ارشيف من :آراء وتحليلات
الكركارات ورقة ضغط اقتصادية في نزاع الصحراء الغربية
بعد أن اضطر المغرب إلى سحب جنوده من منطقة الكركارات التي تدخل ضمن المنطقة التي تسيطر عليها جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب البوليساريو، بالصحراء الغربية، نشر موالون للجبهة صورا على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر إقامة البوليساريو لنقطة تفتيش بهذه المنطقة. كما أظهرت صور أخرى جنودا من البوليساريو يعترضون شاحنة قيل أنها مغربية محملة بالبضائع متجهة إلى الأراضي الموريتانية.
ويسيطر المغرب بعد ما سمي بـ"المسيرة الخضراء" سنة 1975 على الجزء الأهم من أراضي الصحراء الغربية ويحيطه بجدار عازل، في حين تسيطر جبهة البوليساريو على الأراضي التي تقع خلف الجدار، وتسميها الأراضي المحررة، وتقوم بإدارتها من مخيمات اللاجئين الصحراويين في محيط مدينة تندوف الجزائرية. ويرغب الموالون للبوليساريو من خلال نشر هذه الصور أن يظهروا للعالم بأن لا وجود للحدود بين المغرب وموريتانيا على أرض الواقع حتى وإن كان الجزء الخاضع للمغرب من الصحراء الغربية هو أراض مغربية.
معبر إنساني
الحقيقة أن منطقة الكركارات، الفاصلة بين الأراضي التي يسيطر عليها المغرب في الصحراء الغربية، و بين موريتانيا، تقع تحت سيطرة البوليساريو الذي سمح بأن تفتح بوابة في الجدار العازل الذي بناه المغرب وبأن تعبر الشاحنات من الأراض التي يسيطر عليها المغرب إلى موريتانيا عبر الكركارات لتسهيل معاملات الصحراويين داخل الجدار، والخاضعين لسلطة المغرب، وبين الموريتانيين. ويبدو أن الطرف المغربي أراد التقدم إلى ما وراء الجدار والسيطرة على الكركارات الإستراتيجية التي يتمكن من خلالها البوليساريو من الوصول إلى منفذ صغير على المحيط الأطلسي يقع بين الجدار العازل الذي بناه المغرب والأراضي الموريتانية.
و شن الصحراويون الموالون للبوليساريو حملة إعلامية طالت مواقع التواصل الاجتماعي هدفها إسقاط مقولة أن الأراضي المغربية تمتد من طنجة إلى الكويرة. فقد أظهروا سيطرة البوليساريو على الكركارات التي تفصل الجدار المغربي عن موريتانيا من خلال نقطة التفتيش ومن خلال صور الجنود الصحراويين وهم يعترضون الشاحنات التجارية المارة من هناك لتفتيشها. كما نشروا صوراً لعناصر من البوليساريو على شاطئ المحيط الأطلسي قيل أنها بالمنفذ البحري الذي يقع بين الجدار العازل المغربي وموريتانيا، وتقع الكويرة التي يؤكد المغرب أن أراضيه تمتد إليها خلف هذه المنطقة.
ورقة ضغط
والحقيقة أن الكويرة فيها تواجد موريتاني بالاتفاق مع البوليساريو حتى يسهل التواصل بين مدينة نواذيبو الموريتانية وباقي الأراضي الموريتانية عبرها. وبالتالي فإن المعركة الإعلامية الدائرة اليوم بين المغرب والبوليساريو هدفها بالأساس التأثير على المعنويات من خلال دحض ادعاءات هذا الطرف أو ذاك.
ويؤكد جل الخبراء والمحللين على أن سحب المغرب لقواته إلى ما وراء الجدار العازل تنفيذا لقرارات منظمة الأمم المتحدة هو تأكيد على سيطرة البوليساريو على الكركارات التي تمر عبرها حركة التجارة بين المغرب وموريتانيا. وبالتالي فإن لدى جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ورقة غاية في الأهمية بإمكانها أن تناور بها سياسيا، فشل المغرب في سحبها منها في صراع طال أمده و أعاق قيام اتحاد المغرب العربي.