ارشيف من :آراء وتحليلات
الكيان الصهيوني والجماعات الإرهابية :’تقدم سريع’ نحو الهزيمة
لم يعد خافياً على أحد أن أمن الكيان الصهيوني هو، باعتراف المسؤولين الغربيين أنفسم، أولوية الأولويات بالنسبة للحكومات الغربية. وقد عبرت هذه الحكومات عن هذه الأولوية عن طريق الدعم الديبلوماسي بمختلف أشكاله في المنتديات الدولية. وعن طريق الدعم الاقتصادي عبر التعويضات المالية الدسمة والمستدامة على ما يسمى بـ "ضحايا المحرقة" والمساعدات المباشرة، والتفضيلات التجارية، والتسهيلات التي تمنح للجمعيات اليهودية من أجل استمرار تدفق التبرعات على الكيان الصهيوني. وعن طريق الدعم العسكري الذي حدث له أن أخذ شكل التدخل المباشر أكثر من مرة، إضافة إلى الدعم عن طريق التسليح الهادف إلى تمكين الكيان الصهيوني من المحافظة على وضع عسكري يتفوق معه جيش الكيان على الجيوش العربية مجتمعة.
لكن ذلك كله لم يعد كافياً لأن يفي بالغرض منذ اللحظة التي تحطمت فيها أسطورة الجيش الذي لا يقهر على أيدي المقاومة في جنوب لبنان وغزة بفضل استشهادية المقاومين والدعم السخي المقدم من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا.
وكل ذلك لم يعد كافياً لأن يفي بالغرض حتى في ظروف اعتماد العديد من القادة العرب، المنصبين أميركياً وإسرائيلياً، لسياسات يتم رسمها أميركياً وإسرائيلياً بهدف صيانة الأمن الإسرائيلي والمصالح الأميركية والإسرائيلية.
كما تبين، في ظروف الخوف من مغامرة الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران وسوريا، أن التدخل العسكري الغربي و / أو الإسرائيلي المباشر لم يعد كافياً لأن يفي بالغرض.
سوريا تغير الموازين الدولية...
من هنا، ابتدع العقل التلمودي وسيلة شيطانية جديدة لحماية أمن الكيان الصهيوني. وتمثلت هذه الوسيلة بإعداد جيوش عربية وإسلامية جرارة مهمتها ضرب محور المقاومة في المنطقة.
وقد سمح الغنى الفاحش في الخليج بتكوين تلك الجيوش عن طريق إغراقها بالأموال اللازمة لتسليحها وتدريبها على أيدي مدربين من حلف الناتو والكيان الصهيوني والعديد من الأنظمة العربية.
كما سمح استشراء كل من الجهل (بالدين والتاريخ، خصوصاً) واللاأخلاقية والبطالة المستشرية بسبب سياسات التسييب والإفساد المعتمدة من قبل الحكام، سمح بتزويد الجيوش المذكورة بمئات الألوف من العناصر البشرية الشابة والجاهلة والتي تعاني من الضياع إزاء انسداد أفق العيش أمامها.
وتلك الجيوش التي تم بناؤها على غرار القوات الخاصة في جيوش الكيان الصهيوني وبلدان الناتو هي ما تطلق عليه أسماء "داعش" و"النصرة" وما إلى ذلك من التنظيمات الإرهابية التي كُلفت بضرب محور المقاومة ابتداءً بسوريا بهدف حماية أمن الكيان الصهيوني.
من غير اللازم هنا تقديم أمثلة وبراهين على صحة ما ذكرناه بهذا الخصوص. فالواقع أن كل هذا قد اعترف به أكثر من مسؤول أميركي وغربي، لا على سبيل الأمانة للحقيقة وللتاريخ، بل على سبيل تملق الكيان الصهيوني والجمعيات الصهيونية النافذة في الغرب لأغراض منها ما هو انتخابي.
وعلى ذلك، فإن الحرب الكونية التي تشن على سوريا منذ خمس سنوات، وعلى العراق، خصوصاً منذ احتلال الموصل من قبل داعش، والتي شنت على لبنان بأشكال "تمهيدية" دون نجاح، ما هي في الحقيقة غير استمرار مباشر لحروب الكيان الصهيوني التاريخية على العرب.
مع فوارق عديدة عن تلك الحروب. منها أنها أشد بأساً وأكثر قدرة على القتل والتدمير والإرهاب، وإن كانت الأساليب الهمجية متشابهة ومشتركة بين الإرهابين التكفيري والصهيوني.
ومنها أنها ألحقت ضرراً بالغاً بصورة الإسلام والمسلمين لكثرة ما ألصقت به وبهم من أفكار بشعة وسلوكيات شائنة.
ومنها أنها أول حرب استعمارية لا تكلف صانعيها أية أعباء مادية وبشرية. لأن أموالها مستلبة من العرب والمسلمين والقتلة والمقتولين فيها هم من العرب والمسلمين.
ومنه أن أعداداً كبيرة من المقاتلين، وحتى القياديين، في الجماعات الإرهابية لا يعلمون أن الأيدي التي تحركهم هي الأيدي الإسرائيلية.
والسؤال هو : هل تكفي هذه الحرب الخارجة من دهاليز التلمود لحماية الأمن الإسرائيلي ؟
هنالك تفاؤل كبير واستبشار ليس له نظير في أوساط محور الخيانة العربي بسقوط تدمر (مؤقتاً ومرة أخرى) تحت سيطرة داعش. هذا التفاؤل وذلك الاستبشار ينعكسان بشكل واضح في التصريحات والتحليلات. ومن المتفائلين والمستبشرين من يقول بأن وصول جحافل داعش إلى تدمر ما هو غير خطوة على طريق وصولها، مع غيرها من التنظيمات الإرهابية التي لا يصعب تغيير أسمائها، إلى المناطق الجنوبية من سوريا. أي الى المناطق المتصلة بالجولان المحتل وبالحدود الأردنية.
مع رهانات بأن الاستناد إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، وربما أيضاً إلى الأردن، كمعبر إجباري للإمدادات السعودية والخليجية، يمنح التنظيمات الإرهابية فرصاً أكبر للنجاح في ضرب سوريا تمهيداً لضرب محور المقاومة برمته.
إنه الغباء الاستراتيجي بعينه. وحالة المذلة التي وصل إليها شرف أولئك الذين يزعمون أنهم ينتمون إلى العروبة : انهم يريدون الاحتماء بالكيان الصهيوني الذي أوجدهم كي يحتمي بهم !!!
مفارقة مضحكة هي في الوقت نفسه تعبير أكيد عن ولوج المنطقة ... والعالم أيضاً، منذ عودة حلب إلى احضان سوريا، في عصر النصر والفتح.
سوريا محطة كبرى على طريق الخلاص البشري الناجز والنهائي.