ارشيف من :آراء وتحليلات
إسرائيل على أبواب فشل جديد..
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية اهتمام الأجهزة الأمنية في "تل أبيب" بتطورات المواجهة مع "داعش" في الموصل، وأرجعت ذلك إلى سببين: الأول يرتبط بالزاوية المهنية.. بمعنى أنه يمكن للإسرائيلي أن يستفيد منها في مواجهة حركات المقاومة في غزة ولبنان.. والثاني، مرتبط بتداعيات القضاء على "داعش"، وتحديدا بامتداداتها على الحدود الجنوبية السورية، وفي سيناء.
فيما يتعلق بالسبب المهني، حصرا، (مع تجاهل السبب الثاني):
· لا يعني الحديث عن متابعة الأجهزة الأمنية لمعركة الموصل، أنها ستحسن بالضرورة استخلاص العبر وتحويلها إلى انجازات عملانية، خاصة بعدما ثبت في محطات عدة المواجهة السابقة، أن حزب الله، والمقاومة في فلسطين، لا تقلّ براعة في تطوير قدراتها وتكتيكاتها العملانية.
دبابة صهيونية بعد اصابتها بصاروخ للمقاومة في عدوان تموز 2006
· تستند محاولة "اسرائيل" في استخلاص العبر، من ضمن أمور أخرى، إلى حقيقة أن المعركة الدائرة في العراق هي بين جيوش نظامية في مواجهة تنظيم عسكري يسمي نفسه دولة، وبالتالي يفترض إسرائيليا أن تتم الاستفادة من كافة أوجه مجريات المعركة ونتائجها، بما يخدم عملية الاعداد التي يقوم بها جيش العدو ضد حزب الله وفصائل المقاومة في قطاع غزة.
· في المقابل، يجدر التذكير بعملية استخلاص العبر التي دفعت "إسرائيل" ثمن فشلها من هيبتها وردعها ودماء جنودها... عندما استلهمت القيادة العسكرية والسياسية في تل أبيب من الحروب الاميركية على يوغوسلافيا عام 1999، وعلى العراق عام 2003، تطوير قدرات وتكتيكات قدَّرت أنها ستكون ناجعة في مواجهة حزب الله.. لكن الصدمة التي دوّت في واشنطن و"تل ابيب"، أن الولايات المتحدة نجحت في الساحتين المشار اليهما (في العراق تمثَّل النجاح فقط باسقاط نظام صدام حسين) فيما فشلت به "اسرائيل" في مواجهة حزب الله، خلال حرب 2006، وتكرر الفشل في مواجهة فصائل المقاومة في قطاع غزة وتحديدا في عدوان الجرف الصامد عام 2014.
· لم يكن سبب الفشل الإسرائيلي نتيجة نقص في القدرات العسكرية، ولا في التطور التكنولوجي ولا في عدم توفر الاسلحة الدقيقة لديها كما كانت متوفرة لدى الجيش الاميركي، وانما يعود – من ضمن عدة عوامل – إلى ادراك حزب الله المسبق للخطة الإسرائيلية، ووضعه خطة مضادة مقابلها تجلى نجاحها في الميدان، وهكذا بدلا من ان تكون "إسرائيل" هي الابرع في استخلاص العبر، بدا حزب الله، وفق مجريات المعركة ونتائجها، الاكثر ابداعاً.
عناصر من فصائل المقاومة الفلسطينية
· على خط موازٍ، هناك مجموعة من المعطيات ذات الصلة، تشكل قيداً وحاجزاً فعلياً يحول دون حسن التوظيف والاستفادة الإسرائيلية.. أولها أن المعركة هي ضد تنظيم ارهابي مع ما يعنيه ذلك من موقف شعبي وسياسي رافض لهذا التنظيم، في المقابل، فإن فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين هي جزء من الشعب التي تدافع عنه.. وعلى المستوى العملي، قد يكون من السهل استئصال تنظيم ارهابي يفرض نفسه على الشعب، لكن عندما تكون حركات المقاومة تعبيرًا عن ارادته في التحرير والدفاع، لا يمكن القضاء عليهم إلا بالقضاء على الشعب نفسه، واستمرارهم باستمرار الشعب الذي يعبّرون عن هويته وخياراته، وبالنتيجة يسهل عزل التنظيم الارهابي، فيما لا يمكن فصل الشيء عن نفسه، في حال المقاومة.
· الى ذلك، يمتلك حزب الله قدرات صاروخية هائلة تستطيع أن تدك العمق الإسرائيلي بما فيها أكثر المنشآت حساسية في الكيان، وهذه القدرة التي تستند إلى ارادة صلبة كما أثبتت العديد من المحطات والتجارب، توفر هامشا واسعا لحزب الله في الردع والدفاع ضد أي عدوان إسرائيلي. وما يعزز من موقع قوة حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، تموضع الأول على حدود الأراضي المحتلة، فيما يتموضع الثاني في قلب فلسطين، الأمر الذي يمنحها مزايا وهامشا أوسع في المواجهة ضد العدو.
· في ضوء ما تقدم، ليس بعيدًا أن تكون "اسرائيل" على أبواب فشل جديد نتيجة اسقاط ظروف معركة ضد عدو ارهابي، على فصائل مقاومة شعبية تستمد وجودها وبقاءها من الشعب الذي تنتمي اليه.. لكن بالمقارنة مع الفشل الاول في العام 2006، ستكون نتائج وتداعيات الفشل الثاني كارثية على وجود وأمن الكيان.