ارشيف من :مقاومة
"علي شعيب" يروي للانتقاد يوميات الحرب(12):
فاطمة شعيب
كان اليوم الثاني عشر يوماً مثيرا بكل المقاييس بالنسبة لمراسل المنار "علي شعيب"، فصباح ذلك اليوم بدأ نارياً لجهة الاعتداءات على القطاع الشرقي من الجنوب (منطقة العرقوب ومرجعيون والخيام) كان حينها جميع مراسلي الفضائيات يقفون على أتوستراد مرجعيون ينقلون مباشرة الغارات الجوية المكثفة على بلدة الخيام، وكانت الصورة أبلغ من التعبير حيث كانت المنازل تتهاوى واحداً تلو الآخر أمام مرأى العالم، في هذا الوقت كانت أخبار المواجهات البرية الدائرة في بنت جبيل وعيتا الشعب وعيناثا وعيترون تتواتر بين الصحافيين، في هذه الأثناء اتصلت إدارة تلفزيون LBC بمراسلها سلطان سليمان طالبة منه والفريق مغادرة المنطقة بعد نصيحة وجهها السفير الأميركي جيفري فيلتمان لبيار الضاهر، مشيراً إلى إمكانية بدء الهجوم البري ودخول الدبابات الإسرائيلية إلى القطاع الشرقي.. هذا الخبر سرى كالنار بالهشيم بين الصحافيين فقرر معظمهم المغادرة بعد إبلاغ قنواتهم بالخبر إلاّ أن مشكلة اعترضتهم وهي رفض "علي شعيب" المغادرة، وتضامنت معه مراسلة الجزيرة يقول علي: "حينها جاء الزميل الخلوق سلطان سليمان وطلب مني مرافقتهم لأنه يخشى على حياتي إذا ما بقيت هنا.. وطبعاً تبعها مفاوضات من البعض الذي أرادها ذريعة ليخرج هو أو من البعض الآخر خشية بقاء أحد في المنطقة من المراسلين حينها يسجلّ هو من الهاربين .. وحده "عصام مواسي" ومعه "كاتيا ناصر" من قناة الجزيرة رفضا المغادرة إذا بقيت (لأن لي بيصير عليك بيصير علينا .. وإذا بتروح معنا منفل سوا) اتصلت حينها بالقناة وعكستُ صورة الوضع فطلبوا مني المغادرة بعد تقييم الجو..".
لم يكن ذلك كافياً لإخراج علي من المنطقة إلى أن قرر الجميع الضغط عليه، وخلصت المفاوضات إلى خروج الجميع إلى بلدة إبل السقي المجاورة والمبيت فيها الليلة وفي حال عدم دخول الدبابات إلى مرجعيون يعود الجميع إليها صباحاً، وحده فريق LBC غادر باتجاه حاصبيا صباحاً بعد إصرار المحطة على ذلك .. يستعيد "علي" تلك اللحظة: "كانت الساعة تقارب الرابعة عصراً عندما انطلقنا بموكب واحد من مرجعيون قاصدين بلدة إبل السقي المجاورة، وقبل وصولنا إلى البلدة بدأت الطائرات الصهيونية بقطع الطريق المؤدية إلى البقاع الغربي وقرب التلال القريبة من الموكب، فما كان من السيارة الأولى في الموكب التابعة لقناة العربية إلاّ أن خرقت الاتفاق!! وتوجهت مباشرة باتجاه حاصبيا وتبعها الموكب بأكمله، وكنت أنا أقود السيارة الأخيرة.. وحينها تكثفت الغارات بشكل جنوني وراودتني فكرة العودة لوحدي، إلاّ أنني سرعان ما تبعتهم بعدما عمدت طائرة صهيونية إلى الإغارة على طريق العودة في إبل السقي وقطعت الطريق، وأثناء وصول الموكب إلى مدخل حاصبيا أغارت الطائرات على الطريق أيضاً فقطعتها، وحاولنا التوجه عبر طريق ترابية فأغارت الطائرات مجدداً أمامنا فأسرعنا إلى طريق ثانية فكان مصيرها مماثلاً، ليتبين بأننا أصبحنا محاصرين وكان هدف الطائرات تعطيل عمل الإعلام.. ومع تواصل الغارات في محيطنا انتشرنا بين الصخور وحينها اتصل الزميل غسان بن جدو بفريقه فنقل الأجواء كما هي مثل الصراخ والركض والانتشار، وتوجهت أنا مسرعاً باتجاه حاصبيا سيرا بعدما تخطيت مكان الغارة الأولى ووصلت إلى مقر الصليب الأحمر في حاصبيا حيث كان جمع من الصحافيين ومن بينهم سلطان سليمان، وصودف وصول الزميل عدنان غملوش مراسل العربية الذي كان من المفترض أن يقوم بتبديل علي نون الذي كان في مرجعيون فأخذت منه السيارة وعدت الى مكان انتشار الزملاء الصحافيين عند أول البلدة لأنقلهم من هناك، وتبعتني سيارة للصليب الأحمر.. قضينا جميعا قرابة الساعة في مقر الصليب الاحمر تمهيداً لإيجاد مبيٍت لنا وتبرع أحد عناصر الدفاع المدني بنقلنا إلى شقة له وكانت فارغة في أحد أحياء حاصبيا وكنا قربة الثلاثين صحافياً، وبعد ساعة من وجودنا في الشقة تفاجأت بطلب صاحبها بإطفاء هاتفي عنوة عن الآخرين الأمر الذي أشعرني بالغربة فعلاً فلما رفضت ذلك لأن أساس عملي في تلك اللحظة أصبح الهاتف لمتابعة ما يحدث في المنطقة الحدودية عاد وطلب ذلك عبر زملائي متذرعاً بأن أهالي الحي قد أخلوه بعد علمهم بوجود علي شعيب في المكان الأمر الذي استفزني فقررت مغادرة الشقة برغم رفض جميع الزملاء، ولما أصررت على ذلك تضامن معي فريق الجزيرة.
غادر علي شعيب ومن معه بعد ان تبين له بأنه شخص غير مرغوب به ليتوجه بعد سلسلة من الاتصالات إلى منزل أحد أصدقائه وبات الليلة مستيقظاً متأثراً بالذي جرى معه بدءاً من تركه المنطقة الحدودية...
وغداً يوم آخر..