مثَّل تكليف السيدة شقرون في المغرب من قبل الملك بتشكيل حكومة من التكنوقراط حدثا له دلالات من قبل جل الخبراء والمحللين. وتفاجأ البعض بهذا التكليف فيما اعتبره العارفون بشؤون الحكم في الرباط أمرا متوقعا بما أن النظام المغربي اعتاد على القراءة الجيدة للمتغيرات الإقليمية والدولية.

لقد عجز عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب العدالة والتنمية عن إيجاد ائتلاف يمكنه من تشكيل الحكومة مجددا بالرغم من أن حزبه جاء في المرتبة الأولى في الانتخابات النيابية الأخيرة. لذلك، وفي إطار الصلاحيات الدستورية للملك، تم تكليف شخصية مستقلة هي السيدة شقرون لتكون أول امراة تترأس الحكومة في تاريخ المغرب.

سلطة المخزن
ويؤكد جل العارفين بخبايا الحكم في المغرب بأن الملك المغربي كان قادرا على دفع أحزاب سياسية إلى التحالف مع بن كيران لتشكيل حكومته لو توفرت لديه الرغبة في أن يواصل حزب العدالة والتنمية قيادة البلاد. فهو بالنهاية، أي الملك، من يمسك بخيوط اللعبة السياسية ومن يقرر والكل يدور في فلكه رغم ان الصورة البادية للعيان توحي بخلاف ذلك وتوهم بوجود ديمقراطية.

الملك يعيد تشكيل الخارطة السياسية في المغرب

ففي المغرب أحزاب تابعة للمؤسسة الملكية وتتحرك وفقا لإرادتها ولديها وزنها على الساحة السياسية وبإمكانها دعم أطراف سياسية وعرقلة أخرى، ومن خلال هذه الأحزاب تدار اللعبة البرلمانية من القصر الملكي. كما أن جدول أعمال اجتماع مجلس الوزراء يجب أن يحظى بموافقة المؤسسة الملكية بعد أن يعرض عليها مسبقا، وبالنهاية يحاسب رئيس الحكومة رغم انه ينفذ السياسات لا غير.  
دهاء سياسي
لقد سعت المؤسسة الملكية في المغرب إلى الدفع بحزب "إخواني" إلى الحكم تماهيا مع موجة ما يسمى الربيع العربي التي أوصلت أحزابا "إخوانية" إلى سدة الحكم في بلدانها، حتى تتجنب احتجاجات إجتماعية طالت بلدانا أخرى و حتى تلجم أفواه جماعة حراك 20 فبراير. كما سارع الملك إلى إصدار دستور جديد منح صلاحيات لرئيس الحكومة دون أن يحرره تماما من سلطة الملك على غرار الملكيات الديمقراطية في الغرب.
لكن اللهجة تغيرت منذ مدة تماهيا مع المتغيرات الإقليمية و الدولية فأصبح الحديث عن ربيع الخراب في القمم الخليجية. و كان متوقعا أن يزاح بن كيران وحزب العدالة و التنمية من الحكومة مع الحسم في سوريا من قبل النظام و مع دخول روسيا على الخط في الأزمة الليبية من خلال دعم خليفة حفتر و خاصة مع وصول ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية و توقع نجاح فرنسوا فيون في التربع على عرش الإيليزيه.