ارشيف من :آراء وتحليلات
مولد ’سيدهم’ ترامب!
منذ لقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على هامش فعاليات "فطور الصلاة" السنوي في واشنطن مطلع شباط/ فبراير، ..الى غدائه مع ولي ولي العهد في السعودية محمد بن سلمان الذي كان محل فخر خليجي باعتباره كسرا للبروتوكول والتعامل مع الفتى معاملة قادة الدول، مروراً بمجموعة العشرين وتخليها عن اولوياتها المتعلقة بالمناخ ورفض الحمائية في بيانها، تبدو هناك صورة اقرب للحج الى مولد "سيدهم" ترامب لنيل البركات واستسقاء المدد!
الساعون لترامب بالبيت الابيض جل همهم استمرار المظلة الامريكية للشرعية
ترامب الذي يتحول تدريجيا بفعل الداخل والظروف الدولية وصمود المقاومة الى نسخة مثيلة من باراك أوباما، عاجزة عن إمرار المشروع الامريكي الصهيوني بالمنطقة، لا يملك الا البسمات ولا يملك الا الحصول على القرابين من الحجيج حيث يعجز عن تلبية الدعاء والمدد.
اذا اتجه ترامب الى التصعيد فسيكون حلا لانسداد الآفاق امام جوهر شرعيته وهو الوضع الاقتصادي الداخلي، أما مليارات محمد بن سلمان التي دفعها رشوة لترامب مظنة انها ستكون وقودا لحرب على ايران والمقاومة، فهي على عكس ما يتصور المغيبون والاغبياء، ستكون عونا لترامب على اصلاح وضعه الداخلي وهو ما يجعل الكفة تميل تجاه التهدئة في الملفات الساخنة ولا سيما مع الروس والصينيين، وفي القضايا التي كان ترامب سيلجأ للتصعيد بها بهدف الابتزاز ونيل امتيازات اقتصادية عن طريق المساومة.
على انصار المقاومة ان يشكروا ابن سلمان على دعم المقاومة وتخفيف الضغط عنها من حيث لايدري!
رجل الاعمال الذي يستقبل عملاءه في البيت الابيض مجرد ظاهرة صوتية ومفاصل الحكم ستقود باتجاه خيارات أوباما الاجبارية، الا اذا فشل ترامب في اصلاح الاقتصاد وفقا لبرنامجه وهو امر وارد وسيجعل ذلك تفجّر الاوضاع امراً حتميا ولكن ارتباطه ليس بترامب مباشرة وانما بامريكا ككيان، مهما كان اسم الرئيس.
الساعون لترامب بالبيت الابيض جل همهم استمرار المظلة الامريكية للشرعية متناسين ان شرعية ترامب ذاتها على المحك!
الاقوياء فقط هم من يحترمهم ترامب ولن يستطيع اقتناص شيء منهم الا باللجوء للحرب كخيار اخير، اما الضعفاء والمأزومون والتابعون والأغبياء فهم فريسة ترامب التي سيستنزفها كي لا يقع في محظور الحرب.
ليس على المقاومة ودولها الا الثبات وعدم المهادنة فهو الطريق الآمن للنصر وعليها ترك الاميركيين والصهاينة واتباعهم لتوفيق اوضاعهم باستنزاف بعضهم البعض لترميم شرعية ترامب.
واذا فشل ترميم الشرعية فالحرب حتمية وليكن عنوان المرحلة "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة".
بعد انتهاء الانتخابات الاوربية وتحديد وضع الاتحاد الاوربي ومستقبل العولمة سيظهر جليا الوضع الاميركي ومدى استطاعته ترميم الوضع وبالتالي توجهاته.
مليارات محمد بن سلمان التي دفعها رشوة لترامب ستكون عونا له على اصلاح وضعه الداخلي
اما من يخطط لحلف ناتو عربي بمشاركة الصهاينة فهم ادوات المرحلة الانتقالية لترامب والذي يتلاعب بهم لابتزاز خصومه تارة ولاستنزاف ثرواتهم تارة اخرى، ويعدّهم لمرحلة حقيقية من الحرب كحل اخير ستلجأ اليه اميركا مجتمعة بجمهورييها وديمقراطييها لو تأكدت انها سقطت من قمة العالم لتصبح دولة من الدرجة الثانية.
ما نراه من تصعيد صهيوني في سوريا ومن جولات كوميدية سعودية في آسيا واميركا ومن شطحات اردوغانية كلها تعبيرات عن هزيمة مخزية لمشروع انفقت عليه اموال طائلة وسخرت له طاقات جبارة واعداد لا حصر لها من الارهابيين ومحصلتها النهائية كقبض الريح.
نعم انها هزيمة ولكن شراسة المهزوم وغدره تجعل من الانتباه وتوقع حرب شاملة وجودية امر حتمي.
سوريا في الايام الاخيرة اريد لها ان تتحول لميدان حرب بين السلاحين الامريكي والروسي، ولكن شراسة الرد السوري وجديته والموقف الروسي الحاسم سيجعل من العدوان الجديد امر صعب في صعوبة اتخاذ قرار حرب شاملة.
تهدئة ترامب لن تسمح بالنصر الكامل ولكنها ستجعل من امن الكيان الصهيوني شرطا حتميا للتسوية وعلى المقاومة في هذه المرحلة ان تجعل امن الكيان بالمفهوم الاميركي في كفة وترك المنطقة وتطهيرها من الوكلاء في كفة اخرى الى ان تحين معركة التحرير الكبرى وتتوافر شروطها الموضوعية.
اما ما دون ذلك من تسويات تسمح بان تكون ترتيبات الامن عبر الوكلاء في مناطق امنة او عبر التقسيم فهو انتحار واهدار لتضحيات المقاومين.
امن الوكلاء ليس شرطا حتميا للتسوية الاميركية وعلى المقاومة الثبات وانتزاع هذه الفرصة بالاجهاز سياسيا على المرتزقة ومن يمولونهم وايضا بالاجهاز على المترددين والضعفاء وعدم الرهان عليهم فهم افة العصر وهم بذرة وكلاء جدد!
(*) كاتب عربي من مصر