ارشيف من :أخبار عالمية

السعودية إذ تطبّل للحرب!

السعودية إذ تطبّل للحرب!

زمَّر ترامب وفريقه في واشنطن، فسارع المسؤولون السعوديون ومنظومتهم الإعلامية الى إقامة العرس في الرياض!
التصعيد السياسي - الإعلامي الترامبيّ المصحوب بتهديدات موجهة الى إيران فسّرتها المنظومة الإعلامية السعودية فوراً بأنها الحرب لا محالة، وهي "وشيكة" لا ريب فيها، مهلّلين ومكبّرين على أمل ان يخلّصهم الرئيس – الأخ الأكبر من الجارة إيران.
لم تتعلم السعودية من التجارب الماضية: أقامت الأفراح لقدوم العسكر الأميركي الى الخليج عام 1990 لإخراج صدام حسين من الكويت، فكانت النتيجة ان أصبح وجود القوات الأميركية في المنطقة سبباً لعدم الاستقرار وحجة تعزّز منطق تنظيم القاعدة.

 

السعودية إذ تطبّل للحرب!


لم يتعلم المسؤولون السعوديون ثانية، حين قامت أميركا بضرب العراق عام 2003، وكانت آمالهم ان تكون إيران هي الهدف التالي. لكن أميركا تهيبت الموقف، ثم غرقت في المستنقع العراقي، بعدما نجح التدبير الإيراني في إضعاف النفوذ الأميركي في العراق والمنطقة بوسائل مختلفة. والمسؤولون الأميركيون اعترفوا بدور إيران في مدّ المقاومة العراقية بوسائل التصدي لجيشهم المحتل.
بقيت المواجهة الأميركية – الإيرانية أُمنية عزيزة لدى الرياض، حرّض عليها الملك عبدالله، وزعماء آخرون في معسكر الحرب الخليجي، كما كشفت وثائق ويكليكس. لكن بوش أنهكته تجربة حرب العراق، وجاء أوباما ليكنّس آثار عهده، فأدرك ان زعماء السعودية "راكبون بالمجان" يريدون ان تحارب اميركا عنهم، وليس هذا دأب أميركا.
خابت آمال السعودية مرات عدة ليس آخرها عندما تهيّأ أوباما لحرب على سوريا في ايلول 2013، وفركت الرياض يديها طرباً على وقع قرقعة حاملات الطائرات الأميركية، ثم أصيبت بإحباط أدى بها الى التذمر لسنوات تالية على طول عهد أوباما.
وقبل ذلك، فتحت السعودية ذراعيها في الثمانينيات لاستقبال السفن والطائرات الأميركية التي جاءت للتضييق على الجمهورية الاسلامية الإيرانية فأسقطت طائرة ركاب مدنية إيرانية وأصابت أهدافاً أخرى في ذروة الحرب العراقية - الخليجية- الأميركية- الفرنسية على إيران، وتورطت السعودية حينها في دماء الحجاج الإيرانيين في جوار بيت الله الحرام عام 1987.
وبعد، لماذا لم تتعلم المملكة ـ أو بالأحرى ـ لماذا لا تتعلم، من التجارب المرّة؟ هل يجب ان تشتعل المنطقة مرّة تلو مرّة، على أمل ان يتحقق لآل سعود حلم قديم بطرد كل اللاعبين الأقوياء من المنطقة على يد الكاوبوي الأميركي، حتى يخلو الجو لهم؟
الأرجح اننا أمام قيادة تعاني من العجز عن إحداث الفعل بنفسها، وهي التي لم تستطع خلال عامين من "عاصفة الحزم" على اليمن أن تنهي هذه المغامرة حرباً او سلماً، برغم كل ما حشدته من قوى وما حصلت عليه من إمداد أميركي استخباراتي ولوجستي. فهل تراهن الرياض - من باب الضعف والاحتياج لا من باب التدبير والتخطيط - على جرّ أميركا الى تدخل أكبر في اليمن عسى ان ينتشل المملكة من ورطتها؟
أصبحت السعودية بنهجها المغامر عبئاً على الأمن والسلام الإقليميين، وهذه الحقيقة لا تستطيع ان تحجبها كل الدعاية المدفوعة الثمن عن تدخل إيراني في شؤون دول المنطقة. السعودية متورطة بحرب مباشرة على اليمن، وبتدخل مباشر في البحرين في وجه شعب أعزل يطالب بحقوقه، وبتدخل تسليحي ومالي وتوجيهي مستميت للجماعات المسلحة في سوريا، وبتوجيه عمليات تخريبية في إيران، وبتدخل سلبي في العراق وفي ساحات اخرى. فلماذا يحق لها ما لا يحق لغيرها؟  


مجدداً، اميركا لا تعمل لحساب أحد، قالها اوباما، ويقولها ترامب الآن بصورة أوضح: نحن لا نعمل بدون مقابل. والمقابل لا يتعلق فقط بالمال الآخذ بالنضوب، بل بالعسكر ووضع كل الإمكانيات بتصرف اميركا. فمتى تتوقف المملكة عن المغامرة بمصير المنطقة وتبتعد عن تهيئة الأرضية لتدخل اميركي آخر في المنطقة؟ ولماذا ترفض بإصرار مدّ اليد الى من يبسط يداً للحوار معها ويأمل العمل معاً لتجنيب المنطقة ويلات التدخل الأجنبي؟

 

2017-02-08