ارشيف من :ترجمات ودراسات
كاتب اسرائيلي: روسيا أثبتت وفاءها لحلفائها
قال المتخصّص بشؤون الشرق الأوسط البروفيسور الإسرائيلي إيال زيسر في مقال له نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم": "يستعد الشرق الأوسط لاستقبال الرئيس الأمريكي الجديد مع اقتراب موعد تسلّمه الحكم في البيت الابيض.. لكن الحديث ليس بالضرورة عن دونالد ترامب بل عن الرئيس الروسي فلادمير بوتين الذي استغل أخطاء وإخفاقات وضعف إدارة باراك أوباما كي يحتلّ مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى رائدة وهامة في منطقتنا".
ورأى زيسر أن "الأحداث الأخيرة التي حصلت الأسبوع الماضي أكدت تصرّف روسيا بمسؤولية وتحوّلها الى صاحبة البيت الجديدة في المنطقة، فيما أصبحت الولايات المتحدة على الهامش وهي تتصرّف بشكل صبياني وعاطفي".
وبحسب إيال زيسر، فإن "روسيا نجحت عشية رأس السنة الجديدة في بلورة اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، حيث أن معظم اللاعبين في سوريا يُشاركون في ذلك، بينهم إيران وتركيا.. الاتفاق الآخذ في التبلور ليس اتفاقًا عادلًا.. وواضح أيضًا أنه بدون التدخل العسكري الروسي والقصف المنهجي لمناطق واسعة في سوريا، لم يكن باستطاعة موسكو الوصول الى النتيجة التي تريدها، وهي تحطيم قوة "المتمرّدين" والإبقاء على وجود الدولة السورية بقيادة الأسد في أجزاء واسعة من البلاد.. ولكن الحقيقة هي أن روسيا كانت مستعدة للعمل بتصميم وهجومية وإظهار للقوة العسكرية واستخدامها، الأمر الذي امتنعت الولايات المتحدة عن فعله".
إيال زيسر
ويوضح زيسر أن "روسيا أثبتت بذلك أنها خلافًا للولايات المتحدة وفيّة لأصدقائها وحلفائها، وأنها على استعداد للدفاع عنهم وتغطيتهم في المؤسسات الدولية والميدان دون تردّد أو حساب، لكن روسيا لم تظهر القوة العسكرية فقط، بل تحدثت مع "العدو" أي تركيا و"المتمرّدين"، وأظهرت ضبط النفس والاستعداد للحل الوسط في لحظة الحقيقة، حيث كان يتوقع بعد استعادة حلب التي هي المدينة الثانية من حيث حجمها في سوريا، أن يتم الاستمرار لحسم الحرب.. هذا الاستعداد بالتصرف ليس كشخص صبياني، بل كقوة عظمى مسؤولة، وفي الوقت نفسه الاستعداد للدفاع عن مصالحها، هي التي مكّنت من تحقيق اتفاق إنهاء الحرب في سوريا.. هذا الاتفاق لا يبشّر بانتهاء الحرب، لكنه بلا شكّ خطوة إيجابية في هذا الاتجاه، وقد تمّ تحقيقه بدون مشاركة واشنطن، لكن بموافقة تركيا التي هي حليفة واشنطن والتي تشعر الآن أنه من الأفضل لها السير مع بوتين وليس مع أوباما".
زيسر يتابع في مقاله: "يتبيّن أن حجم المسؤولية يكون بحجم الحكمة والبلوغ الذي تعبّر عنه روسيا في تعاملها مع الشرق الأوسط.. طالما كانت المنطقة ساحة للصراع بين موسكو وواشنطن، فإن روسيا تتصرّف في أحيانٍ كثيرة بالتحريض واستعراض القوة دون هوادة. الآن وبعد تراجع الولايات المتحدة من المنطقة بدأت روسيا تتصرّف بحكمة، وتفهم تعقيدات المنطقة ومشكلاتها الكثيرة. وأخيرًا في صراع "السايبر" بين موسكو وواشنطن، اختار بوتين عدم الإنجرار الى المواجهة التي تهدف من ناحية أوباما الى "إطلاق النار في جميع الاتجاهات" بسبب نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة، وكذلك الإشارة الى إدارة ترامب بأنه لا حاجة الى المواجهة العلنية مع روسيا".
ويخلص زيسر الى أنه في العشرين من كانون الثاني الجاري سيدخل شخص جديد الى البيت الأبيض هو دونالد ترامب المصمّم على إصلاح أخطاء أوباما وإعادة الولايات المتحدة الى ما كانت عليه في السابق، لكنّه قد يكتشف أن الضرر الذي لحق بمكانة الولايات المتحدة في المنطقة لا يمكن إصلاحه، وأن بوتين أوجد حقائق على الأرض من خلال استغلال ضعف الولايات المتحدة، وبالتالي يصعب إحداث التغيي المنشود".