ارشيف من :آراء وتحليلات

أهمية تقدم الجيش العربي السوري شرق حلب

أهمية تقدم الجيش العربي السوري شرق حلب

أهمية تقدم الجيش العربي السوري شرق حلب

ليست المرة الأولى التي يتقدم فيها الجيش العربي السوري في مناطق مختلفة كان يسيطر عليها مسلحون إرهابيون أو "شبه ارهابيين"، فهو في الفترة الأخيرة ومدعوماً من حلفائه استطاع تحرير ميادين حيوية كثيرة في أغلب المحافظات السورية، ولكن ربما يمكن القول ان ما حققه مؤخراً في سيطرته على مناطق كان يسيطر عليها داعش شرق حلب يعتبر إنجازاً مهما سوف يكون له تأثير أساسي في الحرب على سوريا وذلك على الشكل التالي:

 معنويا
يضاف هذا الإنجاز الى سلسلة مترابطة من الانجازات، حققها الجيش العربي السوري في معركة المدافعة عن الارض والكيان والدولة بمواجهة تحالف إقليمي ودولي واسع وقادر ومتمكن من كافة النواحي، وهذا التقدم يساهم في تثبيت الثقة بالجيش وبالدولة ويدفع الكثير من المترددين لاتخاذ خيار التسوية والتفاوض والانخراط بالحل السياسي، عن قناعة بالدولة استنتجوها من فظاعة البديل القاتل المتمثل بالمجموعات المسلحة، أو عن خوف من قدرة الدولة وسلطتها التي تتزايد وتتوسع.

اجتماعيا وخدماتيا
 ـ بعد هذا التقدم الاخير في شرق حلب أوشك الجيش العربي السوري على الوصول الى الخفسة غرب بحيرة الأسد على نهر الفرات، وبذلك يسيطر على مصادر تنقية وضخ وتوزيع المياه الى مناطق واسعة في مدينة حلب وأريافها، الأمر الذي كانت داعش تضغط به على المواطنين السوريين وتمنع من خلاله عنهم المياه الضرورية لمعيشتهم.

- بعد تحرير منطقة واسعة شرق حلب تقدر بحوالي 600 كلم مربع، تزداد المساحة الجغرافية التي ستكون ملاذا آمنا لعدد كبير من النازحين السوريين، كانوا قد تركوها مرغمين خوفاً وهرباً من ظلم داعش وتنكيلها، خاصة أنّ هذه البقعة تعتبر ناشطة زراعياً في الشمال والشرق السوري والتي بامكانها ان تحضن عدداً كبيراً من العمال والمزارعين من الذين يجهدون للعودة الى حياتهم ومعيشتهم المعتادة.

عسكرياً وميدانياً

- بعد هذا التقدم تزداد بقعة انتشار وسيطرة الجيش العربي السوري في ريف حلب الشرقي مما يؤمن هامش حيطة وامان أكبر للعاصمة السورية الثانية.

- تتوسع بقعة مناورة الجيش المذكور في المدافعة حيث يستطيع نشر وحدات وبطاريات مدفعية وقواعد صاروخية أقرب الى الميدان الذي ما زالت تسيطر عليه داعش شرقاً أو جنوب شرق، وفي المهاجمة حيث امتلك نقاط ارتكاز أوسع في اكثر من اتجاه، شمالا بمواجهة وحدات درع الفرات التي تنتشر بين الباب وجرابلس والمدعومة تركيا، وجنوب شرق بمواجهة داعش باتجاه دير حافر ومسكنة وامتدادا الى مطار الطبقة فالرقة.

 

أهمية تقدم الجيش العربي السوري شرق حلب
خارطة توضيحية للمناطق التي سيطر عليها الجيش السوري مؤخراً

إستراتيحياً

من خلال هذا التقدم استطاع الجيش العربي السوري ربط مواقع انتشاره في حلب وريفها الشرقي بمواقع انتشار وحدات حماية الشعب الكردي وقوات سوريا الديمقراطية في منبج، وهذا ما سيغير المشهد في الشمال والشرق السوري من خلال ما يلي:

- جغرافيا وميدانيا سيؤَمَّن الترابط بين الاقاليم الكردية في عفرين غرباً وعين العرب وامتداداً الى الحسكة والقامشلي شرقاً، الامر الذي جهدت تركيا دائما لمنع حصوله، وبذلك سيمتلك الجيش العربي السوري نقطة حيوية واستراتيجية يمكن العمل عبرها في مفاوضات ثنائية تحت عنوان سوري وطني مستقل وبعيد عن اية رعاية غربية او دولية، وهذه المفاوضات قد تفتح آفاقا قابلة للنقاش حول تعاون ما او تسوية، تعزل التأثير والضغط التركي عن الشمال السوري بشكل كبير، خاصة وانه يوجد اكثر من سابقة لهذا التعاون واكبت معركة تحرير شرق حلب لناحية دعم وحدات حماية الشعب الكردي في حي الشيخ مقصود في حلب للجيش العربي السوري، او في معارك فك الحصار عن نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي سابقا، وايضا فان تواجد هذا الجيش في اكثر من موقع في الحسكة والقامشلي ليس بعيدا عن التنسيق والتعاون مع تلك الوحدات او مع قوات سوريا الديمقراطية، ولو كان حتى الان تنسيقا غير مباشر وضمنيا، فرضته الحاجة المشتركة لمواجهة داعش.

- بعد هذا التقدم للجيش العربي السوري، يمكن القول ان الاخير قطع بالكامل أية إمكانية ميدانية لوحدات درع الفرات او للأتراك بالتقدم جنوباً والتوجه باتجاه الرقة من ضمن مشروع يعمل عليه الأميركيون لحصار داعش في عاصمته السورية، وذلك من الجهة الغربية لنهر الفرات، وحيث لم يتبق للأتراك وللاميركيين إلا الجهة الشرقية للنهر لتنفيذ المخطط المذكور اعتبارا من عين العرب أو من عين عيسى، سيصعب على الاميركيين، أولاً إقناع الاكراد بالسماح بتجاوزهم في المحور المذكور، وثانيا إقناع الاتراك ان يهضموا التنسيق الميداني والعسكري مع الأكراد، والذين دائما كانوا يعتبرونهم إرهابيين كداعش التي تستهدفها هذه العملية المقترحة من التحالف الدولي بقيادة الاميركيين.
من هنا ...هل ستستطيع الدولة السورية استغلال هذا التقدم الاستراتيجي في شرق حلب، والتفاوض مع أغلب المكونات الكردية المعارضة لها، انطلاقا من نقطة الترابط الميدانية بين عفرين ومنبج، والتي أصبحت تمتلكها وتتحكم بها وتحتاجها بشدة وتسعى لها الوحدات الكردية المذكورة، أم أن الاميركيين وكعادتهم سوف ينجحون في إغراء الأكراد بوعود خيالية لم تنفذ باغلبها حتى الان، ويمنعونهم من سلوك هذه التسوية مع الدولة السورية ؟ وأين سيكون الدور الروسي والايراني في ذلك؟

 ربما يحتاج هذا المشهد اللافت بعضا من الوقت لكي تظهر معطياته، وإلى ذلك الوقت يبقى تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه وثباتهم على كامل الجبهات أساسيا وضروريا، وذلك إمّا بمواجهة داعش في كل أماكن انتشارها وحيث هي تتقهقر الآن في سوريا أو في العراق، وإمّا بمواجهة المجموعات المسلحة الاخرى، الضائعة بين ان تكون ارهابية او معتدلة، والتي تخوض بين بعضها البعض او بمواجهة داعش حرب تصفية مجنونة قاتلة.

أهمية تقدم الجيش العربي السوري شرق حلب

 

2017-03-01