ارشيف من :آراء وتحليلات

تقديرات اسرائيلية موجهة: الحرب مستبعدة.. وممكنة

تقديرات اسرائيلية موجهة: الحرب مستبعدة.. وممكنة

تقديرات اسرائيلية موجهة: الحرب مستبعدة.. وممكنة

الخيارات الاسرائيلية تجاه لبنان ... الارباك سيد الموقف

 

لم يأت استبعاد احد كبار ضباط جيش العدو، نشوب حرب مع حزب الله خلال العام المقبل، 2017، عرضيا، بل اتى ضمن افادة للصحفيين الاجانب في تل أبيب، عزا فيها هذه الخلاصة إلى كون حزب الله غير معني بمواجهة كهذه. لكنه عاد واستدرك، بالحديث عن امكانية نشوب مواجهة كهذه بشكل غير متوقع.
أهمية مضمون التقدير، وتوقيته وسياقه الاقليمي، وكونه صادرا عن ضابط رفيع في المؤسسة العسكرية تفرض التوقف عند بعض الملاحظات ذات الصلة:
يتعارض الافق الزمني لهذا التقدير، مع مفهوم بات يحكم تقديرات الاستخبارات العسكرية في إسرائيل، منذ ما بعد بدء الاحداث في الساحة السورية التي رأت انه لم يعد بوسعها الاطمئنان إلى تقديراتها السنوية. والسبب في ذلك، سرعة المتغيرات في سوريا والمنطقة، وارتفاع منسوب المفاجآت في هذه الاحداث. على هذه الخلفية، بات الافق الزمني المعتمد لهذه التقديرات يبلغ نحو ثلاثة اشهر.
مع ذلك، لا يعني ما تقدم بالضرورة انه من الممنوع، او لا يتم فعليا اجراء تقدير سنوي بالمطلق وانما قد يعني أن ضمانته وارجحيته تصبح محدودة، ضمن هذا الافق الزمني.

صحيح أن مهمة الاستخبارات العسكرية والجيش تتناول نوايا العدو وقدراته، وبالتالي يفترض أن تكون تقديراته تتمتع بقدر من المهنية، لكن صياغة التقدير الذي أدلى به الضابط الرفيع، توحي أنه كان يهدف ايضا إلى تقديم إسرائيل كما لو أنها لا تريد الحرب ابتداء.. في المقابل هدف إلى الايحاء  بان امتناع حزب الله عن شن حرب ضد إسرائيل لكونه مشغولا في الحرب الدائرة على الارض السورية.
لكن التدقيق في كل محطات المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، وتحديدا طوال أكثر من عقدين، تكشف عن أن حزب الله لم يبادر إلى أي مواجهة عسكرية واسعة تأخذ عنوان الحرب، والسبب أن استراتيجية حزب الله ضد الاحتلال كانت تقوم على اسلوب المقاومة.. وبعد حرب العام 2006، ارتكزت إلى الدفاع والردع.

في المقابل، لجأت إسرائيل إلى الحرب بعدما فشلت في اجهاض عمليات حزب الله واخضاعه، خلال الاحتلال، وبعد فشل الخيارات البديلة في تفكيك قدرات حزب الله وانتزاعه.
مع ذلك، من الصعوبة تجاوز تزامن هذا التقدير، بلحاظ مضمونه، مع تقديرات إسرائيلية سابقة، (على لسان وزير الامن الاسبق موشيه ارينز، ورئيس مجلس الامن القومي اللواء غيورا ايلاند) رأت أن معادلات القوة لا تسمح لإسرائيل بالمبادرة إلى حرب وقائية ضد حزب الله..
بمعنى آخر، أتى مضمون هذا التقدير على لسان الضابط الرفيع الذي لم يتم تعريف اسمه أو رتبته أو منصبه، (لكن التجارب السابقة تكشف عن أنه عادة ما يكون برتبة عميد أو لواء)، لاحتواء مفاعيل الانطباع الذي ترتب على هذه المواقف، وظهَّرت قوة ردع حزب الله، خاصة أنها حضرت بقوة في وسائل اعلام لبنانية.

ايضا، كان لافتاً أن الضابط عاد واستدرك على تقديره، بالقول ان هناك إمكاناً لتصعيد غير متوقع، العام المقبل، «على الجبهة الشمالية»، في إشارة إلى لبنان وسوريا. من جهة يعكس هذا التقدير بعدا مهنيا فعلياً، باعتبار أن هذا السيناريو يملك "معقولية معتبرة"، انطلاقا من طبيعة وسرعة المتغيرات في المنطقة.. ومن جهة اخرى، يريد الابقاء على درجة من التوتر والقلق لدى الطرف الاخر عبر الايحاء أن أي حادث محدود قد يؤدي إلى تصعيد واسع لا يريده الطرفان ابتداء. ويهدف من وراء ذلك، إلى تعزيز قدرة الردع الإسرائيلية.
لكن ما لم يتطرق اليه الضابط، وهو ليس أقل خطورة من الحرب التي استبعدها، سيناريو شن اعتداءات إسرائيلية متقطعة ضد أهداف تابعة لحزب الله في لبنان.. وهو ما حاولت تنفيذه خلال السنوات السابقة. ومن المفهوم تجاهله من قبل الضابط، خاصة وأنه ليس من صلاحياته تقدير ما ستقوم به إسرائيل ضد أعدائها بما فيه الحرب..

مع ذلك، يمكن القول ان الصفة الرسمية للضابط قد تكون ساهمت ايضا في الحؤول دون مقاربة أكثر موضوعية للمعادلات مع حزب الله في لبنان، اضافة إلى أن نفس الاعلان قد يكون مطلوبا وبهدف توجيه رسائل معينة. لكن ما لم يصدر على لسانه، كشفه قبل أيام، كل من وزير الامن الاسبق موشيه ارينز، بالاقرار في تقدير عملاني استراتيجي، تناول فيه مفاعيل وارجحية كل من الخيارات الماثلة امام إسرائيل، ليخلص إلى أن خيار الهجوم الوقائي غير مجدٍ ومكلف، فيما خيار الردع اشكالي وفي كلا الحالتين كانت المشكلة بفشل توفير مظلة حماية للجبهة الداخلية من صواريخ حزب الله. والامر نفسه صدر على لسان رئيس مجلس الامن القومي اللواء غيورا ايلاند
على أن لا قدرة للكيان الإسرائيلي على تحمل حرب جديدة في مواجهة حزب الله.

 

2016-12-23