ارشيف من :آراء وتحليلات

بوتين ينعى نظام القطب العالمي الاوحد لاميركا

بوتين ينعى نظام القطب العالمي الاوحد لاميركا

من يستطيع  رفع صوته يُسمع

في مطلع تسعينات القرن الماضي وقع حدثان دوليان مترابطان قلبا تماما ميزان القوى على الساحة العالمية:

الاول ـ هو تفكيك الاتحاد السوفياتي، بعد هدم جدار برلين وانهيار المنظومة السوفياتية في اوروبا الشرقية.

والثاني ـ هو طرد نظام صدام حسين من الكويت، وسحق الجيش العراقي في حرب الخليج الثانية.

ونتيجة هذين الحدثين، برزت اميركا لا بوصفها دولة عظمى فحسب، بل بوصفها قوة ساحقة، لا يقف ولا يستطيع ان يقف بوجهها اي طرف آخر، وتأخذ على عاتقها وظيفة بوليس دولي جبار، اذا رسم خطا أحمر في اي بقعة في العالم، فالويل لمن يتجاوزه.

"انسانية!" الديمقراطية الغربية

وبناء على هذا المعطى الدولي الجديد اسرعت غالبية المحللين الدوليين، بمن فيهم "شيوعيون"، لنعي الدولة الروسية، وتحضير الرأي العام الدولي لدفنها، باسم الديمقراطية وحقوق الانسان والحقوق الاتنية والدينية والقومية والمجتمع المدني وحتى جمعيات الرفق بالحيوان، جنبا الى جنب مع حفاري القبور الارهابيين "الجهاديين" الاسلامويين قتلة الاطفال والعجزة والمرضى والمواطنين العاديين الروس، والذين كانت ولا تزال تسيّرهم المخابرات الاميركية والاسرائيلية والتركية والمليارديرية اليهود الروس وغير الروس. وحينما قام العميل بوريس يلتسين، بأوامر مباشرة من البيت الابيض الاميركي بواسطة الانترنت، بقصف البرلمان الروسي بالدبابات واحراقه في تشرين الاول 1993، وقتل اكثر من 200 من المعتصمين فيه وجرح اكثر من 1000، واعتقال غالبية نواب البرلمان وقادة الجيش والشرطة والمخابرات وعدد كبير من الوزراء والمسؤولين الاخرين، المعترضين على "الغاء" الاتحاد السوفياتي، صفقت الكتلة الغربية بأسرها وعلى رأسها الامبريالية الاميركية واليهودية العالمية لهذا "النصر المؤزر للديمقراطية" على "التوتاليتارية" و"الهمجية الروسية".

الطبعة الاميركية للشعار الهتلري القديم: النظام العالمي الجديد

وعلى خلفية هذه اللوحة النموذجية للديمقراطية الغربية، اسرع الرئيس الاميركي حينذاك جورج بوش الاب، والبعض يقول تسرّع، في الاعلان عن قيام "النظام العالمي الجديد" ذي القطب الاميركي الاوحد. وهو نسخة معدلة عن شعار هتلر القديم: النظام العالمي الجديد... و... المانيا فوق الجميع.

بوتين ينعى نظام القطب العالمي الاوحد لاميركا

هل تغير روسيا النظام العالمي؟

ومنذ ذلك الحين، وفي عهود مختلف الرؤساء الاميركيين منذ عهد جورج بوش الاب، تعمل السياسة الخارجية الاميركية انطلاقا من القاعدة الاستراتيجية "الذهبية" لفرض السيطرة المطلقة لاميركا على العالم اجمع.


وقد وضعت القيادات الامبريالية الاميركية بالاشتراك مع القيادة اليهودية العالمية الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الاميركية لوضع هذه الاستراتيجية موضوع التنفيذ. واهم هذه الخطوط هي:

ـ1ـ قلب الاوضاع تماما داخل روسيا والسيطرة عليها الى درجة محاولة استعمارها المباشر ونهب خيراتها

2ـ تطويق وعزل ومقاطعة وتهديد ايران، اعلاميا ودينيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا، في محاولة يائسة لاعادة ايران الى "بيت الطاعة" كدولة عميلة للغرب كما كانت في عهد الشاه. واستطرادا شن حرب شعواء ضد حركات التحرير والمقاومة في منطقة الشرق الاوسط الكبير، من باكستان الى فلسطين ولبنان ومصر والجزائر، بالتعاون مع "القاعدة" و"طالبان" ونظام صدام حسين واسرائيل وتركيا والطوابير الخامسة "الليبيرالية" ومختلف المجموعات الاسلاموية.

3ـ العمل بكل الوسائل الممكنة لتغيير ستاتيكو نظام  سايكس ـ بيكو المخلخلة واقامة امبراطورية اسلاموية عثمانية جديدة على انقاضه، تمارس اميركا بواسطتها، وبالتعاون التام مع تركيا واسرائيل، فرض قبضة حديدية على منطقة الشرق الاوسط الكبير، تمهيدا للعهد القادم: عهد بداية استخراج الغاز والنفط على نطاق واسع من منطقة شرقي المتوسط، مما سيقلب تماما الخريطة الاستراتيجية في العالم، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.

2016-12-12