ارشيف من :نقاط على الحروف
نمو الاقتصاد الروسي في عهد الرئيس بوتين
ان الفكرة السائدة لدى غالبية المراقبين الخارجيين هو ان النجاحات الدبلوماسية الخارجية لروسيا، وتثبيت نفسها بوصفها قوة دولية عظمى لا يمكن حل اي مشكلة دولية بدونها، وقادرة على الوقوف بنديّة في وجه اميركا والاتحاد الاوروبي ودول الناتو والكتلة الموالية للغرب مجتمعة، هي كونها تمتلك ترسانة عسكرية هائلة، خصوصا صاروخية ـ نووية، موروثة من العهد السوفياتي، وتثير الرعب المشروع لدى جميع عواصم العالم ومراكز القرار في الكتلة الغربية، خاصة بوجود قيادة روسية حازمة، "لا تمزح" في مسألة الحرب والسلم، كقيادة الرئيس بوتين.
-الاقتصاد هو الاساس-
وهذه الفكرة صحيحة بحد ذاتها، الا انها ناقصة.. والواقع ان القدرة العسكرية الروسية، الموروثة والمجددة والجديدة معا، لا يمكن ان تكون وأن تستمر الا بوجود قاعدة اقتصادية صحيحة وصلبة.
وهذا ما نحاول القاء نظرة سريعة عليه، من خلال ما نشرته وسائل الاعلام الروسية:
القدرة العسكرية الروسية لا تستمر دون قاعدة اقتصادية صلبة
التحول الكبير في عهد بوتين
خلال 16 سنة من وجود فلاديمير بوتين على رأس السلطة، تحولت روسيا الى دولة قادرة وتنموية ذات قاعدة اقتصادية واجتماعية صلبة، والآن ينسى الكثيرون انه في سنة 1999 كان الدين الخارجي لروسيا يبلغ 140% من الناتج المحلي القائم، وكان جيشها في حالة انهيار، وكانت هناك حرب مفتوحة ضد الدولة في شمال القوقاز.. وقد نجح بوتين في اخراج البلاد من الازمة، وبنتيجة ذلك توفرت الامكانية للتحرك التدريجي الى الامام، لا سيما في الحقل الاقتصادي.
الكارثة "الديمقراطية"
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لوحظ هبوط اقتصادي عميق، مرتبط بتدمير نظام العلاقات الاقتصادية الذي كان يعمل جيدا بين الجمهوريات السوفياتية، وكذلك تغيير انظمة الحياة الاقتصادية للمجتمع باسم "الديمقراطية"، وفي آب 1998 اعلن في روسيا الفيديرالية العجز الاقتصادي، وعلى الاثر وصلت البلاد الى الحضيض اقتصاديا.
ارتفاع أسعار النفط عنصر مساعد لا اكثر
وتغير الوضع بعد وصول فلاديمير بوتين الى مركز الرئاسة، وكان العديد من المعارضين والاقتصاديين المختصين يعلنون ان النجاحات التي تحققت في البلاد انما تعود فقط الى ارتفاع اسعار الطاقة، لكن الواقع ليس كذلك.. فحينما شغل بوتين منصب القيادة في البلاد، أول ما قام به هو الحد من نفوذ رجال الاعمال والبنوك على السلطة، الذين كانوا في عهد يلتسين يملون القوانين التي هي لمصلحتهم، فأقيمت مراقبة حازمة على التدفق المالي، وجرى الحد من "غسل" الاموال في الخارج. ومن أجل دعم رجال الاعمال المحليين، طبق معدل منخفض للضريبة على الدخل، كان الاكثر انخفاضا في كل اوروبا، وأعار اهتمامًا أكبر لتطوير "البيزنس الصغير"، وهكذا بلغ النمو الاقتصادي في السنة الاولى من عهد بوتين 6،8%.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
تشجيع الانتاج والعلوم
ولوحظ الارتفاع في نمو الانتاج الصناعي والاستفادة القصوى من القدرة الانتاجية، وفيما بعد وضع الرئيس امام البلاد تحقيق مهمات جديدة: مضاعفة الناتج المحلي القائم، زيادة الوزن النوعي للصناعات الاستخراجية في الاقتصاد، تكثيف العلموية في الانتاج.
تطوير الانتاج الزراعي
وأرسيت التوجهات الايجابية في الاقتصاد الزراعي، وفي سنة 2001 تضاعف انتاج الحبوب مرتين عما كان عليه سنة 1998، وبلغ 82 مليون طنًا، وفي سنة 2015 بلغ انتاج الحبوب في روسيا 100 مليون طن. وفي الـ16 سنة الماضية بلغ المعدل السنوي لزيادة الانتاج الزراعي 3،3%.
مكافحة البطالة
وأولى بوتين اهتماما خاصا لمكافحة البطالة، ففي سنة 2000 كان معدل البطالة قرابة 11%، وقد انخفض اليوم الى 8،5%. فالاجهزة المعنية أخذت تتفاعل في الوقت المناسب مع التغيرات في سوق العمل، ولهذا انخفض معدل البطالة الى حد مقبول، وللمقارنة نذكر ان معدل البطالة هو 5،10% في فرنسا، و4،12% في ايطاليا، و7،22% في اسبانيا.
التخفيض النسبي للدين الخارجي
ومن اللافت ان الدين الخارجي لروسيا اليوم بلغ نحو 515 مليار دولار، الا ان التزامات الدولة تبلغ 270 مليارا، اي 25% فقط من الناتج المحلي القائم. في حين ان الدين الخارجي للدولة الروسية سنة 1999 كان يبلغ 146% من الناتج المحلي القائم. ومن المثير الملاحظة ان الدين الخارجي للولايات المتحدة الاميركية زاد منذ وقت قريب عن 19 تريليون دولار، اي ما نسبته 110% من الناتج المحلي القائم لهذه الدولة.
الصناعة الروسية شهدت نموًا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين
التطور الصناعي
وفي الـ16 سنة الماضية لوحظ نمو كبير في الانتاج الصناعي لروسيا. ففي سنة 1998 انخفض مؤشر الصناعة الى 48% بالمقارنة مع 1991. ولكن الاجراءات التي اتخذها الرئيس بوتين ادت الى النمو السريع للصناعة الوطنية: فحتى سنة 2008 استعادت البلاد قسما ملحوظا من الخسائر، بحيث بلغ حجم الانتاج 85% من المؤشر السوفياتي الاخير. وفي الربع الاول من سنة 2010 بلغ معدل نمو الانتاج الصناعي في روسيا المرتبة الثانية بين "الثمانية الكبار"، وتقدمت عليها فقط اليابان في هذا المؤشر. وبالرغم من الازمة الراهنة، فإن عددا من الاختصاصيين يتوقعون نموا سريعا للانتاج الصناعي الروسي بمعدل 15 ـ 20% في السنة.
التنويع الاقتصادي
وتحاول روسيا جهدها ان تتخلص من التبعية لتقلبات "مؤشر النفط"، ففي آذار 2016 بلغت المداخيل من قطاع النفط والغاز 34% من الميزانية الروسية، ومن بقية قطاعات الاقتصاد 64%.. وقبل ذلك كانت مداخيل الميزانية من مبيعات الطاقة اكثر من 50%. وبالاضافة الى ذلك زادت روسيا من مبيعات الانتاج من غير الخامات، ونخص بالذكر منتوجات التكنولوجيا الحربية، والطائرات والسفن المدنية، ومنتوجات الانشاءات الميكانيكية، والاسمدة، والطاقة النووية للاغراض السلمية.
احتياطي الذهب بدلا من الدولار
وتواصل روسيا زيادة احتياطها من الذهب، حيث بلغ احتياطي الذهب لاجل دعم العملة الوطنية 343 طنا عام 2000، اما الآن، وبعد فصل الروبل عن الدولار، فقد بلغ الاحتياطي الذهبي 1476 طنا، واحتياط الذهب يضطلع الآن كما في السابق بدور مورد ثابت لمواجهة الازمات، ودور ضامن للاستقلال الاقتصادي للدولة ودعم وتعزيز العملة الوطنية.