ارشيف من :آراء وتحليلات
الأزمة الليبية في الإقليم: محوران ورؤيتان؟
باتت تونس هذه الأيام محجّة للسياسيين الليبيين والمصريين والجزائريين الذين يقصدونها لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف حول الملف الليبي. فبعد زيارة عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي في طبرق للخضراء، حل وزير الخارجية المصري سامح شكري في تونس للتشاور حول آليات المبادرة المشتركة بين البلدين والجزائر للحل في الملف الليبي.
كما حل في تونس مدير ديوان الرئاسة في الجزائر أحمد أويحي في زيارة غير معلنة للقاء راشد الغنوشي وقيادات ليبية يبدو أنها قريبة من الغنوشي ومن المرجّح انتماؤها إلى ما يسمى "فجر ليبيا". وتثير هذه الديبلوماسية الموازية للغنوشي غضب كثير من التونسيين الذين اعتادوا حصر العمل الديبلوماسي في وزير الخارجية ورئيس الجمهورية، ويعتبر فريق سياسي من التونسيين أن الغنوشي يستقوي عليهم بالجزائر التي تستقبله استقبال رؤساء الدول.
لقاء رئيس البرلمان الليبي بنظيره رئيس البرلمان التونسي
جدل واسع
ومن المتوقع أن يزور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تونس من أجل التباحث حول الملف الليبي والتنسيق أكثر حول المبادرة الثلاثية للحل في ليبيا. وتثير هذه الزيارة جدلاً واسعاً في تونس ولكلٍّ تبريراته سواء تعلّق الأمر بالمرحبين بها أو الرافضين لها.
فالمرحبون صنفان، صنف يؤكد على أن التونسيين معنيون بعلاقات جيدة ومتطورة مع مصر الدولة بقطع النظر عمن هو حاكمها ولا بد من التعاون مع مصر لحلّ الأزمة الليبية، وصنف آخر يرحب بالسيسي من منطلق كرهه للحركات الإخوانية ويرى في تعامل السيسي معهم تعاملا مثاليا ويعتبر أنه لو لم يقم الرئيس المصري بما قام به لكان مصير بلاده مشابها لمصير سوريا. أما الرافضون لزيارة السيسي من التونسيين فيعتبرون الرئيس المصري مجرماً لا يجوز استقباله وأعد بعضهم تظاهرات منددة بقدومه وهؤلاء هم تحديدا جماهير الحركات "الإسلامية" وثلة من "الحقوقيين".
محوران ورؤيتان
يرى كثير من المراقبين بأن زيارتي شكري وأويحي إلى تونس ولقاء الأول للرئيس السبسي والثاني لراشد الغنوشي يؤشر على أن هناك محورين ورؤيتين للملف الليبي، واحدة مصرية وأخرى جزائرية. كما تؤشر على أن التونسيين منقسمون؛ إذ يبدو أن الرئيس الباجي قائد السبسي يساند وإن ضمنياً الرؤية المصرية فيما تساند حركة النهضة الرؤية الجزائرية للحل في ليبيا.
وللإشارة فإن مصر تدعم البرلمان في طبرق واللواء خليفة حفتر فيما تتهم بعض الأطراف الجزائر بالوقوف مع فجر ليبيا منعًا لأي نفوذ مصري في البلاد المغربية، وهو ما تنفيه الجزائر التي تصرّ على أنها تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء.
ولعل زيارة الرئيس المصري المرتقبة إلى تونس التي من المفترض أن يلتقي خلالها نظيره التونسي مقابل الاستقبال الرسمي الذي حظي به راشد الغنوشي في المرادية من قبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة هي مؤشر لدى البعض على الإصطفافات في المنطقة فيما يتعلق بالملف الليبي. لكن البعض الآخر يؤكد على أن لا وجود لانقسامات في السياسة الخارجية التونسية بشأن الملف الليبي وإنما هناك تقاسم للأدوار، وأن الغنوشي يعمل بتفويض من الباجي قائد السبسي وبتنسيق معه، والدليل هو اللقاءات التي تجمع بينهما قبل كل جولة خارجية يقوم بها الغنوشي وبعدها.