إفريقيا بعد أن دخلت الخضراء في منافسة مع المغرب و مصر و الجزائر. وكان المقر الرئيسي للبنك متواجدا في تونس قبل أن يغادرها منذ سنة إلى أبيدجان في ساحل العاج، وهو ما اعتبر يومها خسارة كبرى خلفت حسرة كبيرة.
و بالتالي فخسارة التونسيين لهذا البنك، الذي يدفع بسخاء لتونس واقتصادها، لم تعد بالفداحة التي كانت عليها في السابق، بعد استقطاب الفرع الإقليمي والخروج بأخف الأضرار. و بات من المؤكد أن البنك الإفريقي للتنمية سيسند تونس خلال المرحلة القادمة كعادته وسيساعدها على تجاوز محنتها خاصة وقد أثبتت التجربة أنه مؤسسة مالية جدية، دائما ما تفي بوعودها.
غياب لافت
و لعل اللافت هو شبه الغياب لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهي التي لديها استثمارات هامة في تونس بعضها لم ينجز بالمرة و البعض الآخر لم يكتمل إنجازه بفعل "الثورة". فالأمور ليست على ما يرام بين البلدين منذ الإطاحة بنظام بن علي وهو ما انعكس سلبا على تدفق الإستثمارات الإماراتية.
و من أسباب هذا الجفاء أيضا هو عدم رغبة الإماراتيين في التعامل مع حكومة تونسية تضم منتمين إلى حركة النهضة. و لا يبدو أن الطرف التونسي لديه الرغبة في إصلاح ذات البين في الوقت الراهن رغم أهمية الإستثمارات الإماراتية.