ارشيف من :آراء وتحليلات

رسائل السيد نصر الله.. يتردد صداها في تل ابيب

رسائل السيد نصر الله.. يتردد صداها في تل ابيب

لم تتمكن وسائل الإعلام الاسرائيلية من تجاهل رسائل الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، الى صنَّاع القرار في تل أبيب. فاحتلت مواقفه وتحذيراته مطلع نشرات الاخبار على قنوات التلفزة، واحتلت حيزاً مهماً في مختلف الصحف الاسرائيلية، وما أدى الى فرض مواقف سماحته في رأس اهتمامات الكيان الاسرائيلي، هي المصداقية التي يتمتع بها سماحته لدى الجمهور وصناع القرار في تل ابيب. إضافة إلى مستوى الخطورة التي انطوت عليها رسائل سماحته.

رسائل السيد نصر الله.. يتردد صداها في تل ابيب


ليس من المبالغة القول أن هذه الرسائل حفرت عميقًا في وجدان الرأي العام في "إسرائيل". وستكون حاضرة على طاولة صناعة القرار كجزء أساس من حسابات دراسة الخيارات العملانية. وليس من الصعوبة التقدير أن مؤسسات القرار في تل أبيب، ستتعامل بجدية مع تهديدات سماحته.
في السياق نفسه، الغايات الردعية للرسائل، ستكون حاضرة بقوة لدى الاجهزة السياسية والامنية والعسكرية، في تل ابيب. ويرتكز هذا الحضور القوي – من ضمن أمور أخرى – إلى المصداقية التي يتمتع بها سماحته، ولحساسية وخطورة الرسائل التي وجهها.
ـ يلاحظ أن الرد الجاد الوحيد على سماحة الأمين العام، تم ايكاله الى وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس، الذي هدد أنه "في حال تجرأ (السيد) نصر الله على استهداف العمق الإسرائيلي أو ضرب البنية التحتية القومية، سنرد بضرب جميع الأهداف المتاحة في لبنان، وفرض عقوبات تشل نشاطات حزب الله، وممارسة ضغوط كبيرة على إيران من أجل ايقاف تسليحه وتمويله، وتفكيك المحور الذي يربط بين إيران مرورا بسوريا وصولا إلى حزب الله ولبنان".
ـ يلاحظ أن كاتس ربط ضرب العمق اللبناني..، بمبادرة حزب الله على تنفيذ تهديده. في المقابل، أتى تلويح سماحة السيد بخيار استهداف الامونيا ومفاعل ديمونا.. ردا على حرب قد تشنها "إسرائيل" ضد لبنان. ويفترض في ضوء هذه الرسائل المتبادلة، أن حزب الله لن يبادر في حال لم تشن "إسرائيل" حربا. و"إسرائيل" لن تبادر إلا في حال بادر حزب الله إلى هذا الخيار.. وبالنتيجة، يكون هدف حزب الله الردعي قد تحقق.. وليس هذا الامتناع المتبادل، إلا تجل لمعادلة الردع المتبادل..
ـ تنطوي دعوة كاتس لفرض العقوبات.. وممارسة الضغوط.. والعمل على تفكيك محور المقاومة، على التمسك بالرهان على خيار بديل عن الحرب المباشرة، على الأقل في المدى المنظور.. وتعكس هذه المعطيات، أن دعوة كاتس، واستناداً إلى منصبه كوزير للاستخبارات، لم تكن مجرد ردة فعل على خطاب سماحته، بل هي ايضاً، خلاصة مداولات جرت بين أجهزة التقدير الاستخباراتي والعملاني في تل أبيب.
ـ تأتي دعوة كاتس بممارسة ضغوط على الجمهورية الاسلامية، كونها مصدر إمداد ودعم حزب الله، على المستويين المادي والعسكري. ومن الواضح أن هذا الطرح ينطلق من تصور أن فرض عقوبات على إيران على خلفية دعمها لحزب الله، يهدف إلى "وضع اسفين بين حزب الله وإيران" (كما عبر كاتس سابقا) وبهدف تكرار معادلة العقوبات مقابل تطور البرنامج النووي الإيراني. ويمكن التقدير أن الرهان الاسرائيلي في هذه القضية، يكمن في دفع الشعب الايراني الى الاعتراض على أثمان يدفعها مقابل سياسة دولته الخارجية، وليس مقابل مشروع وطني (البرنامج النووي)..
وتهدف إسرائيل ايضا، إلى ابقاء إيران تحت سيف العقوبات، حتى بعد الاتفاق النووي.. وبذلك يتم الالتفاف على الانجاز الاقتصادي الذي هدفت الجمهورية إلى تحقيقه من وراء الاتفاق.
ـ كان لافتا، أنه رغم انتصارات محور المقاومة على الساحة السورية، ما زالت "إسرائيل" ترى ضرورة العمل على "تفكيك المحور الذي يربط بين إيران مرورا بسوريا وصولا إلى حزب الله ولبنان". وتنطوي هذه الدعوة على ضرورة مواصلة العمل بأساليب اخرى، ولعل الرهان في هذه النقطة، يتمحور حول محاولة التأثير في بلورة أي صيغة تتصل بمستقبل سوريا، عبر روسيا والولايات المتحدة..
ومع أن كاتس قصد التشهير بحزب الله، واتهامه بالتبعية لإيران، عندما أعلن أن السيد "نصر الله يخدم المصالح الإيرانية بصورة مطلقة وأنه مستعد للتضحية بالدولة اللبنانية من أجل خدمة هذه المصالح" إلا أن موقفه ينطوي ايضا، على تقدير إسرائيلي بأن حزب الله مستعد للذهاب حتى النهاية في حال تم استهداف الجمهورية الاسلامية في إيران، وهو ما يعزز من معادلة الردع الاقليمي انطلاقا من لبنان.

 

2017-02-20