ارشيف من :آراء وتحليلات

نتنياهو نفسه... قبل التقرير وبعده

 نتنياهو نفسه... قبل التقرير وبعده

 نتنياهو نفسه... قبل التقرير وبعده
مستقبل نتنياهو السياسي مرهون بما ستؤول اليه التحقيقات حول الفضائح التي تعرض لها

كشف تقرير مراقب الدولة، يوسف شابيرا، الذي حقق في إخفاقات عدوان "الجرف الصامد"، عن دور جوهري للثلاثي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشيه يعلون، ورئيس الاركان بني غانتس، في عملية صناعة القرار السياسي الأمني خلال الحرب على غزة. وبرز ذلك، تحديداً في تحكمهم بالمعلومات التي زوَّدوا بها وزراء المجلس الوزاري المصغر، الذي يفترض بحسب القانون أنه من يملك صلاحية اتخاذ القرارات السياسية والأمنية. وتقدِّم الصورة التي عرضها التقرير عيِّنة فعلية عن آلية صناعة القرار في المجلس الوزاري المصغر.
أظهرت المداولات أن "اسرائيل" خاضت حرباً استمرت أكثر من 50 يوماً، دون تخطيط وقرار مسبقين، ما يعكس ويؤكد حقيقة دور مجريات الميدان، في ظل ظروف سياسية وميدانية محدَّدة أن تساهم في الدّحرجة نحو مواجهة لم يكن يريدها أي من الطرفين ابتداء (مع التشديد على كلمة ابتداء).
فيما يتعلق بجاهزية الجيش التي شكك بها التقرير، ينبغي التوضيح أن الخلل الذي أصاب أداء الجيش، يعود الى تقديرات استخباراتية فاشلة، حول نوايا واستعداد فصائل المقاومة لخوض معركة متواصلة، وحول المعلومات المتصلة بحجم خطر الانفاق.
بدا واضحاً، أن التباينات العلنية خلال العدوان، كانت هي نفسها وبالحدة ذاتها خلال مداولات المجلس الوزاري المصغر ازاء الخيار العملاني الواجب اتباعه. وانقسم الطرفان بين الدعوة إلى المبادرة بشكل مبكر للقيام بعملية برية لتدمير الانفاق (موقف رئيس البيت اليهودي على الدوام، نفتالي بينت).. مقابل معارضة وزير الامن وقيادة الجيش هذا الخيار، الذين كانوا يهدفون في بداية المعركة، وقبلها، الى المحافظة على الهدوء وتعزيز الردع، دون التورّط في عملية برية تؤدي الى الغرق في غزة وسقوط خسائر بشرية مؤلمة.

 نتنياهو نفسه... قبل التقرير وبعده
التقرير: "اسرائيل" خاضت حرباً (الجرف الصامد) دون تخطيط وقرار مسبقين


الى ذلك، يمكن التقدير، بل الجزم، أن من العوامل التي ساهمت ايضاً في تبني المؤسسة العسكرية هذه المواقف، ومعها نتنياهو – يعلون، الاستناد الى تقدير خاطئ مفاده أن حركة حماس لم تكن تريد المواجهة الواسعة والمتواصلة. وبرز ذلك صريحاً في العديد من المواقف، من ضمنها، تقدير رئيس الاستخبارات العسكرية، اللواء افيف كوخافي، الذي أكد "تواجد عشرات المعلومات التي تشير الى أن حماس لا تريد المواجهة"، وبقي هذا التقدير حاضرا بقوة حتى بعد ايام من بدء المواجهات.
المعطى الأهم الذي يبدو أنه كان متغلغلاً في وعي صناع القرار السياسي والعسكري، وتحديداً الثلاثي (نتنياهو، يعلون، وغانتس)، أنهم كانوا مقتنعين بإمكانية استمرار الحصار دون أن يؤدي ذلك الى التدحرج نحو معركة بهذا الحجم.
استنادا الى هذا المفهوم، يصبح واضحا لماذا لم يحاول اجتراح خيارات سياسية بديلة، كما اتهمه تقرير المراقب، تحول دون المواجهة التي حصلت.

 نتنياهو نفسه... قبل التقرير وبعده
 تقديرات استخباراتية فاشلة، حول نوايا واستعداد فصائل المقاومة لخوض معركة متواصلة


في السياق نفسه، كان نتنياهو يرى، أيضاً، وما زال، أن لا مجال للحسم العسكري. ولا إمكانية للتوصل الى اتفاق سياسي مع فصائل المقاومة في قطاع غزة. ولكنه راهن وما زال على امكانية اخضاعهم أو تطويعهم أو دفعهم الى تخفيض سقوفهم.. ما يفسّر استمرار الحصار والضغط على سكان القطاع والمقاومة.
في كل الاحوال، وبالرغم من لغة التقرير القاسية جداً بحق نتنياهو وشركائه في صناعة القرار، إلا أنه من المبالغة الاستناد اليه لاستشراف مدى مساهمة التقرير في انهاء حياته السياسية. بل يمكن القول أن مستقبل نتنياهو السياسي مرهون بما ستؤول اليه التحقيقات حول الفضائح التي تعرض لها، وما إن كان سيتم تتويجها بتقديم لائحة اتهام بحقه. واذا ما افترضنا وجود دور لهذا التقرير، فهو من باب التوظيف في خدمة المعركة على توهين صورته التي قد تكون على وشك التهشم بحسب الخاتمة التي سينتهي الى التحقيق.

 

2017-03-04