ارشيف من :مقاومة

"علي شعيب" يروي "للانتقاد" يوميات الحرب (15):

"علي شعيب" يروي "للانتقاد" يوميات الحرب (15):

"علي شعيب" يروي "للانتقاد" يوميات الحرب (15): حملت البندقية بدلاً من الكاميرا لحماية نفسي

فاطمة شعيب
كانت ليلة الخامس عشر للعدوان "حامية" عند أطراف مرجعيون حيث كان القصف على أشده في المنطقة وكانت أصوات المروحيات كثيفة فاعتقدنا أنه ربما كان محاولة إنزال في مكان قريب، وطبعا فإن مهمة "ابو علي" و"محمد" كانت مختلفة عن مهمة "علي شعيب"، لكن في مثل هذه الأجواء الليلية كان على "علي" أن يحمي نفسه أيضاً يقول "علي": "في مثل هذه اللحظات المصيرية لا مكان للكاميرا فطلبت من أبي علي بندقية أدافع بها عن نفسي فأعطاني "M 15" وبتنا تلك الليلة مستنفرين في فناء المنزل حتى الصباح حيث عادت الامور الى طبيعتها ولم تكن الأجواء العسكرية التي سادت ليلاً سوى عمل ترهيبي ضد المنطقة، لكن الاعتداءات كانت متواصلة على الخيام ومحيطها.. وقبل ان نعود  للراحة في المنزل سبقنا أبو علي لتحضير طعام الفطور وفي هذه الاثناء بدأت أتفقد بندقيتي، وكم كانت المفاجأة مضحكة عندما وجدتها خالية من الرصاص".
تناول الثلاثة فطورهم ثم انضم إليهم صاحب المنزل "إلياس"، وبعد ساعتين قاموا بجولة إعلامية كالمعتاد لتغطية الاعتداءات بعدما تحولوا نهاراً إلى فريق إعلامي، وخلال فترة الظهر اتصل أحد الأشخاص من بيروت بعلي وعرفه الى نفسه وكان يعلم أن علي يتحرك من دون سيارة، فعرض عليه أن يحضر سيارته من الخيام لإنقاذها من القصف أولاً، وليستفيد منها علي ثانيا، في هذه الاثناء علم علي أن جيباً للدرك سيتوجه عصراً إلى بلدة الخيام لإيصال مواد غذائية لمن تبقى من  الصامدين، وبالفعل توجه علي مع سيارة الدرك حاملاً معه كاميرته، وقبل وصوله إلى البلدة استهدفت إحدى الطائرات الحربية منزلا على الطريق، وكان ذلك تحت أنظار عدسة علي، وعلى الرغم من ذلك تابع الجيب مسيره باتجاه البلدة المدمرة يقول علي: "وصلنا إلى آخر نقطة يمكن الوصول إليها بالسيارة وتوجهنا على أنقاض المنزل سيراً على الأقدام، قمت بتصوير كل شيء في طريقي حتى وصلت الى مكان رأيت فيه شيئاً يشبهني معلقاً على العمود، توجهت مسرعاً نحوه وإذا به "لوغو المنار" الذي كنت فقدته سابقاً، وقد غطاه غبار الغارات الجوية وعلمت لاحقاً ان أحد المقاومين وجده وعلقه لي في هذا المكان لآخذه.. أكملت سيري باتجاه مكان السيارة التي سأحضرها، وإذا بالأنقاض تحيط بها من كل جانب، فيما كانت أبواب منزل صاحبها مفتوحة بفعل ضغط الغارات, دخلت وعثرت على مفتاح السيارة، في هذه الأثناء تعرضت البلدة لثلاث غارات جوية وبعدها أزلت ما تيسر من الحجارة والركام من أمامها حتى وصلت بها إلى مرجعيون، وقد اصطحبت معي عجوزاً كانت تعيش بمفردها وأوصلتها إلى عائلتها المهجرة في مرجعيون".
 وخلال ساعات العصر تعطل هاتف  "علي" فقصد بلدة القليعة لشراء هاتف بديل فالتقى بصديق سابق فقال له أود أن أبلغك بأن أهالي البلدة يقلقون عندما تأتي إلى هنا، فحبذا لو تقلل من حضورك في هذه المنطقة يقول علي: "في طريق العودة إلى مرجعيون كانت الطائرات الحربية تشن سلسلة غارات على منازل الخيام فصادفت مجموعة من الشبان يقفون عند أطراف القليعة يصفقون ويهللون لكل غارة، وقفت أمام هذا المشهد وكأن خنجراً قد أصابني، وتبين لي لاحقاً أنهم حثالة من العملاء السابقين في جيش لحد، وصلت الى ساحة مرجعيون والتقيت صدفة بصديقي نضال فعانقني وطلب مني العودة الى منزله فقلت له بأنني لست لوحدي فرد قائلاً أحضرهم معك فقد جهزت لكم منزلاً، وبالفعل دعوت "أبو علي" و"محمد" ونقلنا أغراضنا إلى منزلنا الجديد، لكن الصدمة كانت عند ساعات الغروب عندما زارنا صاحب المنزل وقال لي لو سمحتم غادروا المنزل فأنتم أشخاص غير مرغوب بكم هنا!! وبالفعل نزلنا عند رغبة صاحب المنزل الكريم، وعدنا إلى منزل "إلياس".
وغداً يوم آخر..  

2009-08-04