ارشيف من :آراء وتحليلات
’المعارضة’ السورية في الآستانة وجنيف: الشكل أو المضمون؟
المعارضة.. التغيير في الشكل فقط
تسمع يومياً أخباراً لا يستسيغها المنطق السليم والتحليل المعقول. ومع ذلك، تشعر أن عليك إعتياد سماعها، والأهم التفكير في أسباب إنتشار الإعوجاج في التفكير.
آخر مثال على ذلك، تعليق أعضاء في وفد "المعارضة السورية" إلى جنيف على التفجيرات التي استهدفت مقراً أمنياً في مدينة حمص، فقد ذهبوا الى أن "النظام" هو المسؤول عن التفجيرات، مستندين الى أن لا أحد يقترب من هذه المقرات من دون حيازة أوراق أمنية! (والمعلوم ان منفذي التفجيرات "إنتحاريون"، وهؤلاء لا يصعب عليهم اختراق بعض نقاط الضعف في الاجراءات الأمنية، وقد رأينا وقوع مثلها في أماكن عديدة في العالم محصنة أمنياً).
منطق هؤلاء "المعارضين" بالطبع لا يصمد أمام التساؤل: هل يضع أي نظام التفجيرات القاتلة ضد نفسه؟ ولأي غاية: للكسب الإعلامي؟ لا قيمة لأي مكسب أمام خسارة كتلك التي حلّت بحمص منذ يومين.
اثار التفجير الارهابي الذي طاول مدينة حمص قبل أيام وادى الى سقوط عشرات الشهداء والجرحى
وبالطبع، جاء إعلان "هيئة فتح الشام" التي تمثل "جبهة النصرة" القاعدية المنشأ مسؤوليتها الضمنية عن تلك التفجيرات ليضع حداً لتكهنات الوفد "المعارض" في جنيف. وهذا يذكّرنا مرة اخرى بأن منطق بعض هذه "المعارضة" لم يتغير في العام 2017 عنه في بدايات عام 2012، يومها وقع تفجير ضخم في دمشق استهدف مقراً أمنياً وأوقع عشرات الضحايا، وقالت السلطات السورية ان التفجير من فعل "جبهة النصرة" المرتبطة بالقاعدة، لكن "التنسيقيات المعارضة" التي كانت تقنعنا بأن "الثورة" سلمية زعمت ان التفجير من فعل النظام لإسباغ صفة الإرهاب عليها. وأعلنت "النصرة" بعد مرور فترة طويلة مسؤوليتها عن هذا التفجير الإرهابي الذي وقع في شارع عام.
ما زال بعضهم يتمترس خلف مقولات جاهزة (لطالما نعتوا منطق غيرهم بالخشبي). ما قيمة أي معارضة اذا لم تتحلَ بالقدرة على المصارحة والوضوح؟ على الأرجح، الأمور لا تجري هكذا عند بعضهم، فالوقوف أمام الكاميرا يتطلب من وجهة نظرهم "إعادة بناء الواقع" اقتباساً من مقولة غربية تفيد بأن الإعلام يعيد بناء الواقع غير ما هو فعلاً، فيحذف ما ليس مستساغاً او يفسره ويبرره بطريقة مختلفة ويُبرز في المقابل عناصر تجميلية لـ "الذات الأنا". وقد يكون من بين عناصر التجميل مثلاً إرسال وفد من "المعارضة" الى آستانة مكون من الشباب الذين بدت عليهم لمسات الأناقة والترتيب بشكل مقصود بحيث انها قد تساعد ربما في محو ملامح التشدد والإرهاب التي علقت طويلا بالذاكرة.
الشكل لا يهمّ، الكلام وحده لا يفيد، ما دام المضمون لم يتغير!