ارشيف من :آراء وتحليلات

الجزائر وسيناريو الفتنة الليبي

الجزائر وسيناريو الفتنة الليبي

الجزائر وسيناريو الفتنة الليبي
الارهاب .. وسيلة لتحقيق اهداف المؤامرة الخليجية الأميركية الإسرائيلية


في شهر تشرين الثاني/ نوڤمبر من العام 2011 عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعهم الشهير بحضور الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي برئاسة رئيس الدورة وزير خارجية قطر انذاك حمد بن جاسم وتحت السطوة القطرية السعودية تم اتخاذ قرار التآمر القاضي بتجميد مشاركة سوريا قلب العروبة النابض في اجتماعات الجامعة وبتجميد عضويتها ووقف نشاط طاقمها الدبلوسي، مع العلم ان هذا البلد العربي هو العضو المؤسس لجامعة الدول العربية.
أما السبب المعلل لقرار الجامعة هو عدم إلتزام سوريا تنفيذ بنود المبادرة العربية التي لم تكن تتضمن سوى تسليم السلطة في سوريا، نزولاً عند رغبة الامريكي الاسرائيلي التركي وبتمويل قطري ـ السعودي، وهذا ما تم الكشف عنه في عدد من المراجع والكتب التي كشفت عن الوثائق والاعترافات الموثقة لتنفيذ تلك المؤامرة على سوريا (راجع كتاب "الاسد بين الرحيل والتدمير الممنهج" للاستاذ سامي كليب)، إضافة إلى التسجيل الصوتي لوزير خارجية قطر آنذاك حمد بن جاسم الذي تحدث فيه وبالصوت عن ضرورة شراء الذمم وافتعال الفتن والفوضى في سوريا وضرب الجيش العربي السوري ودفع الرشى لبعض السفراء والسياسيين وتشويه صورة الرئيس بشار الاسد (الشريط تم تسريبه الى مواقع التواصل ثم سحب من التداول بسرعه).  
البعض ممن تسعفه الذاكرة يتذكر وقع قرار الجامعة العربية الذي نزل علينا كالصاعقة لكن حينها لفتنا موقف "مراد المدلسي" وزير خارجية الجزائر الجريء، إضافة لموقف لبنان واليمن الرافض لقرار تجميد عضوية سوريا حينها وقف مندوب الجزائر ليشرح مدى خطورة اتخاذ مثل هذا القرار على المجتمع العربي، وصاح يومها حمد بن جاسم بوجهه واسكت مندوب الجزائر قائلاً له: "لا تدافع كثيراً عن سوريا لان الدور جايي عليكم في بالجزائر"، في ذلك الحين لم يُؤخذ كلام حمد بن جاسم على محمل الجدّ واعتقد البعض ان كلامه يُصرف في خانة التهويل على الجزائر للضغط عليها فقط.
اتخذ القرار الشائن بحق الجامعة العربية وبحق العرب وسكت معظم العرب ظناً منهم ان الأمر انتهى وان إتمام المؤامرة لن يحتاج سوى الى أشهر قليلة لتصبح "إسرائيل" في فضاء خالٍ من العداء العربي، ما يفسح في المجال امام اقامة تحالف وثيق معها دون اي عائق أو ممانعة عربية بعد الاتيان بنظام سوري جديد ورئيس جديد (فيما لو نجح مخطط رحيل الاسد) يكون طيعاً لسياسات أميركا وقطر والسعودية لتتحول بوصلة العداء الرئيسية نحو المقاومة بكل أشكالها.
لم يعد خافياً الدور القطري الرئيس بالاشتراك مع انكلترا وفرنسا وتركيا بدعم من المخابرات الامريكية في تمزيق وتهديم ونهب ثروات النفط والغاز في ليبيا وادخاله في منظومة الربيع العربي الهدّام الممتد من تونس الى مصر وليبيا وصولاً الى سوريا العروبة وكل ذلك حصل ولم يزل يستكمل بواسطة مظلة تنظيم الاخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وفروعه وتفريخاته.
تونس لم تزل تلملم ما خرّبه مسمى الربيع العربي، مصر اسقطت حكم الاخوان المسلمين بثورة مضادة، سوريا صمدت صمودا أسطورياً ولم تزل من خلال مقاومتها كل أشكال التآمر والتكالب العربي الخليجي والغربي والاسرائيلي والتركي، وعلى مدى سنوات الأزمة السورية الست لم ترفع سوريا وحلفاؤها الا علامة النصر خصوصاً بعد إنكشاف اهداف المؤامرة الخليجية الأميركية الإسرائيلية ما أسهم في وضوح الصورة أمام مختلف شرائح الشعب السوري كما الشعب العربي المؤمن بهويته العربية وانتمائه للحضارة والتاريخ العربي الثابت في مواجهة العدو الاسرائيلي الساعي الى تحقيق حق الشعب العربي الفلسطيني في استعادة ارضه ووطنه فلسطين من براثن الاحتلال الاسرائيلي.

الجزائر وسيناريو الفتنة الليبي
الجزائر لم يسكت يوم عمد العرب الى اخراج سوريا من الجامعة العربية


وبعد الفشل الذريع للمؤامرة الدنيئة على سوريا كثر الحديث عن تحويل او تسفير أعضاء تنظيم القاعدة العاملة بين العراق والشام "داعش" ومتفرعاتها الى ليبيا، ما يعطي دفعاً للتنظيمات الارهابية لاكمال عقد ما بُدء به في ليبيا، خصوصاً بعد اعلان موسكو دعمها للحل السياسي بقيادة الفريق حفتر، إلا أن إعادة الهجوم على منابع النفط الليبي من قبل تنظيمي القاعدة والاخوان المسلمين، أكد من جديد أن ما يجري في ليبيا لن يبقى محصوراً ضمن الجغرفيا الليبية.
ان "اسرائيل" وامريكا بمساعدة من دولة قطر وبعض دول النفط، عقدوا العزم على نسخ سيناريو الفتنة ونقله الى بلد عربي داعم للشعب الفلسطيني ولمقاومة العدو الاسرائيلي وهو بلد المليون شهيد، عنيت به الجزائر، البلد الغني بالنفط والغاز.
ان تجميع إرهابيي سوريا والعراق واليمن في ليبيا وعلى الحدود الجزائرية الليبية المشتركة مع مالي تمهيداً للبدء في افتعال فتنة داخلية في الجزائر بين الامازيغ والعرب على غرار ما حصل في منطقة "غردايه" الجزائرية في شهر تموز من العام 2015 يشي بان شيئا ما يحضر للجزائر وشعبها وجيشها من خلال فتنة مقيتة تنال من تاريخها وتهدف الى تفتيت مجتمعها وثقافتها المناهضة والمقاومة لأي إحتلال والثابتة بانتمائها العربي ودعمها لتحرير فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي.

الجزائر وسيناريو الفتنة الليبي
سيناريو لتجميع الإرهابيين على الحدود الجزائرية الليبية تمهيداً للبدء في افتعال فتنة داخلية في الجزائر ؟

خارطة الأحداث في الدول العربية من العراق وسوريا ومصر واليمن ولبنان وتونس وليبيا تشير وبشكل واضح ان المقصود من المؤامرة لا يستهدف بلداً عربياً بمفرده بقدر ما يستهدف عالمنا العربي بمجمله اجتماعياً وتربوياً وحضارياً وثقافياً وتاريخياً واقتصادياً وامنياً بكل مكوناته وهذا ما دلّ عليه مسار الاحداث في منطقتنا العربية وحتى الافريقية.
صحيح ان حمد بن جاسم غاب عن المسرح السياسي لكن المشروع التآمري على بلادنا العربية لم يزل ساري المفعول والمضمون، أما الضامن فهو بعض الحكومات العربية التي تعتقد أن استرضاء أميركا وتنفيذ أوامرها أمر واجب، وأنها بتحالفها السري مع "اسرائيل" ستضمن بقاءها واستمراريتها حتى لو كان ذاك الاستمرار على حساب تاريخ ومجد الامة العربية برمتها.
علمنا تاريخ الامم والشعوب أن من تعاون مع أعداء الأمة وسعى الى اشعال نار الفتنة فيها وعمل ضد مصلحة شعبها لن يسلم من لهيب نار الاعداء وان مصيره الذل والهوان مهما طال الزمان، افلا تعقلون؟؟

 

2017-03-10