ارشيف من :آراء وتحليلات
ما المشترك بين معركة تحرير الموصل ومعركة تحرير حلب ؟
في سوريا كما في العراق ، يخوض كل من الجيش العربي السوري وحلفائه او الجيش العراقي والحشد الشعبي، معركة شرسة واسعة لتحرير ما تبقى من اراض سيطر عليها مسلحون ارهابيون، وبدعم وتوجيه من دول خارجية متعددة يقاتل هؤلاء الارهابيون دون افق ودون هدف واضح خاص بهم ، وهم يُقتَلون ويَقتُلون ويساهمون في تدمير كل شيء تنفيذا لاجندة غريبة ، و حيث ما زالت تلك الدول تعاند وتكابر ساعية الى تنفيذ هذه الاجندة الغريبة ، يبقى الخوف قائما من توسع المواجهات وجنوحها لان تمتد الى مواجهات عالمية خطرة ، ستكون حتما كارثية بنتائجها وبتداعياتها لو تفلتت اكثر وخرجت عن مسار ضبطها والسيطرة عليها.
صحيح ان المعارك في كل من سوريا او العراق كانت تقريبا شاملة ، وطالت اغلب مناطق الدولتين ، حيث تدمر الكثير من المدن والبلدات ، وضُربت البنى التحتية وتهجر قسم كبير من الشعبين السوري والعراقي من اراضيهم وبيوتهم ، واستشهد الكثير من المدنيين والعسكريين ، فمما لا شك فيه ان ما يجري حاليا حول معركة تحرير كل من مدينتي حلب في سوريا والموصل في العراق يتشابه الى حد بعيد في ظروفه ووقائعه واهدافه ، ويمكن ان يختصر الصراع والحرب في تلك الدولتين ، وذلك للاسباب التالية :
في العراق وفي سوريا ، تعتبر مدينتا الموصل او حلب والتي تمثل كل منها العاصمة الثانية بعد بغداد ودمشق ، المدينة الاكثر امتلاكا لنقاط الاشتباك والنزاع الاقليمي والدولي ، وحيث يلعب تنوع كل من الاثنتين السكاني ، الثقافي ، المذهبي والطائفي المماثل لبيئتي العراق وسوريا الداخليتين دورا اساسيا في جذب اهتمامات الدول القريبة والبعيدة ، تلعب الجغرافية الاستراتيجية لكل من المدينتين في الشمال القريب من تركيا دورا مهما في احتضان اكثر من صراع ، فتشكل الموصل في العراق عقدة حيوية بين كل من ايران وسوريا وتركيا ، وتلعب حلب دور الرابط الاستراتيجي الاقتصادي والشعبي والثقافي بين سوريا وتركيا .
من الموصل الى حلب: المعركة واحدة
تتشابه ايضا بين الموصل وحلب اسس نقاط الاشتباكات والصراعات والنزاعات التي تميز ازمات وحروب العالم والاقليم والمنطقة بشكل عام ، وذلك على خلفيات متعددة تتراوح من الاقتصادي الاستراتيجي حيث آبار النفط الغنية ومصادر المياه الاساسية ( أنهر دجلة والفرات وما يتفرع عنها او ما يصب فيها من انهر صغيرة ) ، الى القومي التاريخي حيث كان وما يزال الاكراد يعيشون هاجس حلم صاخب لبناء دولة كردية مستقلة تجمع ما تيسر من اكراد سوريا والعراق وايران وتركيا .
- يلعب ايضا الامتداد الجغرافي الذي يجمع كل من الموصل وحلب بايران شرقا ، وبالبحرالمتوسط غربا ، دور الامتداد الحاضن لخط الغاز الروسي المزمع انشاؤه ، والذي يشكل المشروع الاكثر اهمية في اقتصاد روسيا في المستقبل القريب ، وقد خلقت اجواء وظروف فكرة مده نزاعا عنيفا بين الروس وبعض الدول الخليجية ، لم تكن تداعياته بعيدة عن الحرب المدمرة التي شُنت على سوريا في محورها الشمالي حلب ، اوعن الحرب التي شُنت على العراق في محورها الشمالي الموصل .
على خلفية هذه الاهمية الجغرافية والاستراتيجية لكل من الموصل وحلب ، ركزت الدول الداعمة للارهاب ولمشروع تفتيت العراق وسوريا معركتها على المدينتين المذكورتين ، فبالاضافة لتقديم الدعم الواضح والملموس فعليا وعمليا على الارض للارهابيين في السلاح المتطور وفي العتاد والتجهيز ، لم يكن الدعم الاعلامي والسياسي والديبلوماسي لهؤلاء اقل ، فكانت تتزاحم مشاريع التسويات والاقتراحات الاممية والدولية لحماية هؤلاء ، وعند كل ضغط كان يقوم به كل من الجيشين العراقي او السوري في الموصل او في حلب على الارهابيين ، كنا نجد تسابقا في طرح التسويات المشبوهة والملغومة والتي ، لا تهدف عمليا الا لتأخير الحسم واستبعاد استكمال تحرير كل من المدينتين ، و في الوقت الذي كنا فيه نجد تسابقا في الادعاء بحرص تلك الدول على حماية المدنيين ، فضحت مخازن الارهابيين في العراق وفي سوريا بما احتوته من اسلحة مدمرة ومن اسلحة كيميائية هذا الكذب والحرص الخادع على حماية المدنيين ، وحيث لا مجال للحصول على هذه الاسلحة الا برعاية وتسهيل دولي واقليمي ، لعبت هذه الاسلحة المدمرة دورا اساسيا في تراكم القتل والدمار في كل من سوريا والعراق .
من هنا ، جاءت القيمة العسكرية والميدانية والاستراتيجية لما يقوم به الجيش العراقي والحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل ومحيطها ، او لما يقوم به الجيش العربي السوري وحلفاؤه في معركة تحرير حلب ومحيطها ، وحيث ان ما يظهر من نتائج عملية وميدانية على الارض لمصلحة الجيشين المذكورين في اقتراب الحسم واستكمال تحرير المدينتين ، يبدو ان الدول الداعمة للارهابيين بدأت تفقد اعصابها بالتوازي مع فقدان الارهابيين وتباعا لمواقعهم ولقدراتهم العددية والتجهيزية ، وحيث بدأت تقترب معطيات ووقائع الانتصار في معركتي تحرير الموصل وحلب ، بدأت تتوضح معالم هزيمة اقليمية ودولية في الحرب المركبة المجرمة التي شنت على دولتي وشعبي كل من العراق وسوريا