ارشيف من :آراء وتحليلات

نتنياهو في قفص الاتهام

نتنياهو في قفص الاتهام

تشهد الساحة السياسية في "اسرائيل" حالة ترقّب لما يمكن أن يتمخض عن التحقيقات التي تجري مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. وخصوصية هذه المحطة أنها تنطوي على سيناريوهات قد يكون لها مفاعيل تتصل بمستقبل القيادة السياسية في اسرائيل، ومعسكر اليمين وحزب الليكود. وأحد الاحتمالات التي تطرح بقوة في الساحة الاسرائيلية إمكانية أن يتم الإطاحة بنتنياهو قضائياً، بعدما عجز منافسوه عن تأدية المهمة.


تتمحور التهم الموجهة الى نتنياهو، حتى الان، حول قضيتين أساسيتين. (يبدو أن هناك ملامح لقضايا إضافية)، تُعرف الأولى بـ"القضية 1000"، وهي تلقي نتنياهو ما قد يكون رشاوى تحت عنوان الهدايا من رجال أعمال خلافاً للقانون.
وتعرف الثانية بـ "القضية 2000" التي تمس علاقة "السلطة بالصحافة". وتتمحور حول صفقة بين نتنياهو وناشر صحيفة يديعوت أحرونوت، أرنون موزيس، يعمل بموجبها على فرض تغطية إعلامية موالية لنتنياهو في الصحيفة، مقابل تكفل نتنياهو بالعمل على تقييد صحيفة "إسرائيل هيوم" الموالية له والتي توزع مجاناً، بعدما احتلت الصحيفة المرتبة الأولى في التوزيع وتجاوزت يديعوت التي كانت تحتل المرتبة الاولى.

 

نتنياهو في قفص الاتهام


بعيدا عن تفاصيل مجريات التحقيق، السؤال المحوري في هذه المرحلة، هو قضائي في ظاهره، ولكن جوهر مفاعيله سياسية، والتي قد تصل الى حد التسبب بتطورات دراماتيكية داخلية. وهو هل يتم تتويج التحقيقات بتقديم لائحة اتهام جنائية ضد نتنياهو، من قبل الشرطة أم سيتم اغلاق القضية لعدم توفر الادلة؟. في السيناريو الثاني تكون القضية قد انتهت، ولكنها ستثير الكثير من الشكوك في الوسط الاسرائيلي. اما في حال أوصت الشرطة بتقديم لائحة اتهام، فإن الكلمة النهائية في هذه المسألة، كونها تتعلق برئيس الحكومة، تعود للمستشار القضائي للحكومة، افيحاي مندلبليت. والانطباع السائد في بعض الاوساط الاسرائيلية أن الاخير سيبذل جهده لانقاذ نتنياهو بحكم العلاقة الوطيدة بينهما.


في هذا السياق، تتبارى الجهات الاعلامية، كل بحسب موقفه، في الاستعانة بآراء خبراء القانون.. وهم موزعون بين من يؤكد على أن ما جرى تنطبق عليه كامل مواصفات الرشوة.. وبالتالي لا بد من تقديم لائحة اتهام جنائية. في المقابل، يحاول آخرون توهين الشبهة خاصة وأنه لم يتم الالتزام بشكل عملي بمضمون التسجيلات..
السؤال التالي، ماذا بعد توجيه لائحة الاتهام لنتنياهو؟. حول هذه القضية يوجد جدل واسع في "اسرائيل" حول المفاعيل القضائية والسياسية لهذه الخطوة. القدر المتيقن منها أنه لا يوجد نص قانوني صريح يلزم رئيس الحكومة بالاستقالة من منصبه حتى لو تم توجيه لائحة بحقه. لكن استنادا الى السوابق، فقد سبق أن اضطر رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، إلى الاستقالة من منصبه أثناء خضوعه لتحقيقات جنائية. ويبدو من خلال أداء نتنياهو وأحزاب الائتلاف الحكومي، أن هناك محاولة لبلورة أرضية تبرر لنتنياهو الاستمرار في منصبه. مع ذلك، فإن الامور مرهونة بالضغط الجماهيري والسياسي العام. إضافة الى أنه قد يكون للمحكمة العليا كلمتها في هذا المجال، في حال قدم أحد ما التماسا حول هذه القضية، وهو ما سيحصل بالتأكيد.


السؤال الاضافي، ماذا لو قدم نتنياهو استقالته، وفق فرضية تقديم لائحة اتهام ضده سواء بمبادرة منه أو نتيجة الضغوط؟
على المستوى القانوني، يفترض أن يجري رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين مشاورات نيابية يتم في ضوء نتائجها اختيار عضو كنيست من أجل تشكيل الحكومة. وفي حال نجح المكلف في مهمته، تنتهي المسألة عند هذا الحد. أما في حال أخفق المُكلّف في تشكيل حكومة بديلة، كما حدث مع تسيبي ليفني التي كُلّفت في أعقاب استقالة أولمرت، يتم التوجّه الى اجراء انتخابات مبكرة. وهو سيناريو يسعى معسكر اليمين الى تجنبه في هذه المرحلة، خاصة وأن الحكومة هي حكومة يمينية بامتياز. وهناك خشية من أن ينتج عن الانتخابات نتائج مغايرة في ضوء مفاعيل فضيحة نتنياهو.
في ضوء ما تقدم، المؤكد أن "اسرائيل" تشهد محطة مفصلية قد تنطوي على نهاية مخزية للحياة السياسية لبنيامين نتنياهو التي لو حصلت سيكون لها مفاعيلها السياسية والحزبية في "اسرائيل".
 

 

2017-01-30